عادي
تحذير من تداعيات التضخم على عدد من الدول

«صندوق النقد»: اقتصادات عربية تواجه رياح الأزمة الغذائية

09:47 صباحا
قراءة 4 دقائق

دبي: «الخليج»
حذر صندوق النقد الدولي من تداعيات سلبية على عدد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا جراء الآثار الاقتصادية الناتجة عن الحرب وتداعيات الأزمات العالمية المصاحبة لكوفيد والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار فضلاً عن أزمة في شح المعروض العالمي من المواد الغذائية وبعض السلع الأساسية في الأسواق العالمية حيث سيؤدي ارتفاع أسعار السلع الأولية، إلى آثار اقتصادية شديدة على المنطقة.
قال الدكتور جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي وجيتا مينكولاسي ورودريغو غارسيا فيردو الخبيران الاقتصاديان في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق: الحرب في أوكرانيا أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأولية، مما ساهم في تصاعد التحديات التي تواجه بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - لا سيما بلدان المنطقة المستوردة للنفط ـ بعد أن سجلت أسعار النفط قفزة حادة عقب الحرب، حيث بلغت في ذروتها 130 دولاراً للبرميل، ويُتوقع استقرارها بحيث يصل متوسطها السنوي إلى 107 دولارات تقريباً في 2022، وهو ما يمثل زيادة قدرها 38 دولاراً مقارنة بعام 2021 حسب أحدث إصدارات صندوق النقد الدولي من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، وبالمثل يُتوقع أن تسجل أسعار الغذاء زيادة إضافية بنسبة 14% عام 2022، بعد أن وصلت إلى ارتفاعات غير مسبوقة عام 2021.
يأتي ارتفاع الأسعار في وقت تشهد فيه المنطقة معدلات تعاف غير مستقرة حيث تنبأت تقديرات النمو لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنمو مقداره 0.9 نقطة مئوية إلى 5%، وإن كان ذلك يعكس تحسن الآفاق المتوقعة في البلدان المصدرة للنفط بفضل تزايد أسعار النفط والغاز، وبالنسبة للبلدان المستوردة للنفط، تم تخفيض التوقعات بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية الذي ساهم في تفاقم التحديات الناجمة عن زيادة مستويات التضخم والدين، وتشديد الأوضاع المالية العالمية ومواطن الهشاشة الأساسية في عدد من البلدان.
ارتفاع السلع الأولية
ويعد التضخم أحد أكثر الآثار المباشرة لتزايد أسعار السلع الأولية وتمثل أسعار الغذاء حوالي 60% من التضخم الكلي العام الماضي ما عدا بلدان مجلس التعاون الخليجي لذلك نتوقع أن تظل معدلات التضخم مرتفعة على مستوى المنطقة خلال عام 2022 حيث تصل إلى 13.9% وهو ما يمثل زيادة هائلة مقارنة بتوقعاتنا السابقة الصادرة في شهر أكتوبر العام الماضي، وهذا أمر لا يدعو للاستغراب، ذلك أن الكثير من اقتصادات المنطقة يعتمد بدرجة كبيرة على شحنات الأغذية الأجنبية (حوالي خمس مجموع الواردات)، كما يشكل الغذاء وزناً ترجيحياً كبيراً في سلة الاستهلاك (أكثر من الثلث في المتوسط)، ويزداد هذا الوزن في حالة البلدان منخفضة الدخل.
تصاعد المخاوف
كذلك أدت الحرب إلى تصاعد مخاوف انعدام الأمن الغذائي بسبب اعتماد المنطقة على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا وارتفاع الأسعار، مما يزيد من صعوبة تحمل تكلفة الغذاء بالنسبة للمواطنين والوضع مقلق للغاية؛ حيث أصبحت تغطية الاحتياطيات الاستراتيجية أقل من 2.5 شهر من صافي الاستهلاك المحلي وبوجه عام، يقع التأثير الأكبر لأسعار الغذاء المتزايدة والنقص المحتمل في إمدادات القمح على كاهل الفقراء، نظراً لأنهم يخصصون نسبة أكبر من مصروفاتهم للغذاء وسيؤدي ذلك إلى تزايد مستويات الفقر.
