عادي
اسأل الخليج

تعرف إلى المباراة التي يبلغ سعر إعلانها 5.6 مليون دولار

10:24 صباحا
قراءة 6 دقائق
إعداد: معن خليل
أحرز فريق لوس أنجلوس رامز لقب البطولة في المباراة النهائية لدوري كرة القدم الأمريكية «سوبر بول» بنسخته الـ 56، بعد فوزه على سينسيناتي بنغالز بـ23 نقطة مقابل 20.
وهذا هو الفوز الثاني باللقب للوس أنجلوس بعد فوزه على تينيسي تايتانز في عام 1999.
وتقدم سينسيناتي في البداية بفارق سبع نقاط، قبل أن يعود «رامز» ويحصل على عشر نقاط منحته البطولة.
ومع حضور قوي لمشجعي رامز وسط جمهور تجاوز 70 ألف مشجع، أصبح الفريق ثاني فريق يفوز بكأس لومباردي في ملعبه، صوفي ستاديوم، بعد تامبا بوكانيرز في الموسم الماضي.
وسجل رامز 7،6،3،7 نقاط في أرباع المباراة مقابل 3،7،10،0 نقاط للبنغالز.
هذا التفصيل الفني في نهائي «السوبر بول الذي يعد أهم حدث سنوي في رياضة الولايات المتحدة الأمريكية، لم يعد هو الجانب الوحيد الذي يثير انتباه المتابعين، فهناك أيضاً الجانب الاقتصادي المهم مع أرقام الإعلانات الفلكية والنشاط التجاري الذي يتم خلاله، وفي نفس الوقت أصبح منذ 2016 في زمن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سياسياً بامتياز، مما أعطاه صبغة رياضية واقتصادية وسياسية غير متواجدة كثيراً في أي لعبة أخرى.
عموماً، حافظ نهائي سوبر بول على تقاليده رغم وصوله إلى نسخته الـ56، حيث مازال شغف الأمريكيين به هو ذاته، كما كان عليه الأمر في عام 1967 عندما أقيمت أول نسخة، حيث وصل سعر الإعلان في القناة الناقلة للحدث الذي مدته 30 ثانية إلى نحو 5.6 مليون دولار، أما سعر بطاقة الدخول إلى استاد المباراة فوصل إلى ثلاثة آلاف دولار.
وانتشرت قصة المشجع الشغوف دون كريسمان الذي يحرص على مشاهدة المباراة منذ 55 عاماً، ولم يغب أبداً عن أي مواجهة رغم بلوغه من العمر 85 سنة.
ويروي دون كريسمان حضوره أول مباراة من الاستاد في عام 1967 بالصدفة بعدما أقنعه أحد أصدقائه بذلك، ثم أعجبه ذلك وبات حريصاً على التواجد في المدرجات رغم إقامة النهائي في مدن ومناطق بعيدة جداً عن مكان سكنه في كينبونك، حيث كان يستقل القطارات والطائرات ويتحدى البرد والثلج من أجل ذلك.
وليس كريسمان الوحيد الذي شهد النهائي للمرة 56 توالياً، فهناك أيضاً توم هينشل وغريغوري إيتون، حيث ألقت وسائل الإعلام الضوء عليهم وعلى قصصهم المثيرة وشغفهم بهذه اللعبة ومنافساتها.
ولا تقتصر القصص على من يشاهد النهائي من المدرجات، فهناك الملايين الذين يحرصون على متابعتها خلف الشاشات، وهو ما يشكل بحد ذاته مشكلة للموظفين في اليوم الذي يليه، وأصدر معهد القوى العاملة في مؤسسة كرونوس وموسينكس استطلاعاً توقع أن نحو 15 مليون أمريكي من بين 110 ملايين آخرين يخططون لمشاهدة مباراة السوبر بول الأحد، لكن عليهم ادعاء المرض يوم الاثنين، لذلك أطلقت وسائل الإعلام اسم «الاثنين السوبر مريض»، وبحسب الدراسة، فإن واحداً من بين كل خمسة أمريكيين قال إنه يفضل أخذ عطلة بعد السوبر بول.
