عادي

تعرف إلى العالِم العربي مؤسس علم الميكانيكا

21:38 مساء
قراءة 3 دقائق
أحد ابتكارات الجزري

الشارقة: «الخليج»

في عام 1931 تم إيداع كتاب «الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل» لإسماعيل بن الرزاز الجزري، في متحف بوسطن للعلوم الجميلة في الولايات المتحدة، ويعتبر الكتاب ذروة الإنجاز العربي الإسلامي في علم الهندسة الميكانيكية في نهايات القرن السادس وبدايات القرن السابع الهجريين، إذ جاء الكتاب خلاصة لأعمال واختراعات الجزري على مدار ربع قرن بدأها في جزيرة ابن عمر، ثم حصن كيفا ثم مدينة «آمد» في الجزيرة الفراتية في أقصى الشمال السوري، حيث حظي برعاية حكام ديار بكر من بني أرتق، ووصل إلى منصب كبير المهندسين في البلاط.

ملأ الجزري قصور ديار بكر وميادينها بأشكال مختلفة من الساعات: ساعات شمسية دقاقة، تعلن عن ساعة الغداء بصوت رنان، وساعات مائية ليلية، تشير إلى الوقت وتُسقط كل ساعة كرة في قدح معدني، وتدور حول محور تظهر فيه النجوم ورسوم الحيوانات، وساعات تحمل فتحات منسقة، الواحدة تلو الأخرى في شكل نصف دائري، وتومض كلما جاوزت الساعة الثانية عشرة ليلاً، ويمر فوقها هلال وضاء، وكل هذه الساعات تعمل بالماء أو الزئبق أو الشمع المشتعل أو بواسطة حرارة الشمس، وتحدث الجرزي عن التروس القطعية في الساعات للمرة الأولى ولم تُصنع إلا في أوروبا بعد ذلك بأكثر من قرنين، وأشار أيضاً إلى ميزان الساعة، وهو الجهاز الذي يحافظ على سرعة دوران التروس، وتحدث كذلك عن ساعة بإمكاننا تخصيصها لقياس الزمن الذي تستغرقه عملية ما، stop watch.

ومنح الجزري لساعاته العديد من الأسماء مثل ساعة القرد، الفيل، الرامي البارع، الكاتب، الطبال، وكانت ساعة الفيل أهم اختراعاته، وهي على شكل فيل والعناصر المكونة للساعة موجودة في بيت على ظهر الفيل، وصممت لإصدار صوت منبه كل نصف ساعة، وتوجد منها نسخ في مول ابن بطوطة في دبي، ونسخة أخرى في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في جدة، وفي الساعة أو بيت الساعة نلمح التنين وطائر الفينيق والعمامة الإسلامية.

وتعددت ابتكارات الجزري المتعلقة برفع وتوزيع المياه، فاخترع مضخة ذات أسطوانتين متقابلتين، وهي توازي حالياً المضخات الماصة والكابسة، ونواعير رفع المياه من الأنهار، ومضخة «الدلاء» وهي نوع من الآلات التي تعطي مردوداً حركياً بفضل سقوط الماء من أعلى، وتعتمد إنجازات الجزري في مجالات المياه على مبدأ أن الحركة الدائرية يمكنها أن تولد قوة دافعة إلى الأمام، وهناك من يرى أنه توصل إلى اختراع عمود «الكامات»، وهو العمود الذي يدور بضغط مكابس المحرك فتتولد قوة دافعة إلى الأمام كما يحدث في محرك السيارة، كما صنع الجزري فرقة موسيقية تطفو على سطح الماء، كل واحد من أعضاء الفرقة يصدر صوت آلة موسيقية مختلفة، وابتكر آلة لتصريف المياه في المغاسل والحمامات، وعندما أخبره الأمير نصير الدين الأرتقي أنه لا يريد أن يقوم الخادم بصب الماء له في الوضوء اخترع الجزري حوضاً كبيراًَ وبجانبه آلة تصب الماء بطريقة أوتوماتيكية.

الملاحظ في كتاب الجزري أنه تحدث فيه عن قوانين الهندسة والميكانيكا والفيزياء، وزوده برسوم ملونة عن ابتكاراته واختراعاته، وترجم إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر الميلادي، أي بعد أقل من قرن من رحيل الجزري والذي يعتبر «مؤسس علم الميكانيكا الحديث».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"