التضخم والركود الاقتصادي وعرض النقود

21:47 مساء
قراءة 3 دقائق

د. علي توفيق الصادق*

مقياس التضخم الأكثر استخداماً هو مؤشر أسعار المستهلك (CPI). نسبة التغير في المؤشر، من شهر إلى شهر سابق أو شهر مقابل في السنة السابقة، أو من ربع سنة إلى ربع سابق أو مقابل، أو من سنة إلى سنة سابقة، تستخدم لقياس التضخم. حسب بيانات صندوق النقد الدولي بلغ التضخم السنوي في الإمارات 0.2% في عام 2021، وكان سالباً في 2020 (-2.1 ). وفي مصر بلغ التضخم 5.2% في عام 2021، و5.1% في عام 2020. السؤال المصاحب للسؤال عن التضخم هو مقياس الركود الاقتصادي وهل يدخل الاقتصاد العالمي أو الأمريكي أو الأوروبي في ركود اقتصادي؟ الجواب بطبيعة الحال يعتمد على تعريف الركود وتحديد مقياس الركود الاقتصادي، وهل يبقى الركود إن حصلت فترة قصيرة أم طويلة؟ مكتب البحوث الاقتصادية الأمريكي يحدد وضع الاقتصاد الأمريكي إن كان في ركود على أساس معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي: إذا كان النمو سالباً في ربعين متتاليين من سنة يعلن دخول الاقتصاد في ركود. الوضع الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 18 من يوليو/تموز 2022 لا يتسم بالركود. وعلى أساس تعريف مكتب البحوث الاقتصادية الأمريكي، فإن اقتصاد دول مجلس التعاون ليس في حالة ركود. ولكن التضخم المرتفع كما في الولايات المتحدة (نحو 9%، وكذلك في الاقتصاد الأوروبي)، يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعملات، وبالتالي يخفض الثروات النقدية.

التضخم غير المتوقع يغير سلوك البائعين والمشترين بناء على الإشارات العادية التي يتلقاها البائعون والمشترون من الأسعار، ويغير سلوكهم في الأسواق، حيث يشجع التضخم على مزيد من الديون والإنفاق بشكل أسرع، حيث يحاول المشترون والبائعون تجنب ارتفاع الأسعار. يخلق التضخم حالة من عدم اليقين ويجعل التخطيط المستقبلي أكثر صعوبة. يؤدي التضخم غير المتوقع إلى تآكل القوة الشرائية للأصول الاسمية، بما في ذلك النقود والسندات وحسابات التوفير.

الأفراد ذوو الدخل الثابت يخسرون أيضاً. ويؤدي التضخم السريع جداً (التضخم المفرط) إلى انهيار الأسواق بجميع أنواعها، حيث التكلفة العالية كثيراً تجبر الناس، أثناء حالات التضخم المفرط، على اللجوء إلى المقايضة، وهي وسيلة غير فعالة للمعاملات، وبالتالي تضعف النمو الاقتصادي. إذا كان الأمر كذلك، فما هو دور النظرية النقدية في النمو الاقتصادي وفي التضخم؟ تفترض النظرية النقدية أن السياسة النقدية تعمل من خلال التأثيرات التي تحدثها السلطات النقدية (البنوك المركزية) في عرض النقد. في الولايات المتحدة الأمريكية يقوم مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بإدارة السياسة النقدية من خلال إدارة أسعار الفائدة.

وفي الأوقات العادية، يقوم البنك المركزي بتعديل الهدف لسعر الأموال الفيدرالية، وسعر الفائدة على القروض قصيرة الأجل بين البنوك، لتحقيق أهداف الاستقرار الخاصة بالتضخم والبطالة. يبدو أن عرض النقود ليس من أدوات السياسة النقدية في الولايات المتحدة، حيث لا تلعب مقاييس عرض النقود مثل «M2» دوراً على الإطلاق. وقد أقر بذلك رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حيث أكد أن التجمعات النقدية عموماً كانت لها علاقة بالنمو الاقتصادي. أما في الوقت الحالي فإن نمو (M2)، وهو نمو كبير للغاية، ليست له بالفعل آثار مهمة على التوقعات الاقتصادية، لذلك تمت إزالة «M2» منذ بضع سنوات من القائمة القياسية للمؤشرات الرائدة، وهذه «العلاقة الكلاسيكية فقط بين المجاميع النقدية وحجم الاقتصاد، لم تعد قائمة». ولكن هذا الموقف للاحتياطي الفيدرالي يقابله موقف مغاير من نفر من الاقتصاديين يؤكدون «أولاً: النبضات النقدية عامل رئيسي في حساب التغيرات في الإنتاج والعمالة والأسعار، وثانياً: تعتبر الحركات في مخزون النقود المقياس الأكثر موثوقية لتدفق النبضات النقدية، وثالثاً: يهيمن سلوك السلطات النقدية على تحركات المخزون النقدي على مدار دورات العمال».

ما تم بيانه أعلاه، قد لا ينطبق على اقتصادات كثيرة. ولا ندري إن كان ينطبق على الاقتصادات العربية؛ لذلك تبرز الحاجة إلى دراسات تبين العلاقات بين المجموعات النقدية، والنمو الاقتصادي، والبطالة والتضخم في الاقتصادات العربية.

* مستشار اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"