عادي
توقعات السوق العقارية الصينية تضغط على المعادن الصناعية

تقلبات أسواق السلع مطلع 2022 ترافق ارتفاع عائدات الخزانة

13:58 مساء
قراءة 7 دقائق
الألمنيوم يرتفع نتيجة اضطرابات الإمدادات وتباطؤ القدرات الإنتاجية
----------------------------------------------
التحفيز الصيني قد يعطي دفعاً جديداً لأسعار النحاس والألمنيوم
----------------------------------------------
عقود المخاطر لدى متداولي النفط إلى أدنى مستوى في 5 أعوام
----------------------------------------------
دبي: «الخليج»
شهدت أيام التداول الأولى من عام 2022 اضطراباً ملحوظاً يماثل انطلاقتها في عام 2021، حيث شكل الارتفاع الحاد في عائدات سندات الخزانة الأمريكية العامل الأساسي في توجيه فئات الأصول المختلفة. واكتسب الصعود القوي لعائدات السندات السيادية، بدءاً من اليابان ووصولاً إلى ألمانيا والمملكة المتحدة، زخماً متجدداً بعد دقائق قليلة من اجتماع المجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر ديسمبر، والذي أدى إلى زيادة التوقعات برفع أسعار الفائدة بهدف الحد من التضخم، في الوقت الذي ناقشت فيه اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة السبل المتاحة لتقليص ميزانيتها العمومية بشكل مباشر، وبالتالي إزالة بعض العوامل التي أدت إلى تسجيل ارتفاع حاد في أسواق الأسهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وتشير هذه التحركات إلى رغبة الاحتياطي الفيدرالي بزيادة عائدات السندات، ليس في بداية منحنى العائدات فحسب وإنما بما يشمل المنحنى بأكمله. وسجلت العوائد القياسية للسندات لأجل 10 أعوام ارتفاعاً بنسبة 1.77% لتقارب أعلى مستوياتها منذ شهر إبريل الماضي.
وفي تقريره الأسبوعي للسلع، يقول «ساكسو بنك»: «شهدت تداولات المعادن الثمينة، ولا سيما الذهب الذي يعدّ أكثر السلع حساسية لتقلبات أسعار الفائدة، انخفاضاً ملحوظاً لكن ليس إلى الحدّ الذي يمليه ارتفاع عائدات السندات الأمريكية الحقيقية لأجل 10 أعوام بنسبة 0.3%. ويعود ذلك جزئياً إلى الانخفاض النسبي لأسعار الذهب مقابل العائدات الحقيقية خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ساهم تراجع الدولار وزيادة تقلبات أسواق الأسهم بالإضافة إلى انتشار الأمراض والمخاطر الجيوسياسية في التعويض عن الانطلاقة التي كان من الممكن أن تكون بالغة الصعوبة بالنسبة للسع في هذا العام».
ويضيف: «كذلك، انخفضت أسعار الفضة نتيجة لتراجع الرغبة بالمجازفة لدى المستثمرين، إلى جانب ضعف المعادن الصناعية الرئيسية مثل النحاس. وسجل المعدن الأبيض أداءً قوياً بعض الشيء في نهاية العام الماضي، إلا أنه استسلم لعمليات البيع الفنية الجديدة التي ساعدته على تحقيق أعلى سعر له أمام الذهب خلال ثلاثة أسابيع بما يزيد على 81 أونصة من الفضة مقابل كل أونصة واحدة من الذهب».
نظرة متشائم لعام 2022
ويقول كاتب التقرير، رئيس استراتيجيات السلع في «ساكسو بنك» أولي هانسون: «تحافظ النظرة المستقبلية لعام 2022 على طابعها المتشائم، حيث تشير معظم التوقعات إلى هبوط الذهب نتيجة للارتفاع الحاد والمتوقع للعوائد الحقيقية. لطالما ارتبطت العائدات الحقيقية بشكل وثيق خلال الأعوام القليلة الماضية مع الذهب، وتتمثل المخاطر التي تثير قلق السوق حالياً في قيام الاحتياطي الفيدرالي المتشدد برفع العوائد إلى مستويات أعلى».
ويضيف: «سلّطنا الضوء في أول تقاريرنا عن المعادن الثمينة لهذا العام بعنوان (الذهب والفضة قد يسجلان مفاجأة كبيرة في عام 2022) على الأسباب التي منحت الأداء السلبي للذهب في العام الماضي طابعاً متوازناً من منظور نسبي، والشروط التي ينبغي أن تتحقق حتى يتمكن المعدن الأصفر من تسجيل صعود مفاجئ في عام 2022.
