سوريا والتحولات التركية

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

عندما ابتدع وزير الخارجية التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو عام 2009 مفهوم «صفر مشكلات»، الذي تحوّل في ما بعد إلى مسار سياسي تركي في العلاقات مع دول الجوار ومن بينها الدول العربية، تمكنت أنقرة من جني مكاسب سياسية واقتصادية هائلة. لكن الأمر لم يدم طويلاً، إذ حصل تحوّل جذري في السياسة التركية خلال ما سُمي «الربيع العربي»، وبدأت أنقرة نهجاً جديداً يقوم على التدخل السياسي والعسكري المباشر وغير المباشر في العديد من الدول العربية على قاعدة دعم جماعة الإخوان المسلمين، فنجحت هنا وفشلت هناك، لكنها فقدت كل ما بنته من علاقات ومكاسب ونفوذ.
 لكن تركيا أدركت خلال العام المنصرم أن هذه السياسة الخاطئة أدت إلى عزلها سياسياً، وخسارتها اقتصادياً، وأوقعتها في أزمات مع العديد من الدول، وقطع علاقات مع دول أخرى، ما أدى إلى تفاقم أزماتها الداخلية الاقتصادية والمالية، فبدأت عملية «تكويع» للعودة إلى سياسة «صفر مشكلات»، من خلال السعي لفتح صفحة جديدة مع الدول العربية، خصوصاً مع مصر ودول الخليج العربية، وتحديداً مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد تمكنت تركيا خلال الأشهر القليلة الماضية من تحقيق نجاحات على هذا الطريق، وبناء جسور للتواصل واستعادة الثقة مع معظم الدول العربية، فيما ظلت «العقدة السورية» من دون حلحلة، رغم الجهود الروسية والإيرانية التي بُذلت خلال السنوات الماضية عبر مسار سوتشي وغيره.
 لكن يبدو أن أنقرة بدأت تتخلى أيضاً عن «سياستها السورية» التي اتسمت بالعداء المطلق من خلال دعمها التنظيمات المسلحة المعارضة في الشمال السوري، إضافة إلى الوجود العسكري المباشر بحجة مواجهة «الإرهاب الكردي».
 صحيفة حرييت التركية كانت نشرت يوم 6 إبريل/نيسان الجاري تقريراً تحدثت فيه عن نقاش داخل الأوساط السياسية التركية لبحث إمكانية تطبيع العلاقات مع دمشق، ومناقشة مسودة اتفاق معها، في إطار ما أسمته «إعادة تقييم للملف السوري بشقيه السياسي والإنساني»، وذلك قبيل حلول موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل. إذ إن التقارب مع دمشق يمنح تركيا فرصاً سياسية واقتصادية مهمة مع الدول العربية، ومع روسيا، كما أنه يقطع الطريق على المعارضة التركية لاستخدام الملف السوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة. 
 ما يؤكد هذا التوجه الإعلان قبل يومين عن استضافة موسكو اجتماعاً سورياً  تركياً، وتصريح لرئيس الوفد السوري الرائد حيدرة جواد لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أشار فيه إلى أن الاجتماع «كان بنّاءً جداً، وأحرزنا تقدماً، واتفقنا على عدة بنود تصب في مصلحة الطرفين». كما أكد الاتفاق «على وحدة الأراضي السورية وعدم المساس بها، وبسط السيادة على كامل الأراضي السورية، بما فيها شرق الفرات، وإن من حق تركيا الدفاع عن أمنها القومي ضد المجموعات الإرهابية العاملة في شرق الفرات تحت الرعاية الأمريكية، وإعادتها إلى ربوع الوطن الأم»، في إشارة إلى قوات الحماية الكردية.
.. إنها مؤشرات على بداية التحول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"