عادي

«العدو الغامض» يكتب السطر الأخير في حياة وائل الإبراشي

17:29 مساء
قراءة 4 دقائق
4

إعداد – محمد ثروت

لم يكن الإعلامي الراحل وائل الإبراشي يخطط في بداية مشواره المهني لأن يكون صحفياً أو إعلامياً شهيراً، ولكن مسيرته التي انتهت بوفاته أمس الأحد، كانت حافلة بالنجاحات التي لم يكن يتوقعها هو شخصياً.

وأصبح وائل الإبراشي أحدث ضحايا الإصابة بفيروس «كورونا» المستجد، الذي أدى إلى وفاة العديد من المشاهير في مصر، وأبرزهم الفنان سمير غانم، وزوجته دلال عبد العزيز، والفنان هادي الجيار، والفنانة رجاء الجداوي، والمستشارة تهاني الجبالي.

ولم يدرس وائل الإبراشي، الذي توفي عن عمر ناهز 58 عاماً، الصحافة والإعلام، حيث تخرج من كلية التجارة، إلا أن العمل الصحفي أغراه كثيراً، بعد فشل محاولات السفر إلى الخارج.

بداية المشوار الصحفي

وبالفعل، طلب الإبراشي، وهو من مواليد مركز شربين بمحافظة الدقهلية، وساطة بعض الصحفيين الكبار في العمل بالصحافة، وبدأ مشواره بالفعل في مجلة «روز اليوسف»، الأسبوعية المصرية، وانطلق بعدها ليصبح رئيس تحرير جريدة صوت الأمة، ثم جريدة النهار.

ولم يسلم وائل الإبراشي من الملاحقات القضائية خلال عمله الصحفي، بسبب القضايا الساخنة التي كان يطرحها على صفحات جريدة صوت الأمة تحديداً، وبالفعل وقف أمام المحكمة في عام 2010، في قضية تتعلق بتحقيق حول وزارة المالية في عهد الوزير الأسبق يوسف بطرس غالي.

تألق وائل الإبراشي على الشاشة

وفي ظل صيته الذي لمع سريعاً، تحول الصحفي إلى التألق على شاشات التلفزيون، مع طفرة القنوات الفضائية في السنوات الأخيرة، وبدأ العمل في قناة دريم، في برنامج «الحقيقة»، على شاشة قناة «دريم»، التي شهدت تألقه كمذيع يجيد المحاورة وعرض القضايا الساخنة.

وفي خطوة أخرى، تولى وائل الإبراشي تقديم برنامج «العاشرة مساءً»، خلفاً للإعلامية الشهيرة منى الشاذلي، التي انتقلت إلى قناة سي بي سي، وأخيراً ظهر الإبراشي على شاشة القناة الأولى المصرية من خلال برنامج «التاسعة»، إلا أن ظهوره لم يدم طويلاً.

مواقف وطنية

واشتهر وائل الإبراشي بمواقفه الوطنية الداعمة للدولة المصرية في مواجهة التنظيمات المتطرفة والإرهابية، وعلى رأسها جماعة «الإخوان»، وهو ما دفع أنصارها إلى الشماتة في وفاة الإبراشي، من خلال تغريداتهم وتعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر».

ودفع ذلك دار الإفتاء المصرية إلى نشر فتوى، قالت فيها إن الموت ليس مناسبة للشماتة ولا لتصفية الحسابات، بل هو مناسبة للعظة والاعتبار، ودعت ألا يضع الإنسان نفسه خازناً على الجنة أو النار.

وأضافت بقولها: «تعليق بعض شباب السوشيال ميديا على مصائر العباد الذين انتقلوا إلى رحمة الله تعالى ليس من صفات المؤمنين، ولا من سمات ذوي الأخلاق الكريمة، بل يزيد الأمر بعداً عن كل نبل وكل فضيلة أن تُشْتَمَّ في التعليق رائحة الشماتة وتمني العذاب لمن مات، فهذا الخُلق المذموم على خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان حريصاً على نجاة جميع الناس من النار».

وتابعت: «إذا لم تُسعفْكَ مكارم الأخلاق على بذل الدعاء للميت والاستغفار له فلتصمت ولتعتبر، ولتتفكر في ذنوبك وما اقترفته يداك وجناه لسانك»، مضيفة بالقول، «إنما نحن جنازات مؤجلة فميت الغد يشيع ميت اليوم، ورحم الله من قضى نحبه، وأسبل ستره وعافيته على من بَقِي».

المعركة الأخيرة

وكانت المعركة الأخيرة لوائل الإبراشي مع فيروس «كورونا»، إلا أنه خسرها بعد كفاح طويل استمر ما يزيد قليلاً عن العام.

ودخل الإبراشي المستشفى في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد إصابته بفيروس «كورونا»، وظل فيها لمدة 3 أشهر، حيث عانى من تليف في الرئة، وصلت نسبته إلى 60%، بحسب ما أكده الدكتور مجدي عبد الحميد، مدير مستشفى الشيخ زايد التخصصي.

وظلت الشائعات تحاصر الإبراشي؛ حيث كانت تنتشر أنباء وفاته بين الحين والآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما أثر بالسلب على حالته النفسية، إلى أن توفي مساء التاسع من يناير/كانون الثاني، لينعيه الكثير من الإعلاميين والصحفيين والفنانين، وكذلك المواطنون المصريون الذين أشادوا بدوره الوطني في الدفاع عن الدولة المصرية.

بكاء صديق العمر على الهواء

وكان آخر ظهور لوائل الإبراشي على شاشات التلفزيون منذ أشهر قليلة، خلال مداخلة مع الإعلامي يوسف الحسيني.

وقال الإبراشي إنه يشعر أنه بصحة جيدة، ووصف «كورونا» بأنه «عدو غامض»، نتيجة الالتهابات التي يصيب بها الرئة.

ويشاء القدر أن يظهر يوسف الحسيني، صاحب المداخلة الأخيرة مع وائل الإبراشي، على شاشة القناة الأولى أمس، بعد إعلان وفاة الإعلامي المصري الكبير، وهو ينعاه على الهواء مباشرة، خلال وجوده لتغطية منتدى شباب العالم في شرم الشيخ.

وقال الحسيني: «علاقتي مع وائل الإبراشي بدأت منذ 33 عاماً، إنه الأخ والصديق والأستاذ والمدير، هو واحد من أكثر الناس احتراماً ونشاطاً في العمل الصحفي والإعلامي».

ودخل الحسيني في نوبة بكاء خلال نعيه لوائل الإبراشي على الهواء، وقال إنه موقف صعب أن ينعى صديق عمره بهذه الطريقة؛ لأنه كان شجاعاً ويقول الحقيقة أمام أي شخص، ولم يهمه التهديدات التي تلقاها بالقتل، ولا يوجد كلام يمكن أن يوفيه حقه.

بكاء يوسف الحسيني خلال نعي وائل الإبراشي

https://twitter.com/i/status/1480291354852958213

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"