عادي

تعرف إلى رواية «عصر الجاز» الأمريكي

20:07 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: علاء الدين محمود

الرواية هي شاهد العصر بتناولها للمتغيرات الاجتماعية التي تحدث فيه، ورصدها للوقائع والمشاهد في الحياة اليومية، والتقاطها للتفاصيل الصغيرة، هي حكاية مفعمة بالتشويق لحيوات البشر، والعمل السردي الذي يخلد بين الناس هو الذي يفلح في أن يكون قريباً منهم ومعبراً عنهم.

رواية «جاتسبي العظيم»، من أشهر الأعمال الأدبية والإبداعية الأمريكية، ألفها الكاتب فرنسيس سكوت فيتزجيرالد ونشرت لأول مرة في عام 1925، وهي تعتبر من كلاسيكيات الأدب الأمريكي، وعرفت على صدى واسع حول العالم، وتنبع أهمية الرواية من كونها تعتبر من الأعمال التي تغوص في أعماق المجتمع، وتمارس فعل الرصد والتحليل بأسلوبية شيقة يجد فيها القارئ المتعة، ويلمس المهارة الإبداعية والأسلوبية لذلك الكاتب الكبير الذي نجح في صنع عمل ينتمي إلى المجتمع الأمريكي بمختلف طبقاته الاجتماعية، فهو يتجول في أزقة الفقراء وشوارعهم ومقاهيهم الشعبية، ويتسرب إلى أسوار الفئات المرفهة الغنية وأماكن ملتقياتهم، ليحدث القارئ عن كيف كان يعيش المجتمع الأمريكي وشواغله في مرحلة تاريخية معينة.

واعتبرت الرواية إحدى أهم الوثائق الأدبية التي تناولت وأرخت لعقد العشرينات الهادرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي فترة مفصلية شكلت نقطة تحول في حياة الأمريكيين، أخلاقياً ومادياً واجتماعياً، أطلق عليها فيتزجيرالد اسم «عصر الجاز»، فأضحى المسمى فيما بعد المصطلح المعتمد في الدوائر الأدبية، الأكاديمية منها وغير الجامعية، وهو العصر الذي يبدأ مع نهاية الحرب العالمية الأولى «1918»، بعد رواج موسيقى الجاز، وفي ذلك الوقت أخذ الاقتصاد الأمريكي يحقق أفضل أداء له بمعدلات غير مسبوقة من النمو، واستتبع ذلك ولوج أمريكا عصراً من حال الدعة بعد البؤس، وهي فترة ذهبية براقة متخمة، ركن فيها أصحاب النعمة إلى الرفاهية، والتبذير، والرخاء، وقد رافق ذلك السعي وراء المتع الحسية وضروب التسلية، دخول المخترعات الحديثة كالسيارة والتلفون والنقل الجوي، فتبدل المجتمع تماماً، وتغيرت اهتماماته.

وتقع أحداث الرواية في منطقة «لونغ آيلند» المزدهرة في عام 1922، ويقدم العمل، بأسلوبية فريدة، وصفاً دقيقاً للتحولات التي طرأت على المجتمع الأمريكي في تلك المرحلة الصاخبة من القرن الماضي ضمن إطارها السردي، حيث تطورت سبل الحياة، وتطورت تبعاً لها موسيقى الجاز، وانتشر ما عرف حينها بثقافة «الفلابر»؛ والتي تعني نمط وأسلوب الحياة الأرستقراطية الذي بدأ يسود من حيث المظهر والشخصية، وإلى جانب ذلك راج التهريب والنشاطات الإجرامية الأخرى آنذاك، وتحولت الحياة إلى صخب عظيم، والواقع أن الكاتب يُسخر جميع هذه التطورات والتحولات الاجتماعية لبناء قصة جاتسبي ابتداءً من أبسط التفاصيل مثل السيارات إلى موضوعات أوسع مثل الجريمة المنظمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"