مستقبل التنمية

00:49 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تمثل تقنيات الذكاء الاصطناعي المنجز الحضاري الأبرز في عصرنا الحاضر، والصورة الأكثر كمالاً لاختراع يمكن أن يحاكي قدرات العقل البشري ونمط تفكيره. ووصفت الأمم المتحدة ارتياد البشرية لهذا الطور من التقدم التقني بأنه يرسم شكلاً جديداً من الحضارة الإنسانية، حيث إنه يفتح فرصاً هائلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتتيح تطبيقاته حلولاً مبتكرة، وتقييماً محسناً للمخاطر، وتخطيطاً أفضل ومشاركة أسرع للمعرفة.

وتتعلق تقنيات الذكاء الصناعي خصوصاً بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقها بشكل معين أو وظيفة معينة. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يقدم صوراً عن الروبوتات العالية الأداء الشبيهة بالإنسان التي تسيطر على العالم، فإنه لا يهدف إلى أن يحل محل البشر. إنه يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير، ما يجعله أصلاً ذا قيمة كبيرة في ما بات يعرف بعصر «الثورة الصناعية الرابعة».

والمبدأ الأساسي للذكاء الاصطناعي أنه يحاكي ويتخطى الطريقة التي يستوعب ويتفاعل بها البشر مع العالم بما يمكن من تحقيق الابتكار وتوفير التنبؤات. فهو يوفر فهماً أكثر شمولية لسيل البيانات المتوافرة، ويقوم بمهام أتمتة القضايا المعقدة، إضافة إلى مهام أخرى عديدة. وتقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي حلولاً في مجالات الزراعة والصحة والتعليم ومكافحة الاحتباس الحراري وحماية الكوكب وسكانه من تهديدات المناخ المتطرف، كما تحقق مكاسب لا حدود لها للاقتصاد والازدهار العالمي.

ونالت دولة الإمارات شرف الريادة في توطين هذه التقنية الحضارية عندما أطلقت مبادرة استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي في عام 2017، وهي استراتيجية طموحة تهدف إلى أن تكون الإمارات الدولة الأفضل في قطاعات الخدمات الحكومية والبنى التحتية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة.

وفي عصر يعاني فيه العالم أزمات إنسانية مستمرة ناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبب بها الإنسان، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبيرة في التعامل مع هذه الكوارث والأحداث وتوسيع نطاق عملها لتغطية المنكوبين وحماية المهددين، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي بما تتضمنه من علوم البيانات، والخبرة المتمثلة في العلوم البيئية من شأنها أن تساعد على إنقاذ المزيد من الأرواح وتخفيف المعاناة، وذلك عن طريق تحسين طرق التنبؤ ودق ناقوس الإنذار وتعزيز وسائل التعامل مع الكوارث قبل أو بعد وقوعها.

ويقول البروفيسور أريك زينغ رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي إنه وعلى الرغم من كل سنوات البحث والتطوير، لا يزال الذكاء الاصطناعي في مهده. وهو ما يعني أن هذا الحقل من المعرفة التقنية ينطوي على إمكانيات هائلة للتطوير والتقدم الإيجابي في كافة ميادين الحياة، فالذكاء الاصطناعي عزز مكانته كأحد أهم أعمدة الثورة الصناعية الرابعة والقوة الدافعة وراء التطور والابتكار والتنمية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"