وأشارت الدراسة إلى أن 25 %من الموظفين يتصلون في الغالب بأرباب أعمالهم لتبليغهم بمرضهم المزعوم.
وفي واقعة طريفة بعد نهائي نسخة 2017 تأخر عدد كبير من طلاب المدارس في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا عن المدرسة صباح يوم الاثنين وذلك بعد خسارة فريق مدينتهم أتلانتا فالكونز أمام فريق نيو إنجلاند باتريوتس.
وتمكن نيو إنجلاند من الفوز بنتيجة 34-28 بعد عودة تاريخية في المباراة التي استمرت لشوط إضافي، حيث كان فالكونز متقدماً بفارق كبير، قبل أن يفقد سيطرته على اللقاء ويمنح نيو إنجلاند فرصة العودة للمباراة ثم الفوز والتتويج باللقب، وتسببت الصدمة في إحباط شديد لجماهير أتلانتا بمن فيهم الأطفال الصغار والذين تأخروا عن مدارسهم صباح اليوم التالي وكتب أحدهم في دفتر الحضور والانصراف أن سبب تأخره هو «الإحباط بسبب فالكونز».
قصص أسطورية
ولا تتوقف القصص الأسطورية عند شغف المشجعين وحسب، بل تتعداها إلى الأعمال التجارية، فمن يصدق أن مباراة واحدة تقام كل عام في أول يوم أو ثاني عطلة من شهر فبراير، تابعها أكثر من 110 ملايين مشاهد في الولايات المتحدة الأمريكية، استهلكوا حسب الإحصاءات ما يبلغ ثمنه مليار دولار من المشروبات الغازية، و278 مليون دولار من رقائق البطاطا، و198 مليون دولار من البيتزا، واستهلكوا أيضاً ما يقارب 1.4 مليار دولار من أجنحة الدجاج، وهو الأمر الذي وصف من قبل الصحافة على سبيل الدعابة أنه استهلاك يكفي لالتفاف أجنحة الدجاج حول الكرة الأرضية ثلاث مرات.
وإذا ما تمت المقارنة بين سعر التذكرة في النسخة الأولى عام 1967 وبلغ ستة دولارات، ولم تبع جميعها، وبين سعرها في نسخة 2022 حيث يبلغ متوسطها 9 آلاف دولار وتنفذ عن آخرها بعد أيام من طرحها، يمكن الاستدلال على مدى قيمة السوبر بول في السنوات الأخيرة عند الأمريكيين، والذي يشكل النهائي بالنسبة لهم ثاني أهم أيامهم السنوية بعد عيد الشكر، ويأتي من حيث الأهمية قبل يومي عيدي الميلاد ورأس السنة.
كما أن أهمية السوبر بول تلفزيونياً لا تقاس بثمن للقناة الناقلة، فهو الحدث الأكثر مشاهدة على التلفزيون الأمريكي، ويتخطى بفارق كبير أي مناسبة أخرى، وعدا عن ذلك فإنه يشكل حركة اقتصادية قائمة بذاتها بالنسبة للولاية المستضيفة، حيث يصل سعر الليلة الواحدة مثلاً في فنادق المدينة المستضيفة إلى ألف دولار.
ثلاثة أقسام
وانقسمت نسخ السنوات الأخيرة من السوبر بول إلى ثلاثة أقسام تمثل بحد ذاتها أفكار هذه الرياضة التي تجمع في أمريكا، اللعبة كمنافسة وما يتخللها من تحقيق أرقام للفرق واللاعبين والمشاركين، والجانب الاقتصادي، ثم القسم السياسي الذي بدأ يأخذ مع تولي دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أبعاداً لم تكن موجودة في السابق، وإن كان الرئيس الحالي بايدن لم يدل بأي تصريح سياسي.
في عام 2018 فجر الرئيس السباق ترامب الحدث سياسياً، وذلك من خلال مقابلة مع شبكة (سي بي أس) التي تبت الحدث، ليستعيد التقليد غير الرسمي للرؤساء، ويتمثل في التحدث إلى الجمهور الضخم الذي ينتظر متابعة المباراة، وهو رفض قبلها بعام إجراء مقابلة، بسبب قيام بعض اللاعبين خلال المباريات بعدم الوقوف خلال عزف النشيد الوطني احتجاجاً على تصرفات عنصرية للشرطة تجاه السود.
