لعبة خطرة في البلطيق

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

أثار نبأ تسرب الغاز في خطي أنابيب «نورد ستريم 1» و«نورد ستريم 2»، القلق والتكهنات حول الأسباب المفترضة لهذا الحادث، مع محاولة جميع الأطراف إبداء الحيرة، وكأن ما حدث من تدبير قوى خفية، رغم أنه يأتي في سياق شديد التوتر بين روسيا والقوى الغربية بسبب الوضع في أوكرانيا وقضايا خلافية عديدة منها الطاقة والغذاء.
 إمكانية حدوث تسرب للغاز والنفط أمر ممكن ومألوف، لكن الأخطر أن ينسب التخريب إلى مجهول، أو أن يتم التستر على الفاعل الحقيقي لهذه اللعبة الخطرة. 
 وبالنظر إلى المعطيات الموضوعية، فإن تزامن التسريبين في وقت واحد تقريباً ليس صدفة، فبحر البلطيق الذي يمتد في قاعه الأنبوبان، بات مسرح مناورات عسكرية تارة من جانب القوات الروسية وطوراً من أساطيل حلف شمال الأطلسي، وهو ما يفترض أن كل متر مكعب في هذا البحر خاضع للرقابة المشددة، تأهباً لأي خطأ من هذا الطرف أو ذاك، لا سيما أن هذه الساعات تعتبر الأكثر حرجاً مع انتهاء الاستفتاءات في أربع مناطق أوكرانية، في ضوء استعداد روسيا لضمها والدفاع عنها بكل الوسائل العسكرية، بينما تتوعد القوى الغربية برفض نتائجها والاستمرار في دعم أوكرانيا في هذه الحرب.
 لا يمكن أن يكون حادثا تخريب أنبوبي الغاز منفصلين عما يجري، وربما يكونان مقدمة لما هو أكبر وأشد خطراً مما سبق، وما يؤكد ذلك أن مركز الزلازل السويدي أعلن تسجيل انفجارين تحت البحر قبل تسرب الغاز، وهذا يرجح بقوة فرضية التخريب، ما يعني التوقف التام لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وقد أعلنت ذلك شركة غازبروم رسمياً، وهو تطور منتظر ليفاقم فزع الأسواق ويعجل بأزمة الطاقة في أوروبا قبل حلول الشتاء، في وقت رفعت فيه دول، بينها السويد والدنمارك، التأهب إلى المستوى البرتقالي خشية تضرر قطاعي الغاز والكهرباء، بالتوازي مع إجراءات أمنية طارئة في بحر البلطيق والمناطق المتاخمة للحدود مع روسيا. وبينما تقول موسكو إن التدفقات ستعود بعد أن يتم إصلاح الأضرار التي لحقت بالمعدات، تنكب الدول الأوروبية على البحث في الحلول الممكنة لتفادي الأسوأ، لكنها تواجه معضلة حقيقية في تأمين الإمدادات في غياب البدائل الميسرة للواردات الروسية.
 في هذا الظرف الدولي المتوتر، تتوالى الحوادث الغامضة، وتنشط الشائعات وتتداخل المواقف والإجراءات، وفي ظل حالة عدم اليقين والثقة بين الأطراف المتصارعة، لا يمكن استبعاد الأخطاء الفادحة، بالتزامن مع الحديث الذي يدور عن الأسلحة النووية واحتمال استخدامها أو ردعها، مثلما هو معلن بين موسكو وخصومها الغربيين. وفي ظل التوتر والاستنفار المتبادلين من الصعب تحمل أي حادث عرضي قد ينسب إلى مجهول. وعلى افتراض أن الطرفين «لا يعرفان» من استهدف شبكة أنابيب الغاز، من يضمن ألا يأتي طرف ثالث وينفذ لعبة نووية قد تكون باستهداف محطة زابوروجيا في أوكرانيا، أو ضربة تكتيكية في مكان ما هدفها التسريع بالصدام المخيف بين قوى تكاد تستنفد كل موارد استنفارها للتصعيد الكبير.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8avmwy

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"