الدوامة مغلقة

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

عودة ننتظرها كل عام، لها وقعها الخاص في نفوس كل الناس، منهم من يُقبل عليها بشغف، ومنهم من يتردد لإحساسه بأنها نهاية «الحرية» والانطلاق ووداع لإجازة خالية من الالتزامات والانضباط والامتحانات والتقييم.
 العودة إلى المدارس تعيدنا إلى مشاعر الطفولة، ونعيش مع الطلبة أجواء الأيام الأخيرة التي تفصلهم عن بدء العام الدراسي الجديد، كما نعيش مع أولياء الأمور إحساسهم المتقلب ما بين فرحة بدء أبنائهم مرحلة دراسية جديدة، يكبرون معها عاماً، ويقتربون أكثر من بناء المستقبل وتحقيق أحلام الشباب، ومعها أحلام الأهل، وإحساسهم بالأعباء الكثيرة، وخوفهم من عدم القدرة على تلبية كل واجباتهم المادية تجاه أبنائهم؛ وليت الأمور تتوقف عند الأقساط المدرسية، فهناك ما يزيد العبء ثقلاً على كاهل كل أب وأم، مثل المصاريف الإضافية التي تطلبها المدرسة خلال العام، سواء من أجل تنفيذ مشاريع، أو أنشطة، سواء تعليمية أو ترفيهية.. يضاف إليها عبء مصاريف التنقلات والتي صارت مؤرقة ومكلفة بشكل غير منطقي، ولا مقبول. 
 لم تعد الحافلات المدرسية تشكل هاجساً بعدما تم فرض شروط صارمة ورقابة مشددة ألزمت الجميع اتباع القوانين، خصوصاً من أجل حماية الطلاب وتأمين سلامتهم وفق أعلى معايير السلامة للطلاب خلال تنقلهم اليومي، من حيث وجود كاميرات ومشرفات في الحافلات والرقابة الدورية والتفتيش على الحافلات والسائقين.. إنما المشكلة الحقيقية هي في الكلفة العالية التي تفرضها بعض الشركات وتتنصل منها إدارات المدارس المتعاقدة مع تلك الشركات. 
الحلول البديلة تريح جيوب الأهالي نوعاً ما، ولكنها تعتمد على نقل الأبناء بالسيارات الخاصة، ما يعني بطبيعة الحال خلق زحمة سير هائلة كل صباح، وفي مواعيد مغادرة الطلاب لمدارسهم بعد الظهر، ما يعني أننا ننتقل من أزمة مادية إلى أزمة مرورية، فهل ستبقى الدوامة مغلقة بهذا الشكل، أم أن في الأفق بعض الحلول الممكنة؟ 
أن يتفق أولياء الأمور فيما بينهم على تقاسم مهمة نقل الأبناء فيتشاركون في تكاليف البنزين واستهلاك السيارة وترك دوام العمل في الأوقات المحددة، سواء في الذهاب صباحاً أو في العودة إلى المنازل، أمر طبيعي وإيجابي من حيث مفهوم التعاون، لكنه يلغي أهم مميزات الحافلات المدرسية، وهي أنها تضم مجموعة من الطلاب دفعة واحدة في كل حافلة، فتخفف بشكل ملحوظ من زحمة السير التي تتسبب غالباً في تعطيل أعمال، وتأخر موظفين عن الوصول في الوقت المحدد إلى وظائفهم، واضطرار بعضهم المغادرة مبكراً وقبل انتهاء الدوام من أجل جلب الأبناء من المدرسة. حلّ الأزمة لا يكون مثالياً في خلق أزمة أخرى، فهل نفكّ طوق هذه المعضلة قريباً؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc2n25cp

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"