حراك متعدد الوجوه في سوريا

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

يشهد الشمال السوري ومناطق شرقي نهر الفرات، على وجه الخصوص، حراكاً متعدد الوجوه والاتجاهات، يبدأ من التصعيد العسكري عبر التهديد التركي بشن عملية جديدة ضد المناطق الكردية، ويمر بالحوار الأمريكي الروسي الذي يعقد جلسة ثالثة في جنيف بعد أيام، وصولاً إلى الجانب السياسي المتعلق بإمكانية إطلاق حوار بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والحكومة المركزية في دمشق.
 هذه العناوين المتشابكة ما هي إلا نتاج تعقيدات الملف السوري المفتوح منذ نحو عشر سنوات على كل الاحتمالات، لكن من الواضح أن ثمة مؤشرات حلحلة أكثر جدية تلوح في الأفق هذه المرة، منها ما يدور حول «حوار سري» أمريكي روسي، حيث تشير التقارير إلى عقد جلسة رسمية الأسبوع المقبل في جنيف بين مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكجورك، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرجي فرشينين، والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف، في محاولة لوضع أرضية مشتركة تجنب الطرفين صداماً دبلوماسياً في مجلس الأمن مع اقتراب موعد التمديد للقرار الدولي الخاص بالمساعدات الإنسانية بداية العام المقبل، وكذلك تفادي الصدام مع تشابك الوضع العسكري في شمال شرقي سوريا، في ظل التهديدات التركية بشن عملية جديدة ضد المناطق الكردية، ونشر مروحيات وطائرات حربية روسية في مناطق القامشلي والرقة وتوسيع نشر الدوريات ونقاط المراقبة الروسية، وأيضاً استقدام تعزيزات عسكرية للجيش السوري بهدف منع القوات التركية من التوغل مجدداً في تلك المناطق. 
 ويبدو أن هذه الجولة من الحوار ما هي إلا استكمال لجولتين سابقتين عقدت أولاهما في يوليو/تموز الماضي واتفق خلالها على مسودة قرار تمديد المساعدات على مرحلتين، الأولى لمدة ستة أشهر، والثانية وافقت عليها روسيا شفهياً وستظل خاضعة للتقييم، وذلك بعد تقديم تنازلات متبادلة من الطرفين. وفي سبتمبر/أيلول عقدت الجولة الثانية من حوار ماكجورك - فرشينين ولافرنتييف تم خلالها بحث تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق واستثناء إصلاح ومرور خط الغاز العربي في الأراضي السورية الآتي من مصر والأردن إلى لبنان من «قانون قيصر»، إلى جانب تثبيت خطوط وقف إطلاق النار والعمل على دفع العملية السياسية. 
 ولم يتوقف الحراك الروسي الأمريكي عند هذا الحد، فهناك اتصالات بين الجانبين جرت على مستوى رئيسي الأركان، وأخرى على مستوى مسؤولي الاستخبارات، لكن المهم أيضاً وسط كل هذا الحراك الإشارة إلى مساعٍ تقودها موسكو لإطلاق حوار بين «قسد» ودمشق، وإن كانت قد صدرت إشارات متضاربة عن الجانب الكردي بسبب خلافات داخلية. ويبدو أن موسكو لا تزال تمسك بزمام هذا الحوار، حيث استقبلت في الآونة الأخيرة أكثر من وفد كردي، ربما على خلفية توسع نفوذها ودورها في الشرق السوري مقابل انكفاء أمريكي، ومخاوف كردية من أي تحول مفاجىء في الموقف الأمريكي.
 لكن السؤال هو إلى أي مدى يمكن لموسكو أن تنجح في التوصل إلى تسوية بين الأكراد ودمشق، في ظل انقسامات «قسد» واستمرار رهانات بعض أطرافها على الجانب الأمريكي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"