عادي
تزيد الميكروبات المقاومة للدواء

الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يؤخر العلاج

00:23 صباحا
قراءة 7 دقائق

تحقيق: إيمان عبدالله آل علي

وضعت الدولة قوانين صارمة للحد من صرف المضادات الحيوية بدون وصفة طبية، وإيقاف الصرف غير المنظم والعشوائي، فزيادة استخدام هذه المضادات يؤدي إلى زيادة عدد الميكروبات المقاومة للعلاج، والإفراط في استخدام المضادات الحيوية وإساءة استخدامها من العوامل الرئيسية التي تساهم في مقاومة المضادات الحيوية من قبل جسم الإنسان، والجميع له دور، المرضى والأطباء والمستشفيات، في ضمان الاستخدام السليم للأدوية وتقليل تطور مقاومة المضادات الحيوية.

أكد الأطباء أن المضادات الحيوية إذا استعملت بطريقة غير مناسبة فتؤدي إلى مشكلة مقاومة المضادات الحيوية، والمريض الذي يتناول المضاد لمدة يوم أو يومين وبالتالي يشعر بتحسن وقتي ويقوم بإيقاف المضاد الحيوي يرتكب خطأ شائعاً وكبيراً، لأن عدم إكمال كورس المضاد الحيوي تصرف خاطئ وممكن أن يؤدي إلى مقاومة المضاد الحيوي من قبل جسم المريض.

وشددوا على أن المضادات الحيوية لا تُعطى عشوائياً، بل يجب أن توصف فقط للمرضى الذين يعانون بعض الأمراض المعدية والمؤكّدة بوضوح، وإصدار قانون صرف المضادات الحيوية حدّ من الاستخدام غير الصحيح والعشوائي المنتشر بشكل ملحوظ لدى معظم الأشخاص، حيث اعتاد الكثيرون من المرضى على أخذ العلاج عند الشعور بأعراض المرض ثم التوقف في حالة الشعور بالتحسن دون الرجوع للطبيب، مما يؤدي إلى أضرار طبية عديدة.

وأكدت وزارة الصحة ووقاية المجتمع أن مقاومة المضادات الحيوية تشكل تهديداً لا يستهان به على الصحة العامة، ولهذا، تحرص الوزارة على التوعية بمخاطر الإسراف في استهلاك المضادات الحيوية بشكل عشوائي للتوعية بالمضادات الحيوية.

وتقوم الوزارة بالعديد من المبادرات منها تعزيز القرار الوزاري لمنع صرف المضادات الحيوية في الصيدليات الخاصة من غير وصفة طبية ورصد مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية في كل إمارات الدولة ودراسة الوضع الراهن، من حيث تطبيق نظم الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية ومتابعة الالتهابات المصاحبة للمنشآت الصحية حتى يتسنى لها أن تدعم النشاطات بخصوص تخفيضها إلى أقل درجة ممكنة.

ونبهت الوزارة إلى تزايد نسبة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية على المستوى العالمي حسب تحذيرات منظمة الصحة العالمية لافتة إلى جهود الوزارة في ترشيد استخدام المضادات الحيوية من خلال الحملات التوعوية المستمرة، وإصدار تعاميم بمنع صرفها من الصيدليات بدون وصفة طبية مع الالتزام بالبروتوكولات العلاجية عند وصفها وفقاً لحالات المرضى، وذلك في إطار جهود الوزارة لتقديم الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة بطرق مبتكرة ومستدامة تضمن وقاية المجتمع من الأمراض.

1
د. ضرار عبدالله

أكد د. ضرار عبدالله استشاري الطب الباطني بمستشفى برايم، أن المضادات الحيوية إذا استعملت بطريقة غير مناسبة فتؤدي إلى مشكلة، وهي مشكلة مقاومة المضادات الحيوية، مما يعني أن البكتيريا تصبح مقاومة لعمل المضادات الحيوية، أي أن هذه المضادات الحيوية تصبح غير فعالة في المستقبل إذا استعملت في غير محلها وبدون أي دواعٍ طبية، ولذلك سنت دولة الإمارات قانوناً للحد من استعمال المضادات الحيوية بدون وصفة طبية وهذا القانون هو قانون فعال جداً كما نلاحظ من مرضانا الذين يقومون بمراجعتنا من أجل كتابة وصفة طبية للمضاد الحيوي، بحيث أن معظم الصيدليات ترفض إعطاء المضاد الحيوي بدون وصفة طبية.

