البحر الأسود.. نقطة ملتهبة

01:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كان البحر الأسود على مر التاريخ ساحة صراع إقليمية ودولية، فهو في منطقة جغرافية متشابكة الجغرافيا الجيوسياسية والمصالح؛ إذ تحيط به ست دول، هي: روسيا، تركيا، رومانيا، بلغاريا، أوكرانيا وجورجيا، وهي دول متضاربة المصالح والعلاقات السياسية والعسكرية.

وقد اكتسب البحر الأسود في السنوات الأخيرة، أهمية متزايدة خاصة في ظل الصراع الدائر بين روسيا من جهة، وكل من الدول الغربية والولايات المتحدة وتركيا وحلف الناتو من جهة أخرى، جراء الخلافات المحتدمة بين الجانبين حول أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

شهد البحر الأسود قبل 168 عاماً ما عرف ب«حرب القرم العالمية» التي استمرت ست سنوات، جراء الصراع على مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين يتحكمان بهذا البحر، وشاركت فيها تركيا وبعض الدول الأوروبية، إلا أن الصراع اليوم يأخذ شكلاً آخر، وأسباباً أخرى، وتشارك فيه دول أخرى وأحلاف عسكرية لم تكن موجودة يومها، إضافة إلى أسلحة جديدة متطورة وأكثر تدميراً.

لقد أثارت المناورات العسكرية لدول حلف الناتو في البحر الأسود والتي شاركت فيها قوات بحرية وجوية، بمشاركة طائرات استراتيجية، على خلفية الصراع بشأن كرواتيا، والحديث عن حشود عسكرية روسية على حدود هذا البلد، حفيظة روسيا، التي اعتبرت هذه المناورات «استفزازية» و«تهدد الأمن الإقليمي والاستقرار الاستراتيجي»، كما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه المناورات بأنها تمثل «تحدياً خطِراً لروسيا»، لكنه خفف من حدة رد روسيا بالقول إن «الرد بالمثل ليس أسلوباً مناسباً»، إلا أنه نفى بشدة التبريرات الغربية لهذه المناورات بالقول: «هناك مزاعم عن نية روسيا غزو أوكرانيا عسكرياً»، مشدداً على بطلان هذه «الادعاءات».

تكتفي روسيا حتى الآن بمراقبة هذه المناورات، وتقوم سفنها الحربية وطائراتها بمتابعة تحركات السفن والطائرات الغربية، وتعتبر أن المناورات استعراض قوة على حدودها في محاولة لاستفزازها وتخويفها. لكن ماذا لو حدث سوء تقدير في الحسابات لدى كل من الطرفين؟

قائد الجيش البريطاني الجنرال نيك كارتر يبدي خشية من تحول التصعيد من خلال المناورات إلى صدام حقيقي، وقال في حديث لشبكة «سي أن أن»، الأمريكية إنه «ينبغي مراقبة التوتر بين روسيا والغرب جيداً» وحذر من أن يقود التوتر «إلى حرب عرضية»، وقال: «هناك خطر أكبر من أن يؤدي التصعيد إلى سوء تقدير».

إن نهج روسيا في التعامل مع البحر الأسود يعتمد على تاريخ طويل من المواجهة مع القوى الكبرى في أوروبا، وعلى التنافس الجيوسياسي مع تركيا؛ إذ ترى موسكو أن منطقة البحر الأسود حيوية لاستراتيجيتها الجغرافية والاقتصادية، لأنها تشكل مدخلاً إلى المياه الدافئة؛ حيث البحر المتوسط وما وراءه، سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، بمعنى آخر هو شريان حياة لها في مجال الأمن والطاقة والتجارة والاقتصاد، لذلك تحرص على أن لا تخرج مسألة حماية مصالحها الاستراتيجية من يدها مهما كلفها ذلك من ثمن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"