محاولة اغتيال العراق

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

محاولة الاغتيال التي تعرض لها صباح أمس، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بواسطة طائرة مسيّرة، لا تستهدفه في الحقيقة كشخص فقط، إنما تستهدف اغتيال العراق، وإدخاله مجدداً في أتون الحرب الأهلية، وإثارة فتنة لا تبقي ولا تذر، وتقضي على ما تبقى من عافية لهذا البلد العربي المنكوب بسياسييه ومعظم أحزابه وميليشياته، من جراء بلاء الطائفية والمحاصصة الذي زرعه الاحتلال الأمريكي، واستهوى بعض القوى التي اعتبرته مغنماً لا تتنازل عنه، ووسيلة تمارس من خلاله كل أساليب الهيمنة والسيطرة والفساد.
 أن تبادر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إدانة هذا العمل الإرهابي الذي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في العراق الشقيق، وبما يتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، وتعرب عن تضامنها ووقوفها إلى جانب العراق في مواجهة الإرهاب، إنما تعبر بذلك عن حقيقة ساطعة، وهي أن كل عمل إرهابي هدفه ضرب الأمن والاستقرار، وإثارة الفتن، لأنه ينطلق أساساً من مفهوم يتعارض مع كل دين أو قيمة أخلاقية وإنسانية. ومن هذا المنطلق أيضاً جاءت الإدانات الواسعة من مختلف الدول العربية ودول العالم لهذه المحاولة.
 إن الذي دبر وخطط ونفذ هذا العمل الإرهابي لا يريد خيراً للعراق بالتأكيد، وهو متربص للانقضاض عليه، مستغلاً الأزمة السياسية المستفحلة من جراء الانتخابات الأخيرة التي لم ترق نتائجها لقوى سياسية اعتبرتها «مزورة»، وهددت بالويل والثبور إذا لم يتم تعديل النتائج لصالحها أو إجراء الانتخابات من جديد. هذه القوى التي ترفض الالتزام بالخيار الشعبي، وبأبسط أسس الديمقراطية، إما هي شريكة بما حصل أمس، وإما هي فتحت الباب على مصراعيه للقوى الظلامية المتربصة بالعراق، وما زالت تشكل خطراً داهماً عليه، وهي لا تتواني عن القيام بأعمال إرهابية في غير مكان داخل العراق، باستهداف المدنيين وقوات الأمن والمنشآت الاقتصادية وأبراج الكهرباء.
 رد فعل الكاظمي على محاولة اغتياله، تجاوز شخصه، مؤكداً أن «الصواريخ لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق، ووضع القانون في نصابه». في حين وصف رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر محاولة الاغتيال ب «الإرهابية»، وهي «استهداف واضح وصريح للعراق وشعبه، وإرجاعه إلى حالة الفوضى لتسيطر عليه قوى اللادولة».
 لعل هذه المحاولة الإرهابية تفتح أعين العراقيين وتبقيهم في حالة يقظة وحذر تجاه ما يهدد وطنهم من مخاطر تريد للعراق أن يتذرر، ويدخل في نهر من الدم، أو أن يتحول إلى لقمة سائغة في أشداق المتربصين به شراً والطامعين بثرواته. إذ يكفي ما أصاب العراق طوال سنوات النار والدم والدمار، وهو لمّ يزل يعاني نتائجها وآثارها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"