عادي
«قارة المستقبل» مهددة بالقحط والفيضانات واختفاء الأنهار الجليدية خلال عقدين

إفريقيا أقل المساهمين في التغير المناخي وأكبر ضحاياه

01:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

كتب: المحرر السياسي
منذ فترة ليست بالبعيدة، توصف القارة الإفريقية بأنها قارة الفرص والمستقبل، وبأنها المساحة الجغرافية الوحيدة الأقرب إلى الطبيعة بسبت تخلفها الصناعي والتكنولوجي، مقارنة بالأقطاب العالمية في القارات الأخرى.

لكن ظهور مشكلة تغير المناخ يطرح على القارة المثخنة بالأزمات والمشكلات تحديات تفوق إمكاناتها، ما يجعلها أكبر المتضرريين من المأساة المناخية، على الرغم من أنها أقل مساهمة فيها ومسؤولية عنها. وقبل أن تكون ضحية التغير المناخي فقط، هي أيضاً ضحية تعتيم الإعلام العالمي الذي لا ينتبه كثيراً إلى ما ينتاب القارة السمراء من كوارث.

مشكلة الاحتباس الحراري التي أصبحت حقيقة شاخصة أمام العالم، تشغل بال المسؤولين وصنّاع القرار الأفارقة بالنظر إلى الثمن الفادح الذي يمكن أن تدفعه القارة المفقرة في العقود المقبلة، لاسيما أن التقارير الصادرة من هيئات عدة تؤكد أن الأوضاع لا تبشر إذا بقي تدهور الأوضاع على حاله. فهذا تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، الصادر أمس الثلاثاء، يرسم صورة قاتمة لقدرة القارة على التكيف مع الكوارث المناخية المتكررة بشكل متزايد، مؤكداً أن الشعور بالاحتباس الحراري وتداعياته أقوى في إفريقيا مقارنة بالمعدل العالمي.

1

ذوبان أنهار الجليد

ووفقاً لأحدث البيانات، كان عام 2020 ثالث أشد الأعوام حرارة في إفريقيا على الإطلاق؛ إذ ارتفعت الحرارة بمقدار 0.86 درجة مئوية عن متوسط درجة الحرارة في العقود الثلاثة التي سبقت عام 2010. أشار تقرير إلى أن التغير المناخي يفاقم من أزمة الجوع في إفريقيا؛ حيث إن ارتفاع درجات الحرارة والطقس الأكثر تطرفاً والتغيرات في هطول الأمطار تدفع الأشخاص للهروب من منازلهم.

وكتب الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس في مقدمة للتقرير «يشير الانكماش السريع لآخر الأنهار الجليدية المتبقية في شرق إفريقيا، والتي من المتوقع أن تذوب بالكامل في المستقبل القريب، إلى خطر حدوث تغيير لا رجعة فيه في النظام البيئي لكوكب الأرض».

ويرجح التقرير، استناداً للمعدلات الحالية، اختفاء جميع مناطق الجليد الاستوائية الثلاثة في إفريقيا، وهي كليمنجارو في تنزانيا وجبل كينيا في كينيا وروينزوريس الأوغندية، بحلول العقد الذي يبدأ في 2040، بينما سيواجه 118 مليون فقير ما يصاحب ذلك من آثار مثل القحط والفيضانات أو الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وربما يؤدي تغير المناخ أيضاً إلى انخفاض ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة بحلول منتصف القرن.

عجز غذائي

وفيما تؤكد مفوضية الاتحاد الإفريقي للتنمية الريفية الزراعية والاقتصاد الأزرق والمناخ المستدام، أن إفريقيا تنفق 45 مليار دولار سنوياً على الغذاء، سيفاقم التغير المناخي العجز، في ظل تأثيرات أصبحت محسوسة بالفعل وسيزيد حجمها إذا لم تسارع الدول والمنظمات إلى اتخاذ إجراءات تحد من الانبعاثات الكربونية العالمية.

ولفت التقرير إلى أنه بصرف النظر عن تفاقم الجفاف في قارة تعتمد بشدة على الزراعة، فقد سُجلت فيضانات عارمة في شرق وغرب إفريقيا في عام 2020، في حين استمر غزو الجراد، الذي كان بكثافات كبيرة تاريخياً قبل عام، في إحداث الفوضى. كما قدر أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء ستحتاج إلى إنفاق ما بين 30 و50 مليار دولار، أو اثنين إلى ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي كل عام حتى تكون قادرة على تجنب عواقب أسوأ.

1

ظواهر طبيعية وحروب

وتشمل التأثيرات المتوقعة ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتغير أنماط سقوط الأمطار وزيادة تغير المناخ. وتؤثر هذه الظروف في إنتاج الطاقة واستهلاكها. كما تدهورت جودة المياه وتوافرها في معظم مناطق القارة. وقالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: إن السيول والفيضانات في جنوب السودان أثرت في أكثر من 700 ألف شخص وأنحت باللائمة على تغير المناخ في أسوأ سيول تجتاح هذا البلد منذ نحو 60 عاماً.

وبصورة أسوأ من أي منطقة في العالم، يسهم تغير المناخ في إفريقيا بشكل كبير في تفاقم ظاهرة تحركات السكان غير النظامية وغير المستقرة، والتي قد يكون بعضها داخلياً، ولكن آثارها قد تمتد إلى خارج الحدود الوطنية أو في حالة الكوارث الطبيعية الأكثر خطورة والتي تؤدي إلى نقص الموارد بطريقة حادة، وفي هذه الحالة تنتج عنه تدفقات جماعية للسكان خارج الحدود الوطنية للدول. وفي أحيان كثيرة فإن هذه التغيرات تكون من أشد العوامل تأثيراً في اندلاع الحروب والصراعات، لا سيما في الدول التي تشكو ندرة الماء والغذاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"