ريان

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

أي الحقيقتين أصعب.. حقيقة الحياة والأمل، أم حقيقة الموت والغياب؟.
سقوطك في البئر رسالة.. أنت المختار الذي اختاره الله لنصحو به، لتكون أنت من يجمع شتات هذه الأمة فتجمع قلوب شعوبها كلها من أقصى شرق العرب إلى أقصى مغربها، متناسية كل ما هي فيه من منغصات وهموم ومشاكل عرقية ومذهبية ودينية وسياسية، لتلهج بالدعاء لله الواحد القهار بقلب رجل واحد وصوت واحد: أن ينجيك ويعيدك لنا سالماً، فعلت ما لم يفعله غيرك أيها الصغير، فعلته وأنت محاصر بلا ضوء ولا ماء ولا طعام ولا أنيس، فعلته دون أن تتكلم، فعلت ما عجز عن فعله مفكرون، فعلته وأنت لا تدري هل ستعود لنا لنفرح معك بما فعلت، أم ستكون هذه هي خاتمة رحلتك القصيرة في الحياة؟ 
ريان..
كان التكبير والتهليل واسم الله يحيطك في كل لحظة وأنت في الغياب بين جدران تلك البئر، وكان الله معك ينير لك العتمة التي تحيطك، وكان يمدنا بطاقة الصبر، وينير دربنا بالإيمان بإمكانية الوحدة في أحلك الظروف، جمعنا كلنا حولك، ليقول لنا كما جمعتكم على ريان، تستطيعون أن تجتمعوا لخير أمتكم ومستقبلها ورفعتها وتطورها، تستطيعون، متى ما صفت القلوب، أن تكونوا صوتاً واحداً عالياً بين الأمم.
ريان..
قلبك الصغير كان نبض كل القلوب في العالم، كانت دقاته تعزف بين جوانحنا في كل لحظة من لحظات غيابك في تلك البئر، كان أنينك هناك يهز كيان كل الأمهات، وينز بين ضلوع كل الآباء، وكانت روحك ترفرف علينا مبتسمة سعيدة بوحدتنا حولك وبك، كما ترفرف هي الآن في رحمة الله في جنة الخلد ونعيمٍ لا يبلى.
ريان، كتبت رسالتك لكل العالم، والتي يجب أن نعي مغزاها بقلوبنا وأرواحنا، فجعتنا بك لتوقظ ضمير الإنسانية من غفلته وسباته. 
ريان..
أنت الآن على جبل في الجنة، يكفلك ويرعاك سيدنا إبراهيم وسارة، كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «أطفال المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة». 
اللهم ارحم ريان، وأسكنه فسيح جناتك، واربط على قلب أمه وأبيه، واجبر قلوبنا وقلوب أهله وأقاربه وكل محبيه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"