العقوبات في زمن الحرب

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

على الرغم من أن العقوبات الغربية مفروضة على روسيا منذ زمن السلم، أي قبل اندلاع الحرب الأوكرانية، إلا أنها في زمن الحرب، مختلفة، دون شك، من حيث شدتها وشموليتها ونوعية الأهداف التي تستهدفها.. أفراداً وكيانات ومؤسسات اقتصادية وغير اقتصادية.. ولكن هل يمكن للعقوبات أن تكون سلاحاً رادعاً قادراً على لعب دور حاسم في زمن الحرب؟

 من البديهي أن العقوبات لن يكون لها تأثير فوري في الجهة المعاقبة، وأن مفاعيلها ستظهر على المديين المتوسط والبعيد، وبالتالي فإنها ستفقد الميزة الأهم لاستخدامها وهي الردع المباشر كما في الحالة الأوكرانية في ظل مواجهة استراتيجية بين روسيا والغرب قد تؤدي إلى إعادة صياغة مفاهيم وعلاقات جديدة بين الجانبين، وربما إلى إعادة صياغة النظام العالمي برمته على أسس جديدة.

بهذا المعنى، تحمل العقوبات في ثناياها نوعاً من العجز عن المواجهة المباشرة، إذ إن الغرب والولايات المتحدة، خصوصاً، لم تتردد يوماً عن التدخل المباشر لحماية مصالحها، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بحلفائها، في أي مكان في العالم، والشواهد على ذلك كثيرة، لكن الغرب يظهر اليوم كمن يختبئ خلف العقوبات لتبرير عجزه عن المواجهة. ثمة أمر لا يقل أهمية بشأن العقوبات، فهي أولاً سلاح ذو حدين، بحسب المحللين، إذ إنها في ظل الاقتصاد العالمي المتشابك والمصالح المتداخلة قد ترتد على الطرفين معاً، الجهة أو الجهات التي تفرض العقوبات والجهة المعاقبة بالتأكيد، أي أن الجهة التي تفرض العقوبات تقوم بمعاقبة نفسها أيضاً كما لو أنها تطلق النار على قدميها. 

 ولهذا السبب جرى استثناء بعض القطاعات الاقتصادية الروسية من العقوبات، وتحدث الرئيس جو بايدن صراحة عن وجود خطة لتخفيف آثار بعض العقوبات على الداخل الأمريكي والحلفاء الأوروبيين. غير أن الكثير من المحللين يرون أنه لا يمكن تعويض أوروبا، خصوصاً، عن الغاز الروسي الذي يمر عبر أوكرانيا ويمثل أكثر من 40% من استهلاكها في الوقت الراهن، على الأقل، ناهيك عن تجميد تدفق الغاز عبر خط «السيل الشمالي»، ما سيلقي بعبء الارتفاع الجنوني للأسعار على كاهل الأوروبيين، بينما لا تزال واشنطن تدرس مع شركائها الأوروبيين مسألة فصل روسيا عن نظام «سويفت» العالمي للتعاملات المصرفية، وهي مسألة لا تزال موضع خلاف بسبب الأضرار التي قد تلحق باقتصادات الدول الغربية عبر توقف الكثير من شركاتها الكبري عن التعامل بمليارات الدولارات على صعيدي الاستيراد والتصدير.

 الأسوأ من ذلك، هو النتائج التي ستترتب على الحرب الأوكرانية، خصوصاً على العلاقات بين الشرق والغرب، وإن كانت ارتداداتها ستطال العالم أجمع، إذ من الواضح أن روسيا التي بدأت هذه الحرب لن تنهيها قبل تحقيق أهدافها، والتي يمكن اختزالها في إخراج أوكرانيا نهائياً من فلك «الناتو» وتنصيب سلطة موالية لها في كييف. ومن سوء حظ أوكرانيا أنها أرادت الدخول تحت مظلة «الناتو» لتوفير الحماية الضرورية لها في لحظة وصلت فيها روسيا إلى ذروة قوتها الاستراتيجية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"