واستقرّ الذهب عند 1800 دولار للأونصة ضمن نطاق سعري عريض يتراوح بين 1740 و1860 دولار أمريكي للأونصة، وتتمثل العوامل الأساسية التي تحدد توجهاته على المدى القصير في قدرته على تحقيق التوازن في مواجهة التأثيرات المعاكسة المشار إليها والمتمثلة بارتفاع العوائد وزيادة حالة انعدام اليقين في السوق».
انخفاض تداولات النحاس
وبحسب هانسون: «تأثرت المعادن الصناعية بمجموعة متنوعة من العوامل التي تشمل انخفاض تداولات النحاس عالي الجودة نتيجة لتراجع الرغبة بالمجازفة لدى المستثمرين واستمرار المخاوف المرتبطة بتوقعات السوق العقارية الصينية، بالإضافة إلى تأثّر النمو قصير الأمد بازدياد حالات الإصابة بمتحور أوميكرون والتي أدت إلى فرض إجراءات الإغلاق في مختلف أنحاء الصين. وسجل الألمنيوم، أحد أكثر المعادن كثافة باستهلاك الطاقة في عمليات الإنتاج، ارتفاعاً نتيجة للاضطرابات التي شهدتها إمداداته مؤخراً والتي عززت التوقعات بحدوث عجز في مستويات العرض لهذا العام. ويُضاف إلى ذلك كله التوقعات بتباطؤ نمو القدرات الإنتاجية في الصين، حيث تبذل الحكومة جهوداً حثيثة لمكافحة التلوث، كما يُبدي المنتجون الصينيون السابقون الكثير من التردد في الاستثمار بقدرات إنتاجية جديدة».
ويتابع: «بينما تشير التوقعات إلى أنّ عملية التحول في قطاع الطاقة نحو مستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية سيؤدي إلى توليد طلب قوي ومتزايد على الكثير من المعادن الرئيسية، تبقى التوقعات المتعلقة بالصين غامضة، ولا سيما بالنسبة للنحاس حيث يرتبط قسم كبير من الطلب الصيني على هذا المعدن بقطاع العقارات».
ضعف الإمدادات الجديدة
وبالنظر إلى ضعف الإمدادات الجديدة من عمليات التعدين، يعتقد «ساكسو بنك» أنّ الصعوبات الحالية الناجمة عن تباطؤ القطاع العقاري في الصين ستبدأ بالاعتدال خلال مطلع عام 2022. ومن المرجح أن تساعد توقعات بنك الصين الشعبي والحكومة الصينية، والتي تعاكس توقعات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، على تحفيز الاقتصاد ولا سيما من خلال التركيز على مبادرات التحول الأخضر التي تتطلب توافر المعادن الصناعية. ولذلك نعتقد أن هذا التطور، مصحوباً بانخفاض مخزونات النحاس والألمنيوم، يمكن أن يشكل الدافع لتوجه الأسعار نحو مستوياتها القياسية التي شهدناها في العام الماضي. وأدى تأرجح الأسعار إلى جعل مضاربات الشراء أكثر حيادية، وبالتالي زيادة إمكانية تجدد عمليات الشراء بمجرد تحسن النظرة الفنية.
تقلبات النفط
وعلى صعيد أسعار النفط، يقول «ساكسو بنك»: «شهدت تداولات النفط الخام ارتفاعاً خلال أيام التداول الأولى من هذا العام، ما أدى إلى تمديد فترة الارتفاع الذي سجلته بنهاية شهر ديسمبر الماضي، على نحو يتباين مع التوجه العام المتمثل بالابتعاد عن المخاطر والذي شهدناه في فئات السلع والأصول الأخرى. بينما ساهم تراجع الإمدادات النفطية من ليبيا بأكثر من 400 ألف برميل يومياً بالمقارنة مع عام 2021، والمخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالاحتجاجات على رفع أسعار الوقود في كازاخستان التي تُنتج 1.9 مليون برميل يومياً؛ في التخفيف من أية مخاوف بشأن الطلب على المدى القصير، والتي تتعلق بزيادة حالات الإصابة بمرض كوفيد-19 حول العالم. ويمكن للإجراءات المتشددة التي تتخذها الصين لمكافحة أسوأ انتشار للمرض منذ تفشيه في مدينة ووهان أن تؤدي إلى تراجع مستويات الطلب على المدى القصير».
كما وافقت مجموعة أوبك بلس على مواصلة الوتيرة الحالية لزيادات الإنتاج الشهرية البالغة 400 ألف برميل يومياً، إلا أن أسعار النفط واصلت ارتفاعها رغم التوقعات بحدوث فائض في العرض خلال ربع السنة الحالي نتيجة لعجز عدد من المنتجين عن تحقيق أهدافهم الإنتاجية. وتشير إحصائيات وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك إلى أنه وبالإضافة إلى احتمال وجود فائض في العرض العالمي والذي بدأ يظهر في بداية عام 2022، توجد مؤشرات واضحة في السوق على انخفاض مستويات المشاركة في زيادة الإنتاج.
