عادي
تحدد أفضل الطرق لمواجهة القلق والاكتئاب

د. صالحة أفريدي: فهم الذات يحمي من الشعور بالوحدة

23:09 مساء
قراءة 4 دقائق
1
د. صالحة أفريدي
IMG-

حوار: مها عادل
تشكل ضغوط الحياة اليومية ومشاكلها صعوبات كبيرة قد تواجهنا على إثرها اضطرابات أكبر في النوم والاستقرار النفسي، تترافق مع انخفاض مستوى التفاعل الاجتماعي وإحساسنا بالبعد عن حياتنا الطبيعية. وفي الحوار التالي تصحبنا د. صالحة أفريدي أخصائية علم النفس الإكلينيكي في جولة داخل عقولنا ووجداننا لتصل إلى أغوار النفس البشرية وتطلعنا على أهم جذور القلق والتوتر بالأوقات الصعبة وأفضل طرق مواجهتها.
تحدثنا د. أفريدي عن أهم مسببات القلق والاضطرابات النفسية بالحياة اليومية وتقول: هناك عدة عوامل توقع بنا فريسة للمشاكل النفسية من أهمها: انعدام التواصل الذاتي، حيث يقضي العديد منا غالبية وقتهم على شبكة الإنترنت في ما يُعرف بالتواصل وتصفح منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث نحرص تماماً على تقديم أنفسنا بالصورة التي نعتقد أنها ستحظى بأكبر عدد من الإعجابات أو المتابعات، وقد يقودنا جهدنا في تشكيل هويتنا الافتراضية إلى فقدان الاتصال مع هويتنا الحقيقية. ويقود هذا الانفصال عن الهوية الحقيقية إلى الشعور بالعبثية والوحدة والقلق.
التدفـق المسـتمر مـن المعلومـات يسبب الإرهاق والتوتر
غالباً ما يتم ربط الوحدة والعزلة بالتواجد بعيداً عن الآخرين، وهو ما يدفع أغلب الناس سريعاً إلى إلهاء أنفسهم بالأنشطة الترفيهية أو الاجتماعية عند شعورهم بالوحدة؛ في حين أنه بالواقع يمكن للجميع أن يكونوا بمفردهم دون الشعور بالوحدة على الإطلاق، بشرط فهم أنفسهم وتقبل شخصياتهم، وهذا ما يجعل التواصل مع ذواتنا إحدى أفضل الطرق للتخلص من الوحدة وتعزيز ثقتنا بأنفسنا وتخفيف التوتر.
وتضيف: أنصح بإغلاق الهواتف المحمولة لبضعة دقائق كل يوم، مهما كنا مشغولين أو ملتزمين بواجبات ملحة، للحصول على قسط من الراحة بعيداً عن هذا التدفق المستمر من المعلومات بهدف تفادي الإرهاق والتوتر؛ كما من الضروري أن نمنح عقولنا الراحة اللازمة من خلال تخصيص أوقات محددة للاسترخاء وتصفية الذهن خلال اليوم. والخطوة الأهم دائماً هي إراحة أنفسنا من الأفكار والأفعال المختلفة، وممارسة التأمل بهدوء لإتاحة المجال لذهننا للاسترخاء.
وتؤكد د. أفريدي: من أكثر مسببات القلق شيوعاً «النوم غير الجيد أو غير الكافي» حيث أحدثت التقنيات المتطورة أثراً سلبياً كبيراً على دورة النوم لدينا، رغم ميزاتها الترفيهية وقدرتها على تعزيز كفاءتنا. ويؤدي تعرضنا الدائم للأجهزة التي تصدر الضوء الأزرق إلى اضطراب إنتاج هرمون الميلاتونين في أجسامنا، والذي ينتجه دماغنا بشكل طبيعي استجابة للظلام، الأمر الذي يقود إلى انخفاض ساعات النوم وتراجع جودته. ويُعد النوم لأقل من سبع ساعات فترةً غير كافية، لا يتمكن الجسم خلالها من إنجاز جميع العمليات البيولوجية اللازمة.
اكتشاف المشاكل النفسية