وقال: تم سنّ هذا القانون في 2018 وحدّ من العشوائية بشكل كبير وحدّ من إعطاء مضادات للمرضى لأن هناك نسبة كبيرة من المرضى تأخذ المضاد الحيوي بدون استشارة طبيب، فقط باستشارة زميل أو جار أو صديق، وهذا السلوك يؤدي إلى أن المريض يتناول المضاد لمدة يوم أو يومين بالتالي يشعر بتحسن وقتي ويقوم بإيقاف المضاد الحيوي، وهذا خطأ شائع وكبير لأن عدم تكملة كورس المضاد الحيوي خاطئ جداً وممكن أن يؤدي إلى مقاومة المضاد الحيوي من قبل جسم المريض، فهذا القانون حدّ من العشوائية وأثرها على المرضى، وأثره إيجابي لأنه لا يمكن أن يأخذ المريض المضاد بدون استشارة طبية، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية وأضرار جانبية مثل ألم البطن أو التقيؤ أو الإسهال وحساسية الجلد ومشاكل كلوية ومشاكل أخرى على الكبد.

وأضاف: الطريقة الصحيحة لاستخدام المضاد الحيوي هي باتّباع ما يقوله الطبيب تماماً، فإذا حدد الطبيب عدد الأيام لتناول المضاد بخمسة أيام مثلاً أو أن يكون تناول المضاد بعد الأكل أو قبل الأكل، يجب مراعاة كل هذه الأمور بدقة، أيضاً موعد الجرعة إذا كانت كل 12 ساعة أو كل 24 أو 6 ساعات، لذلك فاتّباع إرشادات الطبيب والصيدلاني في إتمام الكورس مهم جداً، وأشدّد هنا على إكمال الكورس للمضاد الحيوي لأنه إذا لم نكمل الكورس فإن البكتيريا تشكل مناعة ومقاومة في المستقبل ضد هذا المضاد وبالتالي لا يعطي المضاد النتائج المطلوبة للعلاج في المستقبل، مما يعني أن المضاد غير فعال وبالتالي يضطر الطبيب أن تغيير المضاد إلى مضاد أقوى وهذا الأقوى يأتي مع آثار جانبية أقوى أيضاً.

وأوضح أن أضرار الإفراط في استخدام المضادات الحيوية تؤذي البكتيريا النافعة في القولون والأمعاء الغليظة، مما يؤدي إلى إسهالات أو أوجاع البطن والغازات والقييء وقد تؤدي بعض المضادات إلي فشل كلوي أو فشل بالكبد أو ارتفاع في إنزيمات الكلية والكبد أيضاً ممكن أن يكون هناك تأثيرات جانبية خطيرة جداً على الجلد مثل الالتهابات الشديدة أو الحساسية الشديدة في الجلد.

وقال: حالات الوفاة بسبب المضاد الحيوي بشكل مباشر أو غير مباشر موجودة، فإن بعض المضادات الحيوية تقوم بعمل حساسية مفرطة، وهذا يؤدي إلى ضيق التنفس وبالتالي يستدعي وضع المريض على جهاز التنفس، وهي حالات قليلة ولكن قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة ثم إلى الوفاة، كذلك الإفراط في تناول المضادات بدون وصفة طبية قد يؤدي إلى فشل كلوي وهذا خطير جداً وقد يسبب الوفاة..

1
د. أديتيا شاه

وأكد الدكتور أديتيا شاه، أخصّائي الأمراض المعدية والعناية المركّزة في مستشفى مايو كلينيك، روتشستر (ولاية مينيسوتا)، أن المضادات الحيوية لا تُعطى عشوائياً، بل يجب أن توصف فقط للمرضى الذين يعانون بعض الأمراض المعدية والمؤكّدة بوضوح. ومع ذلك، هناك بعض القوانين التي تحكم وصف المضادات الحيوية واسعة النطاق، والتي غالباً ما تكون مقيّدة ولا يمكن وصفها إلا من قبل الأخصّائيين في الأمراض المعدية. لافتاً إلى المضادات الحيوية التي تحكمها ضوابط والتي يقتصر وصفها على أخصائي الأمراض المعدية، تساعد المرضى بشكل إيجابي عند التأكد من استخدامها للأسباب الصحيحة وبالطريقة الصحيحة.

وعن الطرق الصحيحة لإعطاء المضادات الحيوية، قال: الطريقة الصحيحة لوصف المضادات الحيوية وضبط استعمالها تقتضي إعطاءها من أجل : المرض الذي يُشخص بشكل صحيح، ومدة العلاج المناسبة، والطريقة الصحيحة (عن طريق الوريد أو الفم أو غيرها)، والجرعة الصحيحة.

