بدائل زيادة الإنتاج

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

هل من الممكن انتهاج استراتيجيات مغايرة لمكافحة الجوع في العالم من دون التفكير في الطرق التقليدية؛ المتمثلة في زيادة الإنتاج، واستنزاف الأراضي الزراعية؟ 

 تقول دراسة عملية نشرتها مجلة «نيتشر ساستاينابيليتي»، إن القضاء على الجوع عبر الحدّ من سياسات عدم المساواة في الحصول على الغذاء بدلاً من زيادة معدلات الإنتاج الزراعي، أمر ممكن الحدوث، وهو علاوة على تحقيق هدفه الأساسي، فإنه يضمن أيضاً حماية أكبر للنظم البيئية في العالم.

 والدراسة الجديدة تحفزها الإحصاءات المتواترة والمرعبة عن معدلات الجوع ونقص الغذاء، إضافة إلى معدلات الزيادة السكانية. وبالطبع فإن هناك تقدماً تحقق في التقليل من أعداد الذين يعانون الجوع أو توفير الحماية للمجتمعات المهددة بالمجاعة. إلا أن معدلات الضحايا ما تنفك تتزايد، الأمر الذي قد يقود في نهاية الأمر إلى استهلاك الأراضي الزراعية، واستنزاف مواردها إضافة إلى الأضرار التي تلحق بالبيئة؛ والمتمثلة في تلوث الهواء والماء، وفقدان التنوع البيولوجي، وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة.

 والدراسة الجديدة أطلقها باحثون من المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية في النمسا، ومعهد الدراسات البيئية الياباني. وهي توضح أن إطعام سكان العالم، الذين يتزايد عددهم باستمرار، عن طريق زيادة إنتاج الغذاء من دون تطبيق استراتيجيات استهلاك أكثر استدامة «بمنزلة تهديد مستمر للبيئة».

 ويقول الباحثون: إن السيناريو الموجه نحو النمو الاقتصادي، والذي يتجاهل التوزيع غير العادل للأغذية، ويهدف إلى القضاء على الجوع عن طريق زيادة إنتاج الغذاء، سيتطلب إنتاجاً غذائياً إضافياً بنسبة 20% تقريباً، و48 مليون هكتار من الأراضي الزراعية الإضافية، ويؤدي ذلك مباشرة إلى انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 550 مليون طن بحلول عام 2030.

 والفرضية التي يبني عليها العلماء دراستهم، تقول إن الجوع ناجم عن عدم المساواة في الحصول على الغذاء بين سكان الكرة الأرضية، وليس نتيجة نقص الإنتاج الزراعي، ويعني ذلك أن الإنتاج الراهن للمحاصيل الزراعية يكفي لإطعام السكان من دون الحاجة إلى زيادة الإنتاج. ويدعو الباحثون إلى تقييد الأغذية غير الصحية، وسَن قوانين، للحد من هدر الغذاء في بقايا الطعام.

 وفيما يتصل بالاستراتيجية البديلة لمكافحة الجوع، يقول نائب مدير برنامج إدارة خدمات النظم البيئية وتنمية الموارد في المعهد الدولي بيت هافليك: «إذا كانت العدالة في توزيع الأغذية مصحوبة بتقليل الاستهلاك الزائد عن الحاجة، وتقليل بقايا الطعام، إضافة إلى تحسين عملية التكثيف الزراعي، ففي هذه الحالة يمكن مكافحة نقص التغذية مع تقليل الإنتاج الزراعي في الوقت ذاته، ما يؤدي إلى فوائد متعددة، لتحقيق الاستدامة البيئية».

 ويوضح هافليك أكثر، بأن أسباب نقص التغذية تعود إلى خلل في النظام الاقتصادي والسياسي الحالي، وهو ما يعني إمكانية مكافحة هذه الظاهرة عن طريق معالجة هذا الخلل من دون الحاجة إلى الضغط على البيئة من خلال تكثيف الأنشطة الزراعية. 

 وفي وضع بلغت فيه معدلات ضحايا الجوع 800 مليون نسمة مع شكاوى المنظمات الدولية من شح التمويل، تبقى مثل هذه الدراسات جديرة بالاهتمام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"