عن كيفية اكتشاف المشاكل النفسية مبكراً تقدم د.أفريدي نصائح هامة وتقول: أنصح باستشارة أحد الأخصائيين في حال مواجهة صعوبات معينة أو الشعور بالإجهاد، الخطوة التي يتجنبها الناس رغم أهميتها الشديدة؛ حيث يدّعون عادةً أن حالتهم ليست سيئة بما يكفي لاستشارة طبيب نفسي، رغم احتمال معاناتهم من الاكتئاب لعدة أشهر دون أن يدركوا ذلك. ولا يتلقى، في الواقع، معظم المصابين بالاكتئاب المساعدة التي يحتاجون إليها، مما يدفعهم للاعتقاد أن الحياة مجرد معاناة حزينة. ولا تقتصر فائدة الاستشارة أو الدعم من أخصائي على الحصول على تشخيص صحيح وحسب؛ بل تساعد بزرع الأمل في أصعب الأوقات التي يعيش خلالها الشخص تحت وطأة المزاج السيئ.
ولمواجهة القلق والتوتر والتعرض للاكتئاب، يجب الانتباه إلى الأنشطة التي نمارسها خلال اليوم وضمان الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة يمد أجسادنا بالطاقة اللازمة للمحافظة على إنتاجيتنا.
وعن آليات اكتشاف أعراض الاكتئاب والحماية منه تقول أفريدي: يجب أن نكون على دراية بعلامات الاكتئاب وأعراضه، رغم أنه اضطراب ذهني سريري يحتاج لأخصائي خبير لتشخيصه فهو يثبت التشخيص عند وجود خمسة أو أكثر من الأعراض والعلامات التالية يومياً على مدى أسبوعين على الأقل، بما فيها المزاج الحزين وغياب القدرة على الاستمتاع بالأمور التي اعتاد الشخص الاستمتاع بها وانعدام الرغبة بالتواصل مع الأصدقاء وأفراد العائلة وانخفاض الطاقة وضعف التركيز وانعدام الدافع؛ بالإضافة إلى الشعور بالذنب أو الاستسلام وبروز اضطراب النوم أو الشهية، زيادةً أو نقصاناً، والتي يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً على حياة الفرد الشخصية والعملية.
الصفاء الذهني
تطلعنا د. أفريدي عن ماهية الصفاء الذهني وفوائده وكيف يمكننا تدريب عقولنا لتصبح أكثر صفاءً، وتوضح: يمثل الصفاء الذهني القدرة البشرية الأساسية على الحضور التام واليقظة في كل مكان ومهما كان ما نفعله، دون الاستجابة المفرطة أو التعرض للإجهاد نتيجةً للمجريات المحيطة، ويعد الوصول للصفاء الذهني الخطوة الأولى في علاج أي مشكلة ذهنية، نظراً لأهمية العقل في تحديد جودة حياتنا ومدى سلامتنا الذهنية والجسدية.
وتقدم د. أفريدي مجموعة طرق و خطوات لتحقيق الصفاء الذهني وتقول: يمكن ممارسة الصفاء الذهني بعدة طرق، ولكنها تتمثل عادةً في تمارين التنفس وتعزيز الوعي بالعقل والجسد. ويتمحور الهدف من هذه التمارين حول النجاح بالتركيز على عنصر واحد، كالتنفس أو صوت ما أو شعور ما أو أي شيء آخر.
أولاً: ضرورة تقسيم الخطوات الصغيرة لأجزاء أصغر، فيمكن البدء مع أصغر خطوة وزيادة الأهداف تدريجياً؛ حيث لا يستطيع أغلب الأشخاص بدء التأمل بـ 10 إلى 15 دقيقة يومياً، لذلك أنصح بممارسة التأمل لدقيقة واحدة مرتين باليوم ثم زيادتها تدريجياً. ويتمحور الهدف هنا حول ممارسة نفس التمرين يومياً مع زيادة مدته مع الوقت.
ثانياً: مسح الجسد ذهنياً: يصعب عادةً على المبتدئين في عالم التأمل مسح أجسادهم ذهنياً مع التركيز على التنفس، لذلك ننصح بمحاولة الاستماع لفيديو إرشادي لتلك العملية. ويمثل هذا المسح إجراءً بسيطاً ومنظماً للشعور بمختلف أجزاء الجسد.
ثالثاً: التحلي بالصبر: لا تظهر نتائج ممارسة الصفاء الذهني على الصحة الذهنية والجسدية مباشرةً، كما هي الحال عند ممارسة التمارين الخاصة بالعضلات في النادي الرياضي. ولذلك، يتوجب التدرب بانتظام وزيادة التمرين تدريجياً.
رابعاً: ممارسة النشاطات المحفزة للذهن: وتشمل الشطرنج وحل الألغاز والتلوين والخياطة واليوجا، حيث تساعد جميعها على تحفيزكم لتحقيق الصفاء الذهني.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"