تداعيات الحرب الهجينة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تعتبر أوكرانيا نفسها في قلب حرب هجينة تخوضها روسيا بطريقة منهجية للسيطرة عليها وإخضاعها لنفوذها وتدمير سيادتها الوطنية، كما يعتبر قادة دول البلطيق الثلاث بلادهم ضحية أخرى لهذه الحرب التي تشنها موسكو لإبعاد الوجود العسكري الأطلسي عن حدودها الموروثة من انهيار الاتحاد السوفييتي السابق.

والحرب الهجينة أو ما يعرف بالتهديدات الهجينة هو اصطلاح معاصر نوعاً ما، شق طريقه بسرعة إلى مطابخ صناعة القرار العسكري ومراكز الدراسات والبحوث السياسية في العالم، ويطلق عليه أيضاً اسم الحرب أو التهديدات التماثلية. ويعرف صانعو الاستراتيجيات العالمية هذه الحرب بأنها عبارة عن نشاطات خفية وقابلة للإنكار تدعمها قوات عسكرية تقليدية أو نووية بغرض إحداث أكبر قدر من التأثير السلبي في السياسات الداخلية والخارجية للدولة المستهدفة، أو حتى الإطاحة بالنظام.

وتستخدم الحرب الهجينة وسائل وتكتيكات عديدة من بينها التخريب اللاعنفي على شاكلة الاختراقات السيبرانية أو التحركات العنيفة الخفية والحرب التقليدية المدعومة بالتخريب عبر تقديم الدعم العسكري والسياسي لوكلاء محليين. وكل هذه الأنشطة عبارة عن عمليات حربية مدمرة وهي في نفس الوقت قابلة للإنكار.

وكان المقدم في الجيش الأمريكي بيل نيميث، أول من وصف هذه الحرب بأنها «نموذج عصري لحرب العصابات الحديثة». ويقول دافيد كلكيولن مؤلف كتاب «حرب العصابات العرضية»، إن الحرب الهجينة هي أفضل تعبير وتفسير للنزاعات الحديثة والمعاصرة كونها تتضمن مزيجاً من الحرب الأهلية وغير النظامية وأعمال التمرد والإرهاب. ويوضح الباحث الأمريكي نايثان فراير أكثر بالقول إنها الحرب التي تستخدم فيها مجموعة ما اثنين أو أكثر من الأساليب الهجومية المتمثلة في الحرب التقليدية أو غير النظامية أو الإرهاب الكوارثي أو التنكولوجيا.

وتقول أوكرانيا إن روسيا لا تزال تستخدم هذه التكتيكات، وهو نفس ما تقوله دول البلطيق الثلاث وخاصة لتوانيا ولاتفيا التي تستضيف اليوم اجتماعاً لوزراء خارجية دول حلف الأطلسي لمناقشة أزمة المهاجرين بين بولندا وبيلاروسيا، بالإضافة إلى الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.

لكن المشكلة أن ما تريده أوكرانيا ودول البلطيق وما يمكن أن يقدمه «الناتو» أمران مختلفان. فأوكرانيا تتهم روسيا بالتحضير لاجتياح عسكري شامل بعد سيطرتها على جزيرة القرم وهي تعتبر أن تحويل أراضيها إلى قاعدة عسكرية متقدمة لحلف شمال الأطلسي يمكن أن يوفر الحماية ويلجم النزعة التوسعية الروسية. بينما يعتبر قادة «الناتو» أن بإمكانهم إدارة الأزمة مع روسيا عبر منظومة من الحوافز والتهديدات من دون المخاطرة بدخول حرب شاملة غير مأمونة العواقب. وبحسب قادة الحلف فإن تزايد الوجود العسكري الأطلسي على حدود روسيا يمكن أن يقود إلى رد فعل متهور.

من جانبهم يعتبر قادة الكرملين أن احتمالية نشوب حرب تقليدية ضد روسيا آخذة في التناقص، وأنه ينبغي على موسكو تحسين قدراتها في الحروب المختلطة للاستعداد بشكل أفضل للمستقبل. ويقول هؤلاء إن أمريكا قادت الغرب في حرب مختلطة مستمرة ضد روسيا وإنهم في صراع دفاعي ضد محاولتهم للسيطرة على العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"