فضل ليلة القدر

00:00 صباحا
قراءة 3 دقائق
3

د. سالم بن ارحمه الشويهي

ليلة القدر عظيمة بِاخْتِيَارِ اللَّهِ لها لبدء تنزيل كتابه العظيم قال الله تعالى:«إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ». والليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري، «وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ»، فكم من الشهور والسنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة من آثار «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ». وألف شهر تعادل ثلاثاً وثمانين سنة وثلث السنة، وهذا عمرٌ قلَّ من الناس من يبلغه، فكيف بمن يعبد الله فيه، ومَن مِنَا يستطيع أن يُحيي ثلاثةً وثمانين عاماً صائماً نهاره قائماً ليله بلا كلل ولا فتور.

إن ليلة القدر لمن أدركها قائماً داعياً متضرعاً تضيف لعمره عند الله تعالى أكثر من ألف شهر من العبادة.

وليس هذا هو كل فضل هذه الليلة، بل كما يَزدادُ فيها المؤمنُ من الأجر يتخفف فيها من الوزر، قال النبي : «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

وسورة القدر تُثبت زيادة الأجر، والحديث يُثبت سَقوط الوزر، فهل بعد هذا الفضل من فضل؟ ويكثر «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا»، وفي مُقَدِّمَتِهِم جِبْريلُ عَلَيهِ السَّلامُ لِيَشْهَدُوا المصَلينَ الركع السجود، «بِإِذْنِ رَبّهِم» والملائكة يتنزلون مع تنزّل البركة والرحمة، حتَّى إِنَّ الملائِكَةَ في ليلة القدر أَكثَرُ منْ عَدَدِ الحَصَى، فهي ليلة الاتصال بين أهل الأرض والسماء، وليلة الأنوار؛ نور القرآن، والملائكة الأطهار، ونور القَبول، ومغفرة الذنوب والآثام؛ فلا ينبلج الفجر إلا وكل الذنوب تغفر للمستغفرين «سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ».

فيا من فرط أول الشهر بادر ليلة القدر، قال النبي: «فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ». كيف نغفل عن ليلة القدر التي يكون فيها أعظم حدث سنوي مصيري للبشرية قاطبة؟

قال تعالى عنها: «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا».

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«يَكْتُبُ مِنْ أُمّ الْكِتَاب في ليْلة الْقدرِ مَا هو كائن فِي السَّنة مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجال حتّى الْحجّاجِ، يُقَال: يَحُجُّ فُلَانٌ [وَيَحُجُّ فُلَانٌ]. إِنَّك لَتَرى الرجُل يمشي فِي الْأَسْوَاق وقد وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى».

تَزَوَّدْ مِنَ التَّقْوَى فَإِنَّكَ لا تَدْرِي إِذَا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعِيشُ إِلَى الفَجْرِ

 فَكَمْ مِنْ صَحِيحٍ مَاتَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَكَمْ مِنْ عَلِيلٍ عَاشَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ

 وَكَمْ مِنْ صَبِيٍّ يُرْتَجَى طُولُ عُمْرِهِ وَقَدْ نُسِجَتْ أَكْفَانُهُ وَهْوَ لا يَدْرِي

 وَكَمْ مِنْ عَرُوسٍ زَيَّنُوهَا لِزَوْجِهَا وَقَدْ قُبِضَتْ أرواحهُمَ لَيْلَةَ القَدْرِ

 فلنجتهد في ليلة القدر بالقيام والدعاء ليغير الله حالنا إلى أفضل حال فليلة القدر ليلة الدعاء والاستغفار، والدعاء فيها مستجاب.

وبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الدعاء من أقوى الأسباب في رفع البلاء ودفعه فقال: «لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ)».

ولأهمية الدعاء في ليلة القدر؛ وجهنا المصطفى، صلى الله عليه وسلم، لدعاء عظيم جامع ندعو به في ليلة القدر في سجودنا، وقنوتنا وجميع أحوالنا فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أرَأيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي». وقال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"