وكان الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش أول من دشن هذا التقليد حين تحدث في مقابلة قبل بدء السوبر بول في عام 2004، في حين أن الرئيس باراك أوباما حرص على الظهور ثماني مرات، على عدد السنوات التي جلس فيها على كرسي الرئاسة.
وأثار ترامب في نسخة 2019 الجدل قبل النهائي، حين تحدث عن موضوع مكافحة الاتجار بالبشر على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه حتى أكبر حدث رياضي في البلاد( السوبر بول) يساهم في المشكلة، مضيفاً: أنها حركة كبيرة الآن بسبب سوبر بول، متحدثاً عن جلب الكثير من النساء والأطفال عبر الحدود الجنوبية تحت غطاء سوبر بول.
وعدا عن حديث ترامب السياسي حول مواضيع شتى، حافظ الرئيس الأمريكي السابق على نبرته الحادة تجاه كرة القدم الأمريكية، واعتبرها رياضة خطيرة، وأنه سيمنع ابنه الصغير، بارون، من ممارستها.
وأضاف الرئيس الأمريكي السابق: إنها رياضة تسفر عن إصابات خطيرة في منطقة الدماغ، بالطبع لن أقف ضد رغبته تماماً، لكني في نهاية المطاف سأكون غير مرتاح.
ودخلت السياسة أيضاً بقوة على الإعلانات التي تبث خلال المباراة، وكانت نسخة عام 2017 حافلة بعدما اختارت شركات عديدة تضمين إعلاناتها التلفزيونية رسائل سياسية تدعو للتعددية وتقبل الآخر، في غمرة الانقسام آنذاك حول مرسوم الرئيس السابق دونالد ترامب حظر دخول مواطني سبع دول إلى أمريكا.
وفوجئ مشاهدو نهائي 2017 بسلسلة إعلانات تنطوي على رسائل سياسية، ومنها إعلان موقع (إير بي إن بي) العملاق المتخصص بتأجير الشقق المفروشة والذي جاء فيه: نحن نعتقد أنه بصرف النظر عن من تكون أو من أين جئت أو من تحب أو من تعبد، نحن جميعاً لدينا مكانتنا، كلما قبلتم الآخر أكثر كلما كان العالم أجمل.
بدورها، بثت شركة (84 لامبر) المتخصصة بمواد البناء إعلاناً يصور رحلة العذاب التي تقاسيها امرأة مكسيكية وابنتها أثناء محاولتهما الوصول إلى الولايات المتحدة عن طريق الهجرة غير الشرعية، ويظهر في نهايته جداراً ضخم كالذي بناه ترامب على الحدود مع المكسيك، فتنهار أحلامهما بالعبور إلى الولايات المتحدة قبل أن يعود الأمل ويظهر من خلال بوابة في هذا الجدار تفتح أمامهما وتعبران منها إلى الولايات المتحدة.
أما اقتصادياً، فإن الحدث الرياضي ينفرد بأكبر فرصة دعائية في العام، لذلك تحرص الشركات الكبرى العالمية على إنتاج ما يسمى في النهائي «إعلان العام»، الذي يستمر في ذاكرة المشاهدين لفترة طويلة من الزمن.
ومع استمرار المباراة النهائية وفعالياتها لحوالي الثلاث ساعات ونصف ساعة، فإن القناة الناقلة تكسب الملايين من وراء الإعلانات، التي يجب حجزها قبل شهرين من الحدث، علماً أن الإعلانات بدأت بقوة في نسخة 1973 وكانت تكلفة الإعلان الواحد تصل إلى 43 ألف دولار لمدة 30 ثانية، قبل أن تصل إلى خمسة ملايين دولار مع الوصول إلى نسخة 2019، ثم 5.6 مليون دولار بعدها لذلك فإنه عندما يقال إن «السوبر بول» ليس مجرد مباراة، فإن الأمر ليس مجرد كلام في الهواء.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"