تأثير سلبي
كذلك سينشأ عن ارتفاع أسعار السلع الأولية تأثير سلبي هائل على الحسابات الخارجية للبلدان المستوردة للنفط ونتوقع تراجع أرصدة الحساب الجاري لهذه البلدان بمقدار نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، سيمثل ارتفاع أسعار القمح فقط بخلاف العوامل الأخرى ضربة هائلة، حيث سيؤدي إلى تراجع الحسابات الجارية بحوالي 1.2% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط.
وقال التقرير: البعض يستخدم تدابير موجهة لتخفيف الأعباء عن كاهــــل المواطنيــــن، بينمــــا لجــــأ البعــض الآخــــر إلى زيادة الدعم وفرض الضوابـــط السعريـــة لكبح الآثار التضخمية الناجمة عن ارتفــــاع الأسعـــــار الدولية، وإن كان ذلك سيؤدي إلى تدهور أرصدة الماليـــة العامة ما لم تُتخذ تدابير موازنـــــة ويمكـــن أن يزداد دعم الطاقـــة فقــــط ليصل إلى 22 مليار دولار أمريكي في البلدان المستوردة للنفط خلال عام 2022، ويمثل ذلك أموالاً كان من الممكن إنفاقها على زيادة الدعـــم الموجــه أو غيرهـــا من التدابير ذات الأولوية وعلاوة على إعانات الدعم الحالية، اتخذ بعض البلدان مجموعة من التدابير للتخفيف من تداعيات ارتفاع الأسعار، بما في ذلك التحويلات المباشرة وتخفيض التعريفة الجمركية على الأغذية، ما سيــؤدي بدوره إلى زيادة تكاليف المالية العامة.
ما ينبغي فعله؟
يمثل احتواء التضخم أولوية أساسية بالرغم من هشاشة التعافي الراهن وفي البلدان التي تواجه خطر ارتفاع التوقعات التضخمية أو اتساع نطاق الضغوط السعرية، سيتعين رفع أسعار الفائدة الأساسية وسيكون من الضروري التواصل بشكل واضح وشفاف لتوجيه الأسواق، كذلك يتعين على البلدان مواجهة خطر انعدام الأمن الغذائي والتخفيف من تداعيات ارتفاع الأسعار الدولية على الفقراء على وجه السرعة وتتمثل الوسيلة الأكثر فاعلية على الإطلاق في ضمان حماية الأسر الضعيفة من خلال توفير تحويلات موجهة ومؤقتة في إطار من الشفافية وحيثما كانت شبكات الأمان أقل قوة، يمكن زيادة الأسعار تدريجياً وفي البلدان منخفضة الدخل، سيكون من الضــروري مواصلـــة الدعم المالي المقدم من المجتمع الدولي.
تدابير موازية
وفي البلدان ذات المديونية المرتفعة ينبغي أن تقترن التدابير المذكورة بتدابير موازية في مجالات أخرى، مثل تخفيض أوجه الإنفــــاق غير الضرورية، أو التشجيع على زيادة العدالة الضريبية، أو الجمع بينهما لضمــــان بقاء الدين في حدود مستدامة في ظل محدودية الحيز المالي المتاح.
وسيساعد هذا في تسهيل هذه المفاضلات والتنسيق بين السياسات الماليـــة والنقدية، مع ضرورة ارتكازها على أطر متوسطة الأجل تتسم بالمصداقيـة، وتؤكد هذه التحديات أهمية المضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وهو ما سيساعد البلدان على تجاوز الصدمات الاقتصادية الكلية مستقبلاً وتسريع وتيرة التعافي ومن الأولويات المهمة في هذا الصدد اتخاذ التدابير اللازمة لزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي وتحصيل الإيرادات، بما في ذلك التحول الرقمي وتشجيع أنشطة القطاع الخاص وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي.

الصورة
جدول
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"