الشرطة صديقة

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

أذكر حين كانت ابنتي طفلة صغيرة وكنا نحن والشرطة جيراناً، كانت تفرح جداً كلما عبرنا الشارع ومررنا من أمام مركز الشرطة، وتبدأ بإلقاء التحية من بعيد، والودّ هذا لم يكن نابعاً من تأثرها بدراما تلفزيونية أو أكشن ومغامرات سينمائية، ولا بسبب هيبة ووقار زي الشرطة، بل كان لديها إحساس بأن «الشرطة صديقة»، قريبة من الناس، تساعدهم وتلبي أي نداء. 
هذا الإحساس عام يشعر به كل من يعيش في الإمارات وكل من يزورها، وهو ما يساعدك على الشعور بالأمان دائماً، فنادراً ما تجد الأجهزة الشرطية خصوصاً في عالمنا العربي، تكثر من التواصل مع الناس ومن حملاتها التوعوية بكافة الوسائل الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي وفي المراكز التجارية وزياراتها الإرشادية للمدارس.. تستبق الأحداث والمناسبات والمواسم، تستعد وتعمل على إعداد الناس وتهيئتهم أيضاً في الوقت المناسب.. خذ مثلاً الحملات التوعوية التي تطلقها في هذه الأيام، والبيانات التحذيرية ومقاطع الفيديو التي تنشرها الشرطة مع ازدياد حركة وتواجد الأطفال والشباب في الشوارع، مع اقتراب نهاية العام الدراسي وبدء إجازة الصيف، ومع بدء موسم الحر وارتفاع درجات الحرارة.
نادراً ما تجد عين الشرطة ساهرة بحق على الناس، تسبق الخطر بالتحذير المستمر منه، كم مرة نادت وناشدت الأهالي عدم ترك سياراتهم مفتوحة كي لا يتسلل إليها أطفالهم فيتسببوا بإيذاء أنفسهم، إما بمحاولة قيادة المركبة، وإما بعجزهم عن الخروج مجدداً منها بعد الإغلاق الذاتي للسيارات الحديثة، فيختنقوا داخلها خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى حملات توعية الأهالي بعدم نسيان أطفالهم داخل المركبات أو تركهم فيها والنزول للتسوق، ما يؤدي إلى نفس المصير المؤلم، وهو ما نشهده للأسف كل عام في موسمي الربيع والصيف!. 
المفروض ألا يحتاج الأهالي إلى مثل هذه النداءات والحملات كي يتولوا مسؤولية أطفالهم بأنفسهم، ويكون وعيهم وخوفهم وحرصهم على سلامة أبنائهم أعلى من مستوى الإهمال والتجاهل والاستسهال، حيث لا ينفع البكاء ولا الحسرة والندم بعد فقدان الطفل، ورغم ذلك تجدد الشرطة الحملات الآن، على أمل ألا تتكرر الحوادث المؤلمة. 
الطيش الذي نتهم به الشباب والصغار لا يليق بأولياء الأمور، ولا يكون له ما يبرره أو يخفف من وطأته، بل من الطبيعي أن يكونوا هم القدوة الحسنة لأبنائهم، وأن تبدأ التوعية من البيت أولاً وعلى مختلف الصعُد، وهنا يستوقفنا أيضاً توجه الشرطة لكل مستخدمي الدراجات الهوائية والكهربائية و«السكوتر» الكهربائي بضرورة الالتزام بمتطلبات واشتراطات الأمن والسلامة، وتعليمات اللوحات الإرشادية أثناء استخدام تلك الدراجات، «حرصاً على سلامتهم وسلامة أفراد المجتمع»، فالكل معرض للخطر من أي تصرف طائش وعدم تقيد أي فرد بقواعد السير والمرور أثناء استخدام وسائل التنقل الشخصية، ولا يقتصر الأمر على من يقود تلك الوسيلة وحده، فهذه الوسائل أصبحت منتشرة بشكل كبير، ولها قواعد ولوائح تنظيمية واشتراطات يجب الالتزام بها، تماماً كالتزام سائقي السيارات بقوانين المرور والسير.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"