الشعر العربي في ساحل العاج

حضور الشعر العربي ببلاغته وجمالياته وعبقرية بحوره، أمر في ذروة الأهمية خلال القراءات الشعرية التي جرت، أمس الأول، في مدينة أبيدجان في ساحل العاج، وأحيا الأمسية عشرة شعراء. ويأتي هذا النشاط الثقافي العربي الإفريقي، كما هو معروف، ضمن مهرجان الشعر العربي الذي تنظّمه دائرة الثقافة في الشارقة في العديد من البلدان الإفريقية التي نتشارك  نحن العرب  معها، قواسم ثقافية ولغوية ودينية عديدة. 
وتقوم هذه القواسم على الثقافتين: العربية والإفريقية العريقتين لهذه البلدان التي تحتفي شعوبها بالشعر العربي؛ بل يصل عشق الأفارقة لديوان العرب إلى حدّ اعتباره ديوانهم أيضاً، سواء بالنسبة للأفارقة المسلمين أو الأفارقة الذين يعتنقون ديانات ومعتقدات غير الدين الإسلامي؛ هذا الدين الإنساني الكوني. وهم يجدون أن الشعر يشكّل جانباً عاطفياً ونفسياً عظيماً في أدبيات هذا الدين الذي تبجِّله وتعتنقه نخب إفريقية مثقّفة، بدءاً من مستوى الشارع العادي، وحتى المؤسسات الجامعية.
الأفارقة أيضاً لا يتكتّمون على إعجابهم بالثقافة العربية التي يشكّل الشعر عموداً مهماً من أعمدتها الفكرية والتاريخية، وبعضهم حصل على درجات علمية جامعية رفيعة في حقل الثقافة والتاريخ العربيين.
هذه الحقائق والحيثيات العربية الإفريقية هي أساس نظري وعملي في مبادرة الشارقة المتمثلة في إطلاق وتنظيم ملتقيات شعرية في بلدان إفريقية، تعمّق ثقافة الشعر العربي، كما تعمّق ثقافة اللغة العربية الفصحى في بلدان إفريقية يكتب شعراؤها القصيدة العربية، بشروطها وأوزانها التاريخية الأصيلة.
تأتي كل هذه التداعيات المهمة، حين نتابع بانتباه شديد، فعاليات دائرة الثقافة المنتظمة والحيوية في إفريقيا، ومحورها الشعر، وهنا نشير إلى المحاضرتين اللتين أقيمتا في ملتقى أبيدجان الشعري قبل يومين. فالمحاضرة الأولى تأتي ضرورتها وأهميتها من كونها تعرّف أو تعزز معرفة كتّاب ومثقفي ساحل العاج، بالشخصيات المؤثرة في تاريخ الأدب العربي، والمحاضرة الثانية تؤكد ثقافة علم العروض العربي وأهميته التاريخية في الشعر العربي. 
وبالمناسبة، فإن الشعراء الأفارقة هم عموماً شعراء العمود الخليلي، والوزن التقليدي الموسيقي، الذي يشكّل أساساً إيقاعياً وفكرياً في الشعر العربي.
ملتقيات الشعر العربي في إفريقيا، وقد انطلقت من الشارقة ومن مشروعها الثقافي الإماراتي والعربي والعالمي، هي ملتقيات تاريخ ديوان العرب وثقافته وظواهره الجمالية والفكرية والعروضية.
[email protected]