عادي

نقص البنى التحتية للطاقة

22:45 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

خلقت أزمة المناخ وعياً تاماً بالتاريخ، فالقرارات التي اتخذها البشر في الماضي لا يخفى أثرها البالغ والحاسم على الحاضر، وما نفعله في الحاضر قد يترك أثراً بالغاً وحاسماً على مستقبلنا، ولا يخفى كذلك أنه يصعب علينا التخلص من ماضينا ونحن لا نزال، حتى الآن، نسلك في الغالب المسارات السلوكية ذاتها التي سلكناها سلفاً، وبالرغم مما سبق، فإن مكافحة تغيُّر المناخ تتطلب تغيرات سريعة وواسعة وغير مسبوقة في جميع جوانب المجتمع.

من اللافت للنظر أن تتبُّع أصول الاقتصاد المعتمد على الوقود الأحفوري وازدهار صناعة السيارات القائمة على البنزين يؤدي بنا إلى أحجية، فمن غير المعروف للكثيرين أن السيارات الكهربائية، بل والبخارية، كانت تنافس بالفعل بقوة للهيمنة على السوق مطلع القرن العشرين، لا سيما في أمريكا، حيث كانت السيارات التي تعمل بالبنزين في عام 1900 لا تمثل سوى 20 % فقط من السيارات المُنتَجة، أما النسبة المتبقية فكانت موزعةً بين المحركات الكهربائية والبخارية.

وفي دراسة نُشرت حديثاً في دورية «نيتشر إنيرجي»، سعينا لفهم الأسباب التي أدت إلى سطوع نجم السيارات التي تعمل بالبنزين بدلاً من السيارات الكهربائية، يتمثل التفسير الأول في أن المركبات الكهربائية كانت أغلى تكلفةً وأقل جودةً من الناحية الفنية، لكننا اكتشفنا، مستعينين ببيانات متعلقة بأكثر من 36000 طراز من طرازات السيارات الأمريكية التي صُنِّعَت خلال الفترة بين عامي 1895 و1942، أن المركبات الكهربائية كانت أعلى تكلفةً، لكن ليس بالمقارنة بأدائها. فالسيارات الكهربائية الأولى كانت أخف وزناً وأقل حجماً بمقاييسنا الحالية، ما سمح لها بأن تقطع ما متوسطه حوالي 90 ميلاً في الشحنة الواحدة خلال العقد الثاني من القرن العشرين.

لماذا إذاً فضَّل المستهلكون السيارات المعتمدة على البنزين؟

لقد أفضى بنا تحليلنا إلى الأهمية البالغة التي تمثِّلها البنية التحتية، والتي توافرت للسيارات الكهربائية في مرحلة متأخرة للغاية، ووجدنا أن محدودية سبل الحصول على الكهرباء اضطرت منتجي السيارات الكهربائية إلى قصر إنتاجهم على المناطق الحضرية فقط، واختار مصنعو السيارات التكنولوجيا بناءً على الظروف التي كانت سائدةً في أوائل القرن العشرين، بالرغم من التوسُّع الذي شهدته شبكة الكهرباء في العقود التالية، فإن هذا التوسّع لم يؤدِّ إلى تحوُّل في القوة الدافعة المستخدَمة لتشغيل السيارات، ولم يبدأ العقد الثاني من القرن العشرين إلا وقد صارت صناعة السيارات، بصورة أساسية، مقتصرةً على خيار التكنولوجيا ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة.

صحيح أن كهربة صناعة السيارات توسعت في مرحلة مبكرة، لكن أغلب الأسر المعيشية لم تكن تتوافر لديها خدمات الكهرباء، أو كانت الخدمات دون المستوى، وذلك بحلول ثلاثينات القرن العشرين.

هانا نيلسون - سيانتفيك أمريكان

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"