جهود الإمارات للقضاء على شلل الأطفال

00:32 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

الأطفال، ولا شك، هم شباب الغد، ومن ثم هم رجال المستقبل وعماد الأمة فيما بعد. ولا شك أن مستقبل أي أمة، مرتبط بما توفره لأطفالها من طفولة هانئة خالية من المنغصات الجسدية والنفسية والاجتماعية، وإعداد البيئة العلمية والصحية والاجتماعية والترفيهية التي تسهم في تنشئتهم تنشئة سوية، فيصيرون رجالاً أصحاء أسوياء يعتمد عليهم الوطن في نهضته، فيقودون مسيرته ويحققون تطلعاته.

  لكن هناك نوعاً من الأمراض يقضي على أحلام الطفولة، ويحولها إلى كابوس ينغص الحياة على الطفل من ناحية، وعلى ذويه من ناحية أخرى، وعلى رأس هذه الأمراض داء الشلل، وهو مرض يسببه فيروس يصيب النخاع الشوكي، فيكون نصيب من يصيبه إما الشلل الكامل أو الشلل في بعض يديه أو رجليه. وقد عرف هذا المرض منذ أقدم العصور، لكنه لم يكن مرضاً وبائياً، بل كان يصيب فقط بعض الأطفال الرضع.

  وكانت الولايات المتحدة هي البيئة التي ولد فيها اللقاح، ففي مطلع الخمسينات من القرن الماضي ازداد فيها عدد الأطفال المصابين بهذا المرض ما دفع أصحاب المؤسسات والمشروعات التجارية الكبرى إلى استثمار ملايين الدولارات بهدف التوصل إلى لقاح، ومن ثم القيام بتوزيعه على جميع المناطق هناك. وقد أدت هذه الحملة إلى اكتشاف لقاحين: أحدهما يعطى عن طريق الحقن، والثاني يعطى عن طريق قطرات في الفم. وقد أدى اكتشاف هذين اللقاحين إلى إطلاق أولى حملات التطعيم الشامل في العصر الحديث.

 وفي إطار الجهود الدولية المبذولة من أجل القضاء على مرض شلل الأطفال، بدأت منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع منظمة اليونسيف، عام 1988 بتوجيه الجهود للقضاء على هذا المرض في مختلف بقاع العالم، وخلال فترة قصيرة تم القضاء على المرض في قارات أمريكا وأوروبا، وأوقيانوسيا. لكن هذا المرض لا يزال متفشياً في أربع دول هي: نيجيريا وباكستان وأفغانستان والهند.

 وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول في قارة آسيا التي استطاعت أن تقضي على مرض شلل الأطفال على أرضها وذلك منذ عام 1992. ومع الاستمرار في تنفيذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء على هذا المرض، تم الإشهاد رسمياً في عام 2007 على خلو الدولة من شلل الأطفال، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا دعم وتوجيهات القيادة الرشيدة في مجال مكافحة الأمراض، وتوفير سبل الرعاية الصحية. وقد قادت دولة الإمارات العربية المتحدة الجهود الدولية للقضاء على البؤر المتبقية من هذا المرض، ففي 23 أكتوبر(تشرين الأول) 2020، وضمن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم. أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان عن نجاح حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال في باكستان، والوصول إلى أكثر من 16 مليون طفل، وتقديم 28 مليون جرعة تطعيم لهم. وبمناسبة اليوم العالمي لشلل الأطفال الذي يصادف 24 أكتوبر(تشرين الأول) من كل عام، أشادت لجنة إقليم شرق المتوسط التابعة لمنظمة الصحة العالمية المعنية باستئصال شلل الأطفال، بالدعم المتواصل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لجهوده في مكافحة شلل الأطفال، وما يقدمه من تمويل في هذا الشأن ضمن حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال، وتأكيد سموه أن العالم قد حقق تقدماً كبيراً في مكافحة شلل الأطفال بفضل شجاعة العاملين في القطاع الصحي.

  ومن هذا المنطلق أرسى سموه أسساً ثابتة لدولة الإمارات على المستويين الإقليمي والعالمي، من خلال الاهتمام الذي أولاه لشؤون الأطفال المرضى والفقراء على مستوى العالم، وهذا لا يصدر إلا عن قيادة واعية بمكانتها ومكانة دولتها، وقدرها في قيادة المنطقة والعالم نحو عالم خال من الأمراض، خال من الفقر. مجتمع عالمي متعايش متسامح يعيش في أمن وأمان بفضل القيادات العالمية التي تعمل من أجل أمن العالم واستقراره وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"