وقال : هناك بعض المؤشرات الواضحة، مثل وجود بكتيريا في الدم والتهاب السحايا وغيرها، التي تستوجب على المريض إكمال جرعات المضادات الحيوية. لكنّ المتلازمات الشائعة، مثل التهابات الجهاز التنفسي، لا تكون هناك حاجة غالباً للمضادات الحيوية، لأن السبب هو الفيروسات إجمالاً. والمضادات الحيوية الشائع استخدامها في مثل هذه الحالات تستهدف البكتيريا، لا الفيروسات. والمرضى الذين يعانون ضعف المناعة هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، بسبب نظام المناعة المكبوت لديهم، ويجب أن يخضع هؤلاء المرضى بالتالي لفحص شامل لاستبعاد وجود الإصابة كلياً، وفي كثير من الأحيان، قد يكون علاج العدوى لدى هؤلاء المرضى أشدّ منه لدى الذين ليس لديهم جهاز مناعي ضعيف .

وأضاف: المضادات الحيوية ليست أدوية حميدة، ويمكن أن يكون لكل مضاد حيوي العديد من الآثار الجانبية والضارّة، مثل الحساسية وضعف وظائف الكلى والكبد وآثار جانبية أخرى خاصة بسائر أنظمة الجسم. ومن المرجح أن يؤدي الاستهلاك المفرط إلى ظهور بكتيريا مقاومة للأدوية، والتي لن تكون في المستقبل عرضة لأي مضاد حيوي متاح. ويمكن للمضادات الحيوية واستخدامها غير الصحيح أن يغيّرا توازن البكتيريا المفيدة في الأمعاء لدى أي إنسان، ما يؤدي إلى ظهور عدوى من البكتيريا، مثل تلك التي تصيب القولون، والتي قد تشكّل خطراً على الحياة، فأيّ مضاد حيوي يمكن أن يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة، وفي حالات نادرة، قد تحدث مضاعفات لها علاقة بالحساسية وتعرقل وظائف الكلى والكبد.

1
د.أميرة مشرقي

وأكدت د.أميره مشرقي ، طبيب عام في مركز برايم الطبي البرشاء هايتس، أن قانون صرف المضادات الحيوية حدّ من الاستخدام غير الصحيح والعشوائي المنتشر بشكل ملحوظ لدى معظم الأشخاص، حيث اعتاد الكثيرون من المرضى على أخذ العلاج عند الشعور بأعراض المرض ثم التوقف في حالة الشعور بالتحسن دون الرجوع للطبيب مما يؤدي إلى أضرار طبية عديدة.

وقالت: من الممكن أن يكون قد تسبب هذا القانون في إزعاج بل واستياء البعض، وخاصة الذين ليسوا على دارية كافية بأضرار الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي، لكن بالتأكيد قد أسعد وطمأن الكثيرين وعلى رأسهم الطاقم الطبي الذي كثيراً ما كان يعانى أضرار ومضاعفات عدم استخدام المضادات الحيوية بشكل علمي ومدروس وآمن.

وعن الطريقة الصحيحة لاستخدام المضاد الحيوي، قالت: التعرف على الأعراض التي يعانيها المريض بالتفصيل، والكشف الطبي الدقيق علي المريض، وإجراء الفحوص الطبية عند الحاجة حسب رؤية الطبيب، والوصول للتشخيص الطبي للمرض، ووصف المضاد الحيوي المناسب وإعطاء الجرعة المناسبة ولمدة معينة يحددها الطبيب، وعلى المريض الالتزام التام بكورس العلاج بالمضاد الحيوي كاملاً .

وأضافت: يستخدم المضاد الحيوي في قتل البكتيريا المسببة للمرض، وذلك بالجرعات المطلوبة والمدة اللازمة وعليه فإن التقصير في الجرعة أو في المدة المطلوبة يؤدي إلى خلل في عملية القضاء على البكتيريا وبالتالي ينتج عنه ضعف فقط في البكتيريا ولايقوم بالقضاء عليها وتتوجه البكتيريا للتحوّر إلى سلالات أكثر قوة وشراسة لمواجهة المضاد الحيوي، مما يؤدي إلى عدم فاعلية المضاد الحيوي فيما بعد وعدم قدرته على القضاء على هذه البكتيريا المتحوّرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"