تراجع عقود الفائدة المفتوحة
وتراجعت عقود الفائدة المفتوحة، التي تقيس إجمالي المخاطر طويلة وقصيرة الأجل لدى المتداولين بخام غرب تكساس الوسيط وخام برنت، إلى أدنى مستوى لها خلال خمسة أعوام، كما سجلت انخفاضاً إضافياً منذ أدنى نقطة لها في الأول من ديسمبر الماضي خلال الأسابيع القليلة الماضية على الرغم من ارتفاع الأسعار بنسبة تقارب 20%. وقد يشير ذلك إلى أن الكثير من المستثمرين والمتداولين لا يزالون متشككين تجاه إمكانية ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأولى من عام 2022 على الأقل.
ويقول أولي هانسون: «ما زلنا مُتمسكين بنظرتنا المتفائلة بارتفاع أسعار سوق النفط على المدى الطويل على الرغم من هذه المؤشرات، خصوصاً أنها ستُعاني من تراجع الإقبال الاستثماري فيها على مدى أعوام مقبلة بسبب فقدان كبرى شركات النفط الحافز لدخول أيّ مشاريع ضخمة، ما يُعزى جزئياً لغموض الآفاق المستقبلية للطلب على النفط، وبشكل متزايد إلى قيود الإقراض المفروضة على البنوك والمستثمرين كنتيجة للتركيز على جوانب الحوكمة والمسؤولية البيئية والاجتماعية والتحول الأخضر».
ومن المستبعد أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته خلال وقت قريب، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط على المخزونات الاحتياطية، ويتمّ حالياً التخفيف من هذه الضغوط على أساس شهري من خلال زيادات الإنتاج التي وافقت عليها مجموعة أوبك بلس. كما ستؤثر التوقعات بمواصلة انخفاض الاحتياطيات في النصف الثاني من العام والمخاطر المرتبطة بزيادة التضخم نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة بشكلٍ مباشر على المسار الذي ستتخذه أسعار النفط في عام 2022.
أزمة الطاقة في أوروبا
أما بالنسبة إلى أزمة الطاقة في أوروبا، فلا يتوفر حتى الآن أي مؤشرات على إمكانية حلها، حيث لا تزال أسعار الغاز ومعها أسعار الطاقة مرتبطةً بتغيرات الطقس والإمدادات الروسية وسرعة وصول شحنات الغاز الطبيعي المسال إلى القارة الأوروبية.
وشهد سوق الغاز خلال الأسبوعين الماضيين الكثير من التقلبات، بينما أدى الطقس شديد البرودة في جميع أنحاء أوروبا والمملكة المتحدة خلال الفترة التي سبقت موسم الأعياد إلى ارتفاع أسعار الغاز في المنطقة إلى مستويات قياسية تزيد بمقدار 10 مرات على معدلاتها طويلة الأمد. وعقب ذلك انخفاض حاد في الأسعار بنسبة 65% نتيجة للأخبار التي أشارت إلى قيام العديد من ناقلات الغاز الطبيعي المسال بتغيير مسارها من آسيا وأمريكا الجنوبية نحو أوروبا، بهدف بيع الغاز بأعلى سعر يمكن تسجيله في العالم. كما ساهم التحول المفاجئ لظروف الطقس الشتوي الذي أصبح أكثر اعتدالاً في تقليص المخاوف الحالية بشأن الانخفاض الحاد لمخزونات الغاز في المدى القصير على أقل تقدير.
خط «نورد ستريم 2»
ويختتم هانسون التقرير بقوله: «استأنفت أسعار الغاز اتجاهها التصاعدي في شهر يناير، بالتزامن مع التوقعات بانخفاض درجات الحرارة وزيادة الطلب على وقود التدفئة والانخفاض الشديد للإمدادات من روسيا ولا سيما من خلال أنابيب الغاز التي تمر عبر بولندا وأوكرانيا. وقد يكون من الصعب الجزم فيما إذا كانت روسيا تتعمّد خفض الإمدادات، نتيجة لتأخر الموافقات على خط أنابيب نورد ستريم 2 وتداعيات أزمة الحدود مع أوكرانيا، لكن ذلك يسلط الضوء على فشل سياسات الطاقة والتخزين في أوروبا والمملكة المتحدة، ما يجعل المنطقة تعتمد بشكل كبير على واردات الغاز، خصوصاً أن توليد الطاقة من المصادر المتجددة لا يزال عند مستويات غير موثوقة».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"