عادي

الاستدامة الزراعية

19:53 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

توارت قمة الأمم المتحدة للنظم الغذائية التي عُقِدتَ في سبتمبر/ أيلول الماضي، أمام جهود الحشد المضاد التي قادها مزارعون وعلماء، إلى جانب جماعات المجتمع المدني المتحالفة مع مجتمعات الشعوب الأصلية وصغار منتجي الأغذية في جميع أنحاء العالم، وتُعد هذه الفئات هي نفسها العناصر المحورية لتحقيق الأهداف المعلنة للقمة، والمتمثلة في القضاء على الجوع وتعزيز الزراعة المستدامة. واتهم العلماء والمدافعون عن الحقوق، منظمي القمة بتقديم تنازلات تتعلق بالأمن الغذائي والمساءلة الديمقراطية والاستدامة وحقوق الإنسان الخاصة بالمنتجين والعاملين، لمصلحة الأعمال التجارية الزراعية العابرة للحدود الوطنية.

وظلت حركة المعارضة للقمة تتصاعد منذ يوليو/ تموز الماضي، عندما أعربت مئات من المنظمات الشعبية عن معارضتها لمنظمي القمة، لوضعهم تعريفاً ضيقاً وتكنوقراطيّاً لمشكلة النظم الغذائية وتقديم «حلول مزيفة» مثل التدخلات القائمة على التكنولوجيا الحيوية، بدلاً من تعزيز طرق زراعية أكثر استدامة وعدالة وتركيزاً على مصالح البشر.

وبينما تعكف الحكومات حاليّاً على مناقشة الكيفية التي يمكن من خلالها المضي قدماً على الطريق الذي رسمت معالمه تلك القمة، فمن الأهمية بمكان أن ندرك أن التركيز الضيق على التكنولوجيا لمعالجة المشكلات الهيكلية المعقدة في مجالي الزراعة والغذاء له سجل فائق الضّعف من الإنجازات، على مدار أكثر من عقدين من زراعة المحاصيل المعدلة وراثيّاً، ولم يكد يمر أيّ من جوانب البحث والتطوير والتطبيق المتعلقة بالمحاصيل المعدلة وراثيًّا من دون أن يشعل جدلاً علميّاً.

وتعود جذور المحاصيل المعدلة وراثيّاً في الأساس إلى نموذج استعماري رأسمالي للزراعة يقوم على سرقة أراضي السكان الأصليين، وعلى استغلال جهد المزارعين والعمال في قطاع الأغذية، والنساء، ومعارف السكان الأصليين، بل شبكة الحياة ذاتها، وأسهمت الثورة الخضراء التي اندلعت في ستينات القرن الماضي في تصدير هذا النموذج إلى البلدان المُستعمَرة سابقاً في منطقة جنوب آسيا وجنوب شرقها، وفي يومنا الحاضر، يُعد هذا النموذج الزراعي مسؤولاً ليس فقط عن ديون المزارعين المتزايدة بشدة واستنزاف التربة والأخطار التي تهدد البذور المحلية والتنوع البيولوجي، بل هو مسؤول أيضاً عن تلاشي معارف المزارعين ومهاراتهم تدريجيّاً، كذلك ثبت تورُّط النموذج ذاته في ظهور مسببات الأمراض الجديدة وزيادة تعرُّض البشرية للجوائح، ولكي يحقق العالم الاستدامة، فلا بد من تفكيك هذا النموذج الاستعماري للزراعة ووضع نُهُج الإيكولوجيا الزراعية الواعدة المرتكزة على الحفاظ على التنوع البيولوجي والاستفادة من معارف المزارعين ومهاراتهم في صدارة أولوياته.

أنيكيت آجا يتولي - سيانتفيك أمريكان

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"