عادي

تعرف إلى أشهر ملحمة شعرية في القرن ال 17

23:13 مساء
قراءة دقيقتين
جون ميلتون
غلاف

الشارقة – عثمان حسن

"الفردوس المفقود" هي أحد الأعمال المتأخرة لأعظم شعراء الإنجليزية "جون ميلتون" "1608 - 1674 "، وهي التي وصفت بأنها من الملاحم التي لا نظير لها في اللغة الإنجليزية، في القرن السابع عشر، وجاءت في طبعتين، الأولى، نشرت في 1667 وتتألف من كتابين يحتويان على أكثر من ألف بيت، تلتها الطبعة الثانية في 1674، وجاءت في 12 كتابا (على طريقة إنياذة فرجيل) مع تنقيحات طفيفة وملاحظة حول نظم القصيدة.

في هذه الملحمة، نتعرف إلى حدوتة ذات طابع مشترك في الأديان السماوية، لها صلة بخلق آدم وحواء، وعصيان إبليس ومن اتبعه من الشياطين لله تعالى، ومن ثم طرده من الجنة، في التفاصيل تتحدث الملحمة عن ذلك السقوط العظيم من النعيم، الذي جرى مع آدم وحواء وبالتالي البشرية جمعاء، وهناك عصيان إبليس وشياطينه، والحبكة الرئيسية في هذه الدراما الهائلة، تطرح الصراع بين قوتي الخير والشر، الشر بما يمثله من فساد يقوده إبليس نحو الإغواء والخيانة والتمرد، يحتدم الصراع في الملحمة عبر ثلاثة عوالم - السماء والجحيم والأرض- حيث يخطط الشيطان ومجموعته من المتمردين للانتقام، وفي قلب هذا الصراع، هناك آدم وحواء، اللذان يتحركان في دوامة من الإغراءات البشرية، انتهاء بسقوطهما النهائي في الحب الذي لا ينضب.

استحوذت هذه الملحمة على اهتمام أجيال متعاقبة من القراء والنقاد، ويمكن رؤية تأثيرها العميق في كل ركن من أركان الثقافة الغربية.

جاءت الملحمة في ثلاثة مستويات، تتنوع في مستويات الخطاب، والسرد، بما في ذلك الوصف والحوار، كما تميزت بطرائق معالجتها تبعا لما تصوره الشاعر واستلهمه من الكتب المقدسة.

عاش ميلتون صراعا غير محسوم، تقوده تجاذبات دينية وسياسية، فقد نظر إلى الحرب الأهلية (1642 - 1648) باعتبارها تقسم العالم إلى قسمين، أو عالمين، ففي الوقت الذي كان فيه العالم الجديد في الخارج يكتشف، ويجري الاستيلاء عليه بالعنف والحرب والتدمير، كان هناك في بريطانيا عالم جديد ينشأ، رسمت معالمه "البروتستانتية" بحسب مفهوم ميلتون.

إذن هناك عالمان جديدان في انجلترا، والقارة، والعالم المكتشف، بحسب مفهوم ميلتون، وكان لهما مصيران مختلفان، عالم كبير (خارجي) صمد لبعض الوقت أمام الأوروبيين، وصمد العالم الجديد (الداخلي) وهو العالم الصغير صمودا قويا جعله يتوطد ويستمر، ولم يكن النصر حاسما في هذا العالم، وكذلك في العالم الجديد.

آمن ميلتون أن ما يجري من أحداث كبرى في العالم، لا ينسجم وفكرة العدالة الحقيقية للأديان، ونرى ذلك في "الفردوس المفقود" التي تعبر عن حيرته الوجودية، وهي حيرة كما يراها: تتعايش فيها الأضداد بصورة غريبة، يعجز الفكر البشري عن استيعابها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"