عادي

100 عام من تاريخ الصين في رواية

19:51 مساء
قراءة دقيقتين

شيو تسي تشن روائي صيني شهير، مولود في عام 1978 من أهم أعماله «القدس» التي فازت ضمن أفضل عشر روايات صينية لعام 2014، و«بكين بكين» و«ماذا لو أغلق الجليد الباب» و«رحلة إلى الشمال» وهي الرواية التي ترجمها إلى العربية د. يحيى مختار.

تحكي «رحلة إلى الشمال» قصة رحلة شاب إيطالي في الصين، كان قد أبحر مع عدد من مرافقيه الصينيين على طول قناة بكين الكبرى، من بدايتها في الجنوب إلى نهايتها في الشمال، بحثاً عن شقيقه المفقود، وتمتد تفاصيل الرواية لتحكي عن أحفاد شقيق هذا الشاب الإيطالي وأحفاد مرافقيه الذين جمعتهم الصدفة بعد أكثر من مئة عام، لنجد أنفسنا أمام سبع قصص مختلفة ومترابطة في الوقت نفسه.

يروي لنا الكاتب من خلال رحلة هذا الشاب الإيطالي أحداثاً عن الصين وتاريخها وثقافتها وعادات أهلها، يحكي لنا عن مناظر بديعة، ومشاهد رائعة، تجعلنا وكأننا نقرأ مختصراً عن تاريخ وأحوال الصين في بداية القرن العشرين، وهو ما جعل الصين بالنسبة لهذا الشاب الإيطالي تتحول إلى واقع حقيقي نابض بالحياة، فهناك عايش حياة الصينيين العاديين، وشاهد الموانئ والأرصفة المزدحمة، وتعامل مع الباعة، وتجول في المتاجر، وقابل المسؤولين والجنود واللصوص وأعضاء عصبة الملاكمين الثورية، واستشعر الازدهار، الذي جلبته تلك القناة الصينية للمدن المجاورة.

تحتوي الرواية على عدد لا يحصى من الأحداث التي وقعت على مدار أكثر من 100 عام، هذه المشاهد والأحداث ليست شهوداً تاريخية فحسب؛ بل هي أيضاً بذور زرعها المؤلف عن قصد، وتناثرت في كل مكان في نهاية الرحلة نحو الشمال، لتصبح رموزاً تربط الماضي والحاضر والمستقبل، فالأجيال اللاحقة تتبعت التاريخ من خلال الآثار والذكريات الخاصة بأسلافهم، بعض هذه الذكريات واضحة جداً، وبعضها غامض، وبعضها سري، ولأن الخيال هنا يجب أن يستند إلى حقائق تاريخية، تبدأ الرواية بتقرير واقعي لإحدى البعثات الأثرية خاص بأحد الاكتشافات بجوار القناة، وتنتهي بكشف ماهية الأسرار التاريخية التي تضمنتها رسالة داخل هذا التقرير الأثري، وهو ما يبرز الجانب الواقعي لهذه الرواية.

الرواية لا تخلو من الحديث عن الآخر والاغتراب الثقافي المتأصل بين الشرق والغرب، كما تحمل طابعاً أيديولوجياً عميقاً، فهي تستعرض العلاقة الوثيقة بين القناة ومصير الصين، والتفاعل بين تاريخها القديم والحديث على مدار أكثر من 100 عام؛ حيث تستعرض ضمنياً تاريخ توقف النقل المائي عبر القناة عشية انهيار الإمبراطورية والتحول من الصين القديمة إلى الصين الحديثة في عام 1901.

تتناول الرواية أيضاً كافة الأحداث الكبرى مثل غزو قوى الحلفاء الثماني، وثورة الملاكمين، وحرب المقاومة ضد اليابان، والثورة الثقافية، وحركة الإصلاح والانفتاح، وجميع الأحداث الكبرى التي لا ينفك الصينيون اليوم الحديث عنها؛ حيث يمكننا سماع صوت التاريخ وأحداثه المفصلية، فالأحداث التاريخية هنا ليست مفهوماً مجرداً فارغاً؛ بل هي خلفية تطور الشخصيات ومصائرها داخل الرواية، وهو ما يجعلنا نستشعر تحول التاريخ من أصوات وكلمات خافتة إلى مشاعر مباشرة خاصة بالشخصيات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"