عادي

مصر.. فطنة طفلة «تغلب وزارة» بقرار قضائي ملزم

19:49 مساء
قراءة 4 دقائق
مصر

أنصفت محكمة مصرية طالبة بالسنة الأولى ابتدائي تقدمت بدعوى ضد وزارة التربية والتعليم؛ وذلك بإلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدي للطفلة مبلغاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً لها عن الأضرار المادية والنفسية التي أصابتها من خطأ الوزارة المتمثل في قيام إحدى المدارس الابتدائية بإجبار الطفلة على إعادة سنة دراسية كاملة على الرغم من نجاحها بها في مدرسة أخرى.
ويأتي إلغاء السنة الدراسية بحجة صغر سنها مما أضاع عليها عاماً دراسياً كاملاً دون وجه حق. وجبراً للضرر الذي تسببت به وزارة التربية، مع اعتبار تقصير والد الطفلة الذي تماهى مع خطأ الوزارة في عدم لجوئه إلى المحكمة لإجبار المدرسة على ترفيعها للصف الثاني الابتدائي في حينها، فيكون مبلغ التعويض خالصاً للطفلة جبراً لخاطرها وهي المتضررة، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات؛ حيث أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً. 
وأثبتت شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا بعدم حصول طعن من وزارة التربية والتعليم على الحكم التاريخي الإنساني الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، وبالتالي فإن الطفلة «ھ.ح.س» انتصرت على وزارة التربية والتعليم، وتم إلزام وزير التربية والتعليم بأن يؤدي للطفلة مبلغاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً لها عن الأضرار المادية والنفسية التي أصابتها من خطأ الوزارة. 
وأكدت المحكمة في حكمها، الذي يستفيد منه آلاف التلاميذ صغار السن الذين التحقوا بالمدارس واجتازوا أولى ابتدائي بنجاح وأرادوا التحويل لمدارس أخرى نتيجة تغيير محل إقامة الأسرة، أن نجاح التلاميذ بأولى ابتدائي يكسبهم مركزاً قانونياً يحظر على التربية والتعليم تعديله أو تغييره أو المساس به، ولا يجوز للمدارس المحول إليها المجادلة في صغر سن الطفل بعد اجتيازه الصف الأول الابتدائي، خاصة أنه لا يجوز معاقبة الطفلة المبدعة لصغر سنها وأن الإبداع أمر ضروري لبناء المجتمعات القادرة على مواجهة التحديات، لا يتقيد ببلوغ التلاميذ سناً معينة عند التحويل، وأن إجبار الطفلة على إعادة قيدها بأولى ابتدائي رغم نجاحها يتناقض مع الأسس العلمية الحديثة والانتقال من مرحلة تعليمية لأخرى يجب أن يقوم على مبدأ الجدارة والتفوق وليس على مبدأ الأقدمية في سن الطلاب وأن حصول الطفلة على شهادتين للنجاح بأولى ابتدائي في عامين دراسيين متتاليين يتصادم مع المنطق القانوني السديد ويشكل قمة الشطط من التربية والتعليم في حق الطفلة.
وأشارت المحكمة إلى أن مقدار التعويض المحكوم به لمصلحة الطفلة، جاء لأن وزارة التربية والتعليم أخطأت في إعادة قيد الطفلة بالسنة الأولى الابتدائي رغم نجاحها فيه في العام السابق، إضافة إلى تقصير والد الطفلة أيضاً الذي لم يلجأ إلى المحكمة لإجبار المدرسة على قبولها بالصف الثاني الابتدائي وانتظر لانتهائها ومن ثم يكون التعويض خالصاً للطفلة، فليس المقصود به الإثراء على حساب مرفق التعليم؛ بل القصد منه إرضاء الطفلة وجبراً لخاطرها الذي نكأته وزارة التعليم كأول مبلغ تحصل عليه في مقتبل حياتها من الوزارة التي اختصها القانون بتولي شؤون التربية والتعليم وأخطأت في حقها بتكرار إعادة للسنة التي سبق لها النجاح فيها بسبب رغبتها في النقل إلى مدرسة قريبة من محل إقامة أسرتها الجديد، بدلاً من المدرسة التي كانت مقيدة بها التي تبعد عنها 94 كيلومتراً، لتعلم منذ الصغر قيم الحق والعدل في بلادها فيكون حافزاً لها على التفوق والنبوغ، فضلاً عن الضرر النفسي والأدبي للطفلة وهي في مقتبل العمر تمثل في ضياع سنة دراسية من عمرها.

وتقدمت الطفلة (6 سنوات) مع أبيها وسط جموع المتقاضين من الحضور الذين اكتظت بهم المحكمة وبمجرد أن نادى الحاجب على اسم والدها باعتباره ولياً على الطفلة، رحب بها القاضي ليخفف من روعها كونها تدخل باب المحكمة لأول مرة، وسألها عن قصتها. فابتسمت التلميذة وقالت للقاضي: «أنا أحب التعليم ومتفوقة في المدرسة وأرسم جيداً.. وهذه لوحات من رسمي.. وكان سني 5 سنوات وعدة أشهر ونجحت وكنت الأولى على مدرستي، لكن والدي نقل إقامتنا، فأردت الانتقال إلى مدرسة قريبة، لكن مدير المدرسة القريبة، قال: أنت سنك صغيرة ويجب إعادة سنة أولى مرة أخرى أو تعودين إلى المدرسة التي قدمتي منها.. لهذا السبب أخبرت والدي للذهاب إلى القاضي».

وحينما أحس القاضي بفطنته أن الطفلة متحدثة ومبدعة وفطنة سألها القاضي: «ما الذي جعلك تنتظرين سنة كاملة وإعادة سنة أولى، لماذا لم تأتِ إلى المحكمة على وجه السرعة حتى نلزم المدرسة بقيدك في سنة ثانية؟»، قالت للقاضي: «لم أرد تحميل والدي مصاريف القضية وهو لا يملك المال.. لكن أنا يا سيادة القاضي جمعت من مصروفي 100 جنيه طوال السنة التي أجبروني فيها أن أعيد سنة أولى مرة أخرى.. وعندما انتهت السنة أخبرت أبي للذهاب إلى القاضي»، فقال لها القاضي انتظري الحكم آخر الجلسة. ونطق القاضي بالحكم لمصلحة الطفلة.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"