تغذية الإيرادات العامة

22:08 مساء
قراءة 3 دقائق

د. علي توفيق الصادق*

نمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط ضعيف يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 3 في المئة مقارنة بالمتوسط التاريخي البالغ نحو 3.8 في المئة. وحسب البيانات المتاحة من صندوق النقد الدولي أسهمت الاقتصادات المتقدمة بنسبة 40 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2023، وأسهمت الاقتصادات الصاعدة والنامية بنسبة 60 في المئة. ويتوقع أن تسهم الاقتصادات المتقدمة ب38 في المئة و42 في المئة بنمو الاقتصاد العالمي في عامي 2024 و2025 على التوالي. أما مساهمة الاقتصادات الصاعدة والنامية في النمو العالمي فتقدر بنحو 62 و58 في المئة في عامي 2024 و2025 على التوالي. في ظل ضعف الاقتصاد العالمي، فإن صندوق النقد الدولي يذكر في أدبياته أن تأثير الصراع في غزة على النشاط الاقتصادي مدمر. فقد انخفض النشاط الاقتصادي بنسبة 80 في المئة في الفترة من تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر مقارنة بالعام السابق. وفي الضفة الغربية، بلغ انخفاض النشاط الاقتصادي نحو 22 في المئة. إن التوقعات الأليمة للاقتصاد الفلسطيني تزداد سوءاً مع استمرار الصراع، وتؤكد مديرة الصندوق كريستينا جورجيفا، أن الوضع لن يغيره جذرياً إلا السلام الدائم والحل السياسي. وسيواصل صندوق النقد الدولي تقديم المشورة في مجال السياسات والمساعدة الفنية للسلطة الفلسطينية وسلطة النقد الفلسطينية. وبالنظر إلى الاقتصادات المجاورة، فإن الصراع يؤثر في السياحة، التي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للكثيرين. والصندوق يراقب من كثب التأثيرات المالية، التي يمكن رؤيتها في مجالات، مثل زيادة الإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي والدفاع. ويظهر تأثير الصراع من خلال ارتفاع كلف الشحن وانخفاض أحجام العبور في البحر الأحمر. ومن شأن المزيد من اتساع الصراع أن يؤدي إلى تفاقم الضرر الاقتصادي. وتؤكد مديرة الصندوق أن «العالم العربي قادر على زرع بذور مستقبل أفضل وأكثر استقراراً في هذه الظروف الصعبة. ويمكنه تلبية احتياجات إعادة الإعمار المقبلة، وتعزيز القدرة على الصمود، وخلق فرص العمل التي يطلبها عدد متزايد من السكان». وتقترح مديرة الصندوق عدداً من الطرق لتعبئة الإيرادات.

أولاً، بوسع البلدان أن تعمل على رفع قدرتها الضريبية بالاستعانة بمؤسسات أقوى، وأطر أفضل تصميماً، وجمع إيرادات أكثر قوة وتصميم السياسة الضريبية هو المفتاح. قامت العديد من البلدان بتحسين أنظمة ضريبة القيمة المضافة. وقامت بعض الدول، مثل المغرب، بتوسيع ضرائب الدخل الشخصي، التي لا يتم استغلالها بالقدر الكافي في المنطقة، وجعلتها أكثر تصاعدية. وقد انضمت 11 دولة عربية بالفعل إلى الاتفاقية العالمية للحد الأدنى من الضرائب على الشركات. ويعد التنويع بعيداً عن عائدات النفط والغاز أمراً أساسياً بالنسبة لمصدري النفط، حيث أصبح معدل ضريبة دخل الشركات الاتحادية في الإمارات العربية المتحدة البالغ 9 في المئة سارياً في العام الماضي.

ثانياً، نجحت مصر والأردن والمغرب في تنفيذ خطط شاملة لإصلاح الدعم اتسمت باتصالات عامة قوية، ومراحل مناسبة لزيادات الأسعار، ودعم نقدي موجه إلى الفئات الأكثر احتياجاً.

ثالثاً، تحسين أداء المؤسسات المملوكة للدولة. تمتلك الشركات المملوكة للدولة في العالم العربي الكثير من الأصول، حيث تتجاوز أصولها 50%، بل حتى 100% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض البلدان. وبينما تساعد الإيرادات الجديدة والإنفاق الأكثر كفاءة على النمو، فإنها ستؤتي بإيرادات أكبر. وسوف يتيح الحيز المالي اللازم للحفاظ على القدرة على تحمل الديون، وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات على المدى القصير. وعلى المدى الطويل، سيساعد ذلك على تنفيذ العقد الاجتماعي الجديد في الاستثمارات اللازمة للتحضير للذكاء الاصطناعي، مثل تحسين مهارات العمال وتحسين الوصول إلى الإنترنت في البلدان المنخفضة الدخل. أو خطوات مثل تطوير استراتيجية وطنية ولوائح واضحة للذكاء الاصطناعي، ما وضع الإمارات في المرتبة الأولى في مؤشر استعداد الذكاء الاصطناعي التابع لصندوق النقد الدولي.

* مستشار اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ysyn76pm

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"