عادي
الفيلسوف الأكثر نفوذاً في الإنجليزية خلال القرن 19

جون ستيوارت مل.. الليبرالي المدافع عن حقوق العمال

15:22 مساء
قراءة 3 دقائق
سيرة زاتية

القاهرة: الخليج
جون ستيوارت مل أحد رواد الفلسفة الليبرالية، التي يتمتع الفرد في ظلها بحرية مطلقة، وفي هذا يقول: «إن البشر جميعاً لو اجتمعوا على رأي، وخالفهم في هذا الرأي فرد واحد، لما كان لهم أن يسكتوه، بنفس القدر الذي لا يجوز لهذا الفرد إسكاتهم، حتى لو كانت له القوة والسلطة».
وقد صدرت ترجمة عربية لسيرة مل الذاتية عن دار التنوير للنشر والتوزيع، على يدي الحارث النبهان، فبدا وكأن مل كتب هذه السيرة، لكي يظهر اعترافه لكل من علمه، وبأي طريقة من الطرق، وكأن ذلك المفكر والرياضي والفيلسوف والسياسي، يقدم لنا درساً في التواضع غير الزائف، والخالي من أي ادعاء، على الرغم من موقعه المؤثر في تاريخ الفكر الإنساني.
يقول عن نفسه: «خلال القسم الأعظم من حياتي، قمت بدور الكاتب، لأنني اعتبرت أن ذلك الدور هو الأكثر فائدة مما أصلح له في ميدان الفكر، أن أكون مترجماً للمفكرين الأصليين أو وسيطاً بينهم وبين الجمهور، أقول هذا لأنني أحمل دائماً فكرة متواضعة عن قدراتي الخاصة».
إن جون ستيوارت مل الاشتراكي، الإنساني المدافع الأول عن حقوق النساء والعمال، عندما عرض عليه الترشح للبرلمان، قال: «ما من رغبة شخصية عندي في أن أكون نائباً في البرلمان، فالمرشح للبرلمان يجب أن يكون واثقاً أن وجوده في البرلمان أكثر منفعة لبلده من سيره في أي طريق آخر مفتوح أمامه».
مع ذلك استمر وجود مل في البرلمان لثلاث دورات، وقال: «التزمت ببرنامجي التزاماً صارماً» وقدم لنا سيرة الفكر والروح الإنسانية ومواجهة الترهات، ونموذجاً للترفع عن استغلال الموقع العام لمصالح شخصية وأنانية.
هل تعطلت ماكينة الكتابة لدى مل عندما كان عضواً في البرلمان؟ هو يقول: «خلال وجودي في البرلمان كنت مضطراً إلى قصر كتاباتي التأليفية على فترات العطل البرلمانية، كتبت خلال ذلك الوقت «مقالة عن أفلاطون»، إضافة إلى المادة الموجهة إلى جامعة سانت أندروز التي شرفني طلبتها بانتخابي عميداً لها، وفي هذه المادة شرحت أفكاراً وآراء كثيرة تراكمت عندي خلال مجرى حياتي، وذلك في ما يتعلق بمختلف الدراسات المعنية بالتعليم الليبرالي، وباستخداماتها وتأثيراتها، وطريقة التعامل الواجبة معها حتى يصير أثرها أكثر نفعاً».
خلال هذه الفترة بدأ مل بواجب آخر إزاء الفلسفة، وذلك من خلال إعداد ونشر طبعة من كتاب «تحليل ظواهر العقل البشري» مع تعليقات تقرب الأفكار الواردة في هذا الكتاب من آخر التطورات في العلوم والتأمل الفلسفي، كما جرى تعديل الكتاب على نحو يدعو إلى إنتاج كتاب تعليمي باسم «ميتافيزيقيات التجربة».
بعد أن انتهت تجربته البرلمانية، عاد مل إلى اهتماماته القديمة وإلى الاستمتاع بحياة الريف في جنوب أوروبا، وكان يذهب مرتين في السنة ليقيم بضعة أسابيع في لندن، وشارك في اجتماعات «جمعية حق الاقتراع للنساء» ونشر أيضاً كتاب «استعباد المرأة» الذي كتبه قبل سنوات من ذلك التاريخ الذي نشره فيه، وأدخل عليه بعض الإضافات، كتبت ابنته بعضها.
ولد مل في العشرين من مايو عام 1806 وكان الابن الأكبر لجيمس مل صاحب كتاب «تاريخ الهند البريطانية» كان أبوه تاجراً صغيراً، عمل في الزراعة، وأرسله أحد بارونات الخزانة في اسكتلندا، إلى جامعة إدنبرة للدراسة، وبدأ الابن في تعلم اللاتينية في سنته الثامنة، وكانت «الإلياذة» بدايته الأولى مع شعراء اليونان.
منذ الثامنة حتى الثانية عشرة قرأ «القصيدة الرعوية» لفيرجيل، وتعلم مبادئ الهندسة والجبر، كذلك حساب التفاضل والتكامل، وكان التاريخ أشد ما يثير اهتمامه، التاريخ القديم، وكان مطلوباً منه كتابة الشعر بالإنجليزية، وعندما قرأ أشعار هوميروس أغراه الطموح لكتابة ما يشبه ذلك فأنجز ما يعادل كتاباً جعله كأنه استمرار للإلياذة، لكن دوافعه الذاتية، جعلت طموحه إلى كتابة الشعر يتوقف.
كان جون ستيوارت مل أحد أكثر المفكرين تأثيراً في تاريخ الليبرالية، وقد أسهم على نطاق واسع في النظرية الاجتماعية والنظرية السياسية والاقتصاد السياسي، وقيل إنه «الفيلسوف الأكثر نفوذاً باللغة الإنجليزية في القرن التاسع عشر» وقد تضمن كتابه «الحرية» دفاعاً عن حرية التعبير، لأن ذلك من شأنه النهوض بالمجتمع، ويفترض وجود مجتمع متقدم بدرجة كافية، فإذا كانت أي حجة خاطئة، فسيحكم الجمهور عليها على أنها خاطئة، ومن ثم سيتم استبعادها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"