تحديات مبكرة للانتخابات في ليبيا

00:24 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

اكتملت الصدمة التي أحدثها قيام سيف الإسلام معمر القذافي بتسليم أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وقبول المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في مدينة سبها لتلك الأوراق فور استلامها منه يوم الأحد الماضي، بإعلان المشير خليفة حفتر ترشحه هو الآخر لخوض هذه الانتخابات الرئاسية. قبل أن يعلن حفتر عن ترشحه تفجرت أعمال شغب رافضة خوضه معركة الانتخابات الرئاسية لمنعه من الإقدام على اتخاذ هذه الخطوة، في ظل وجود توقعات مؤكدة كانت تقول إن قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس النواب جرى تفصيله على مقاس خليفة حفتر، وخاصة المادة (12) التي تنص على «إمكان ترشح أي شخص عسكري أو مدني بشرط التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم ينتخب فإنه يعود لسابق عمله»، ولذلك قام حفتر بتكليف رئيس أركان الجيش الوطني الليبي الفريق أول عبد الرزاق الناظوري بمهام منصب القائد العام للجيش لمدة ثلاثة أشهر، حتى موعد الانتخابات.

لم تنتظر الميليشيات المسلحة في مناطق الغرب الليبي إقدام خليفة حفتر رسمياً على تقديم أوراق ترشحه، ولكنها تحركت في ذات يوم قبول مفوضية الانتخابات في سبها أوراق ترشح سيف الإسلام القذافي لمنع حفتر من الترشح ولإسقاط قبول مفوضية الانتخابات في سبها أوراق ترشح سيف الإسلام، حيث هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لوزارة الدفاع التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة مقر مفوضية الانتخابات بمدينتي زليطن والخمس، وطردت الموظفين بقوة السلاح في أول استجابة من نوعها لتحريض خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس على مهاجمة مقار المفوضية وعرقلة عملها، ما يعني أن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري يعارضان دخول كل من سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر معترك التنافس على رئاسة ليبيا.

واكتمل الرفض الرسمي لترشح سيف الإسلام القذافي بالرسالة التي وجهها مكتب المدعي العام العسكري للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات يطالب فيها «بوقف ترشح كل من سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر إلى حين امتثالهما للتحقيق فيما أسند إليهما من اتهامات».

ما يخص خليفة حفتر مازال في حدود الاتهامات التي يمكن الطعن فيها، لكن الأمر أشد قسوة ووضوحاً بالنسبة لسيف الإسلام القذافي الذي سبق أن صدر بحقه حكم بالإعدام رمياً بالرصاص عام 2015 لتورطه بارتكاب «جرائم حرب» لقمع انتفاضة عام 2011 ضد والده معمر القذافي، لكن الحكم لم ينفذ وقتها، حيث قامت المجموعة التي كانت تحتجزه بإطلاق سراحه وفقاً لقانون «العفو العام» الصادر عام 2017 من البرلمان الليبي، لكن إطلاق سراحه لم يخضع لإجراءات قضائية حددها قانون العفو العام، إذ لم تصدر وزارة العدل أو المحكمة العليا أي قرارات رسمية ترفع هذا الحكم. إلى جانب ذلك ما زالت مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية سارية المفعول، حسب ما صدر عن المتحدث باسم المحكمة بأن «وضعية سيف الإسلام القذافي في المحكمة لا تزال كما هي.. هو مطلوب وفقاً للمذكرة التي صدرت عام 2011».

تحريك مثل هذه الدعاوى لدى أركان الحكم الحالي بهدف عدم تمكين أي من خليفة حفتر أو سيف الإسلام القذافي من خوض معركة الانتخابات الرئاسية، حيث أعلن خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة «احتمال تأجيل موعد الانتخابات إلى ثلاثة أشهر للتوافق على قوانينها»، مشيراً إلى أن القضاء الإداري له صلاحيات النظر في الطعون المتعلقة بقرارات مفوضية الانتخابات، لافتاً إلى وجود «طعون مقدمة لدى القضاء الإداري للفصل في هذه القرارات». أما الدبيبة فقد أعلن في مؤتمر صحفي عقده في باريس عقب انتهاء أعمال «مؤتمر باريس» الخاص بليبيا الأسبوع الماضي، أنه «لو تمت العملية الانتخابية بشكل نزيه وتوافقي بين كل الأطراف سأسلم السلطة للجهة المنتخبة من كل الشعب الليبي»، ما يعني أنه يضع شروطاً مسبقة لتسليم السلطة والقبول بنتائج الانتخابات المحتملة.

مؤشرات مقلقة تتعارض مع ما عبرت عنه القوى الدولية من مواقف سواء في مؤتمر باريس الأخير أو ما سبقه في نيويورك وجنيف وبرلين من مواقف تطالب بإجراء الانتخابات في موعدها وتحذر بمعاقبة من يقوم بإعاقتها. فكيف سيكون موقف هذه القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة التي أعلن سفيرها في ليبيا ريتشارد نورلاند «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها دون أي جدل»، مضيفاً أنه «لن يكون هناك عفو أو تسامح لمن يفكرون في عرقلة الانتخابات».

تحذيرات صريحة تكشف مدى المأزق الذي يواجه مستقبل الاستقرار في ليبيا وليس فقط إجراء الانتخابات والصراع عليها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"