الأدب والمال والإعلام..

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

درجت جوائز أدبية عربية وعالمية على إعلان أو وضع قوائم للروايات التي تصل إلى التصفيات النهائية، وأطلقت عليها القوائم الطويلة، والقوائم القصيرة، أما الروايات الفائزة فهي، عادة، الروايات الثلاث الأولى من القائمة القصيرة.. الرواية الأولى الفائزة هي عادة ودائماً «بطلة» هذا السباق الأدبي التقليدي والسنوي عند هذه الجوائز.
الروايات أو الرواية الفائزة تحظى بالجائزة المادية والمعنوية والإعلامية، وتنقل هذه الروايات، في حالة جائزة البوكر العربية إلى لغات أخرى في إطار نظام ترجمة محترم، وبخاصة إلى الإنجليزية، وبسبب من التركيز الإعلامي والصحفي الثقافي على الروايات الطويلة والروايات القصيرة تحظى هذه الروايات بطبيعة الحال بنسبة قراءة عالية، وتقفز مؤشرات مبيعات هذه الروايات إلى مستويات عالية.
يعني، ذلك، أن هذه القوائم الطويلة، والأخرى القصيرة، هي في واقع الحال بمثابة ترويج مجاني لهذه الروايات، فالقارئ المسكون دائماً بالفضول، والمتشوّق لمعرفة الرواية التي ستفوز بالجائزة يذهب من باب الفضول إيّاه إلى قراءة روايات القائمتين الطويلة، والقصيرة.
أيضاً روائيو القوائم الطويلة، وروائيو القوائم القصيرة يعتبرون وصولهم إلى هذه المؤشرات «القوائمية» إن جازت العبارة امتيازاً أدبياً، فالوصول إلى القائمة، أو مجرد الوصول إلى القائمة سواءً أكانت طويلة، أم أكانت قصيرة هو تأشير امتيازي من جانب لجنة التحكيم يفيد أن هذه الرواية جيدة، ولذا، استحقت إدراجها في قائمة.
هذا كلّه لا يعني أن الروايات التي لم تحظ بالوصول إلى القوائم هي روايات غير جيدة، أو غير جديرة بالقراءة، بل، على العكس من ذلك، هناك من يقول إن روايات البوكر العربية الفائزة وغير الفائزة جميعها والتي يصل عددها في بعض الدورات إلى أكثر من مئة رواية قد شكّلت ظاهرة روائية عربية في السنوات الأخيرة جعلت من فن السرد منافساً أدبياً للشعر، وأن الزمن الأدبي العربي هو زمن الرواية لا زمن الشعر، ولعلّه من المُكَرّر والمُعاد القول إن بعض الشعراء العرب اتجه إلى كتابة الرواية ووجد فيها تحقيقاً شخصياً لذاته ولحياته، لا بل إن روائيين عرباً يعيشون اليوم بكرامة من وراء تفرّغهم للأدب وتحديداً، الأدب الروائي، وليس جديداً القول إن الروائي المحظوظ في سوق وإعلام الرواية يقطف في عام واحد أو عامين أكثر من جائزة أدبية ذات قيمة مادية محترمة تجعل منه بالضرورة، كاتباً ليس خاضعاً إلى وظيفة روتينية، أو خاضعاً لمؤسسة ما قد تستهلك الكثير من وقته وجهده اللّذين يوجهها للكتابة، ووقت الكتابة.
.. لن ابتعد كثيراً عن فكرة هذه المقالة حول القوائم الطويلة والقوائم القصيرة بوصفها دعاية مجانية ميسّرة للأدب الروائي في حدّ ذاته، وبالتالي، فهذه القوائم هي دعاية عريضة للروائي نفسه الذي يحظى بشيء من النجومية الإعلامية لمجرّد أنه وصل إلى قائمة طويلة أو قائمة قصيرة.
بقيت كلمة أو ملاحظة واحدة في هذا السياق الجوائزي الروائي العربي، وهي أن «نوبل» جائزة عالمية، ولكنها بلا قوائم طويلة وقصيرة. جائزة مُباغتة تماماً في بعض تقييماتها العالمية تذهب مباشرة وبلا مقدّمات إلى شاعر أو روائي من هذا العالم، وفي الوقت نفسه تصنع له شهرة عالمية.
.. قيمة الجائزة الأدبية المادية محدودة في المال، وقيمتها المعنوية مُتّسعة في الإعلام.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"