جنرالات بوركينا فاسو

02:12 صباحا
قراءة دقيقتين

يستخدم الجنرال بول هنري سانداوغو داميبا، لهجة أقل عدائية وتصالحية بشكل واضح في خطابه الموجه إلى الاتحاد الإفريقي والقوى الدولية الأخرى الرافضة لاستيلائه على السلطة في بوركينا فاسو. وذلك على عكس الجنرال هاشمي غويتا، الذي كان وما يزال، يستخدم لغة هي مزيج من المراوغة وادعاء القوة بعد انقلابه العسكري المزدوج في جمهورية مالي المجاورة، والذي يواجه موجة عارمة من الغضب الإقليمي والدولي.
اللهجة الودية الأقرب إلى الاسترضاء في خطاب الجنرال داميبا برزت في وصفه لقادة دول «إيكواس» الذين رفضوا الانقلاب، بأنهم «شركاء ويتفهم شكوكهم المشروعة» إزاء الانقلاب، ومضى في لهجته التصالحية إلى القول إن «بلاده تحتاج إلى هؤلاء الشركاء، وإنه سيواصل احترام الالتزامات الدولية، خاصة ما يتعلق منها باحترام حقوق الإنسان واستقلال القضاء».
هذه لغة تختلف تماماً عن لغة نظيره الجنرال غويتا الذي نفذ انقلابين عسكريين في فترة زمنية قياسية، وبدأ عهده في الحكم بطرد القوات الفرنسية على الرغم من الحاجة الماسة إلى وجودها في الحرب ضد الجماعات الإرهابية، كما أنه حرض أنصاره على الخروج في تظاهرات لدعم الحكم الانقلابي، وتلاعب في تعهداته بشأن استعادة الحكم المدني بعدما ذكر في البداية أنه سيقوم بإجراء الانتخابات، وتسليم السلطة لحكومة مدنية خلال أشهر قليلة، عاد بعد فترة ليقول إنه يحتاج إلى خمسة أعوام من أجل تهيئة البلاد للديمقراطية.
وتمثل الفرق بين خطاب الجنرالين في نوعية العقوبات التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي شددت عقوباتها على قادة المجلس العسكري في مالي، بينما لا تزال تواصل ضغوطها وتدرس المزيد من العقوبات من أجل استعادة الحكم المدني، في مقابل عقوبات مخففة بدرجة كبيرة على جنرالات بوركينا فاسو الذين يرسلون الرسائل والإشارات التطمينية لقادة «إيكواس».
لقد شهدت القارة الإفريقية خلال السنوات القليلة الماضية سلسلة من التدخلات العسكرية في شؤون الحكم والسلطة، في محاولات لعكس مسار التطور الديمقراطي الذي ينتظم أجزاء واسعة من القارة. 
وتعتبر مفوضية «الإيكواس» أنها لا تتسامح مع الموجة الجديدة من محاولات قلب الحكم في دول المجموعة بشكل خاص، معتبرة أنها تمثل تراجعاً للديمقراطية في البلدان المعينة وفي القارة بشكل أعم. وعلى أن يتم تولي السلطة السياسية عبر صناديق الاقتراع، وأن الجيوش الإفريقية يجب أن تلتزم بالنظام الدستوري ولا تتدخل في السياسة.
وعلى الرغم من أنه من بين المبررات التي قدمها جنرالات مالي، وبوركينا فاسو لإطاحة السلطات المنتخبة في بلادهم، عجز الحكومات المدنية عن مواجهة تنامي الجماعات الإرهابية، فإن «إيكواس» لا تعتبر ذلك مبرراً مقبولاً لتقويض النظم الدستورية. 
ومن المرجح أن يشدد قادة المجموعة خلال اجتماع قمة مطلع الشهر المقبل، الضغوط على دول المجالس العسكرية الثلاثة، بالتنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى، أو أن يطرحوا مبادرات للحوار والتسوية مع القادة الأقرب، لتفهم الأهمية الفائقة التي يوليها المجتمع الإقليمي والدولي لعملية التطور الديمقراطي لدول وشعوب القارة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"