هيمنت مسألة الأعمال العسكرية الروسية في أوكرانيا على معرض للخدمات اللوجستية أقيم في لندن هذا الأسبوع، أكثر من اهتمامه بأحدث أجهزة تتبع الشحنات أو كيفية إطلاق عجلة القطاع بعد جائحة كوفيد-19.
وأجبرت المعارك المستمرة منذ أسبوع العديد من الشركات على تعليق عملياتها انطلاقاً من أوكرانيا وأيضاً من روسيا، في وقت بدأت حكومات العالم فرض عقوبات اقتصادية قاسية على موسكو.
وتبرز الآن مخاوف من أن يلحق النزاع المزيد من التعطيل بالقطاع ويعيق التعافي من الوباء الذي سدد ضربة لسلاسل الإمداد في العالم.
وقال مدير تنمية الأعمال لدى شركة زينكارجو دان سميث كوكس لوكالة فرانس برس «شاهدنا بعض المصنعين ينتقلون من أوكرانيا وروسيا إلى شرق أوروبا».
وأضاف في تصريحات خلال معرض سلسلة الإمدادات لقطاع التجزئة والشؤون اللوجستية الذي انعقد في مركز إيكسيل للمؤتمرات «الكثير من الانتاج ينتقل إلى تركيا».
ورأى مشارك آخر، رفض الكشف عن اسم شركته التي تعمل في مجال قص المعادن، إن الشركة اشترت مواد أولية من بولندا وروسيا وألمانيا وأوكرانيا.
والعديد من الموردين تأثروا بشكل مباشر، كما قال، بل يخشون أوقاتا أكثر صعوبة.
وقال إن «الحرب أكثر صعوبة من تدابير الإغلاق».
واعتبرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية الحرب الدائرة «أكبر خطر» على سلاسل التوريد منذ الوباء، وقد بدأت تداعيات النزاع العسكري في الظهور.
الثلاثاء أعلنت أكبر ثلاث شركات شحن في العالم، هي إم إس سي (MSC) وميرسك (Maersk) وسي إم إيه سي جي إم (CMA CGM)، من بين شركات أخرى وقف خدمتها إلى موانئ روسية من سان بطرسبرغ على بحر البلطيق إلى فلاديفوستوك على المحيط الهادئ.
وعدا عن اضطرارها بسرعة لإيجاد طرق جديدة، فإن تكاليف الشحن ترتفع على الفور نظراً لإطالة مسافة الرحلات ما يسبب مزيداً من المتاعب فيما يسجل التضخم مستويات مرتفعة جداً.
ويؤثر وقف الشحن إلى المرافئ الروسية على النقل الجوي وبسكك الحديد في أنحاء البلاد «ما يجعل الأسعار أكثر ارتفاعاً نظراً لارتفاع أسعار النفط نتيجة الحرب»، وفق متحدث باسم، شركة الشحن الناشطة على الانترنت «فريتوز».
وسجلت أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً منذ الغزو ووصل سعر خام برنت بحر الشمال إلى 120 دولاراً للبرميل، كما بلغت أسعار الغاز مستويات قياسية.
وترخي المخاوف إزاء سلاسل الإمداد بظلالها على الأسواق، إذ ارتفعت أسعار المعادن الصناعية فيما بلغ سعر الألمنيوم أعلى مستوياته على الإطلاق.
أزمة منتجات محددة
أشارت شركة فريتوز أيضاً إلى ارتفاع بوالص التأمين بالنسبة للناقلات التي قد تعبر مناطق نزاع.
وقال المدير التنفيذي لشركة سكالا التي تقدم استشارات في مجال سلاسل التوريد، ديف هاورث، إن أزمة سلاسل الإمداد ستتعلق ب«منتجات محددة» وليس بالمنتجات عموماً كالأزمة خلال الجائحة.
وإضافة إلى أسعار الطاقة والسلع، يُتوقع أيضاً أن ترتفع أسعار أشباه الموصلات التي تشهد أصلاً أزمة نقص في الإمدادات على مستوى العالم.
تصدّر أوكرانيا أكثر من 90 في المئة من أشباه الموصلات فئة نيون، إلى الولايات المتحدة.
وقال رئيس الجمعية البريطانية لمصنعي وتجار السيارات، مايك هوز، إن روسيا وأوكرانيا تنتجان مواد أولية مثل الألمنيوم والنيون المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، والتي هي جزء من إمدادات قطاع السيارات الأوروبي.
وحذر هاورث من تعرض السلع الزراعية لأزمة أيضا.
بلغت حصة أوكرانيا وروسيا 23 في المئة من تجارة القمح العالمية في 2021-2022.
والدولتان أكبر منتجين لزيت دوار الشمس، مع حصة تبلغ 60 في المئة من المخزون العالمي.
وقال إن «سلسلة توريد المواد الغذائية، وخصوصاً القمح والحبوب، ستتأثر سلباً».
وعلى صعيد النقل فإن النزاع يهدد بمفاقمة النقص الواسع في أعداد السائقين في أوروبا، وخصوصاً في بولندا.
وتقدّر أكبر جمعية لسائقي الشاحنات في بولندا أن 30 في المئة من السائقين الأوكرانيين يعملون لدى شركات نقل بولندية. (أ.ف.ب)
