المواطنة الرقمية.. رؤية إماراتية

00:07 صباحا
قراءة 4 دقائق

علياء الياسي

إن مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة يتسم بسمات وسلوكيات مميزة اقتداء بإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والمستمدة من الدين الإسلامي والأصالة العربية والعادات والتقاليد الإماراتية، والتي من شأنها تعزيز مفهوم المواطنة الصالحة وإبراز الصورة الإيجابية والمنفتحة على الثقافات والشعوب والمساهمة في نهضة الإمارات ورفع راية الوطن خفاقاً وتعزيز سمعتها داخلياً وخارجياً وخلق بيئة جاذبة لبني البشر من كل أنحاء العالم للعيش المشترك بسلام وازدهار وتواصل بناء على هذه الأرض.

ولعبت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومتها الرشيدة دوراً محورياً في صقل هذه السلوكيات والصفات القائمة على احترام التعددية الثقافية والانسجام مع الآخرين والتسامح وحفظ الحقوق خلال الخمسين عاماً الماضية في الإنسان والذي يتصدر قائمة أولوياتها ويعتبر محور العملية التنموية المستدامة؛ حيث أطلقت وثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي والتي تهدف إلى تنشئة جيل واع بمسؤولياته وواجباته تجاه وطنه وأسرته ومجتمعه، وتضم أهم الخصائص والمهارات التي ينبغي أن يتحلى بها المواطن الإماراتي ليعكس علامته الوطنية العالمية خلال تمثيل الإمارات في المحافل والمنظمات الدولية والمشاركة الفعالة في المبادرات والأنشطة الوطنية والتخصصية أو تلك المتعلقة بالمسؤولية المجتمعية والتي تسهم بدورها في تنمية الروح الوطنية لدى أفراد المجتمع وتعزيز التلاحم الوطني والمجتمعي.

ومع الانفتاح التقني والتقدم الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة في تقارير التنافسية العالمية والدراسات المتخصصة فقد تصدرت الإمارات قائمة الدول الأكثر استخداماً للإنترنت وانتشار قنوات التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع بنسبة 99%، ومع سهولة استخدام قنوات العالم الافتراضي حدد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، 10 صفات أساسية للشخصية الإماراتية على وسائل التواصل الاجتماعي، ليكونوا سفراء مسؤولين عن تمثيل أنفسهم وأسرهم ووطنهم خير تمثيل وأن يتحلوا بعلامتهم الوطنية التي تبرز مهاراتهم في تطبيق مفهوم المواطنة الرقمية من خلال استخدام موارد الإنترنت بشكل مسؤول يعكس المستوى اللائق الذي وصلت إليه الإمارات، والتمييز بين المعلومات الحقيقية والمعلومات الزائفة والابتعاد عن الشتائم والتنمر وكل ماهو مسيء، ومحاربة سرقة الملكية الرقمية وتعزيز التواصل الإيجابي والالتزام بالتعاون الجماعي ونشر المعرفة للجميع.

وتتلخص السمات العشر للشخصية الإماراتية على وسائل التواصل الاجتماعي بشخصية تمثل صورة زايد وأخلاق زايد في تفاعلها مع الناس، وتعكس الاطلاع والثقافة والمستوى المتحضر الذي وصلته الإمارات، وتبتعد عن السباب والشتائم وكل ما يخدش الحياء في الحديث، وشخصية علمية.. تستخدم الحجة والمنطق في الحوار، وتقدر الكلمة الطيبة.. والصورة الجميلة.. والتفاعل الإيجابي مع الأفكار والثقافات والمجتمعات، وشخصية نافعة للآخرين بالمعلومة وناشرة للأفكار والمبادرات المجتمعية والإنسانية التي يزخر بها الوطن، ومندمجة مع محيطها العالمي.. تتحدث لغته.. وتتناول قضاياه.. وتتفاعل إيجابياً مع مستقبله، شخصية واثقة من نفسها.. تتقبل الاختلاف وتبني جسوراً مع غيرها من الشعوب، شخصية تعكس تواضع الإماراتي وطيبته ومحبته للآخرين وانفتاحه على بقية الشعوب، وتعشق وطنها.. وتفتخر به.. وتضحي من أجله.

وفي سبتمبر من العام الحالي، أطلقت حكومة الإمارات وثيقة مبادئ الخمسين التي شملت 10 مبادئ حددت التوجه الاستراتيجي للخمسين عاماً المقبلة. وركز المبدأ السابع في الوثيقة على أن التفوق الرقمي والتقني والعلمي للإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية، وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة العالمية للمستقبل، وجاء في المبدأ الثامن بأن منظومة القيم في الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية، وستبقى الدولة داعمة عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والمنظمات العالمية الداعية للأخوة الإنسانية والانفتاح والسلم.

ولا يسعنا إلا أن نشير إلى قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب، التي انطلقت من دبي في 2015؛ حيث كانت الحدث الأول والأكبر من نوعه في المنطقة لمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي العرب وممثلي شركات التواصل الاجتماعي في العالم. وطرحت القمة في نسخها السابقة عدداً من الأفكار الجديدة والمبتكرة بهدف توظيف منصات التواصل الاجتماعي وتعزيز دور المؤثرين في خدمة مجتمعاتهم من خلال تغذية صفحاتهم برسائل إعلامية واستراتيجية هادفة وذات قيمة مضافة.

دولة الإمارات العربية المتحدة لديها سمات وأخلاقيات ومرتكزات نابعة من هويتها الوطنية، وهذه فرصة لإطلاق مبادرة من الإمارات إلى العالم تتمثل في إطلاق وثيقة تضم سمات وأساسيات صناعة المحتوى الهادف ومهارات المواطنة الرقمية والطلاقة الرقمية لتبدأ من رواد التواصل الاجتماعي إلى مجتمعاتهم منبثقة من قيم سلوكيات المواطن الإماراتي والصفات ال10 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.. تحمل في طياتها التسامح والتعايش السلمي واحترام التعددية الثقافية ونشر المعرفة وتبادل الخبرات والتعاون الافتراضي والعمل الجماعي ودعم بعضنا البعض من دون تمييز، وإبراز الإنجازات والمشاريع التنموية والمساهمة في ازدهار البشرية جمعاء.

.. هذه دعوة للانطلاق من الإمارات إلى العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية إماراتية وكاتبة، وباحثة وخبيرة في الاتصال الاستراتيجي. حاصلة على درجة الماجستير في الإعلام من جامعة زايد، شغلت منصب مدير إدارة الاتصال الحكومي في عدد من الجهات الحكومية منها المجلس الوطني للإعلام، وزارة الطاقة، ووزارة العدل. عملت أستاذة جامعية في كلية الإعلام وعلوم الاتصال بجامعة زايد. أصدرت كتابها الأول "هويتنا الإعلامية .. من صحيفة الفريج إلى الصحافة العالمية" في العام 2011.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"