إنجازات الصين.. هل من مزيد؟

21:08 مساء
قراءة 4 دقائق

شاكيل أحمد رامي*

في افتتاح الجلسة الأولى للجنة الوطنية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، قدّم الأمين العام للجنة المركزية شي جين بينغ، تقريراً ملخصاً عن السياسات والإجراءات المحلية والدولية للصين حظي باهتمام عالمي.

الآن، يحاول صُناع السياسة العالمية فهم جدول الأعمال المستقبلي للصين، مثلما يحاول المحللون والخبراء مساعدتهم من خلال فك الرموز الدقيقة للتقرير الذي تشير المراجعة إلى أنه يمكن فهم مخرجاته بشكل أفضل من خلال تقسيمه إلى جزأين: الإنجازات المحلية والعالمية.

على الصعيد المحلي، يُلخص التقرير القصة الرائعة لنجاح الصين وتحولها، وكيف تقدمت في جميع المجالات تقريباً. كيف لا وقد قضت الصين على الفقر المدقع في البلاد، وهو أمر غير مسبوق، وخطت خطوات كبيرة في ضمان الأمن الغذائي ووضعت معايير جديدة للمجتمع العالمي. فعلى سبيل المثال، يبلغ نصيب الفرد الصيني من إنتاج الحبوب 450 كجم مقابل 400 كجم عالمياً. كما أحرزت الصين تقدماً ملحوظاً في تحسين بيئتها وتعزيز آلياتها لمكافحة تحديات تغير المناخ والتدهور البيئي. ومن خلال الجهود المستمرة، عززت الصين من تغطيتها الحرجية، فارتفعت نسبة تغطية الغابات إلى نحو 24% من الإجمالي في عام 2021 مقابل 8.6% فقط في عام 1949، و13% فقط في عام 1980، والتزمت البلاد بزراعة 70 مليار شجرة أخرى خلال السنوات العشر المقبلة. كما اعتُبرت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين 2022، مثالاً يُحتذى على التزام الصين البيئي، واتخاذها خطوات ملموسة للمساهمة في مكافحة تغير المناخ والحفاظ على البيئة.

إضافة إلى ذلك، نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بشكل كبير من 54 تريليون يوان (7.47 تريليون دولار) في عام 2012، إلى 114 تريليون يوان (15.74 تريليون دولار) في عام 2021. وبالنتيجة، بتنا نلاحظ ارتفاعاً في مستويات معيشة الشعب الصيني خلال العقد الماضي.

وفي قطاع التكنولوجيا، سلط تقرير اللجنة الوطنية العشرين الضوء على التقدم الملموس الذي أحرزته الصين محلياً وعالمياً خلال السنوات العشر الماضية؛ حيث زادت بكين من استثماراتها في تطوير التكنولوجيا والمعرفة العلمية والابتكار والبحث والتطوير، واجتذبت المواهب العالمية من خلال إنشاء بيئة مواتية للبحث وضمان توافر الموارد المالية.

أما من المنظور العالمي، خطت الصين خطوات مهمة جداً، لعل أبرزها احتلالها المركز الثاني كأكبر اقتصاد في العالم، وتمثيلها 18.5% منه. ومع ذلك، فإن الجانب الأكثر إثارة للاهتمام هو أن المساهمة المتراكمة للصين في الاقتصاد العالمي خلال العقد الماضي (38.6%) كانت أكثر من مساهمة اقتصادات مجموعة السبع مجتمعة، كما أنها أضحت شريكاً تجارياً رائداً لأكثر من 140 دولة. وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء.

وأصبحت مبادرة الحزام والطريق علامة مستقبلية على النمو الاقتصادي الصيني، تهدف إلى سد فجوة الاستثمار في البنية التحتية العالمية وتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية. علاوة على ذلك، عزز إطلاق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية مكانة الصين لاعباً اقتصادياً ومالياً رئيسياً. لذلك، فإن سياسات الصين وإجراءاتها سيكون لها تأثير على النمو والهيكل الاقتصادي العالمي.

لم تدخر الصين جهداً لتوسيع شراكاتها مع الدول والمناطق، وفي عام 2014، أقامت شراكات إضافية مع 67 دولة ومنطقة، ليصل العدد إلى 112 في عام 2021. وشهد العقد الماضي تقدماً كبيراً وتغييراً ملموساً في نهج الصين تجاه النظام العالمي وإصلاحه. فسرعت بكين من جهودها لأخذ زمام المبادرة في إصلاح النظام العالمي من خلال الالتزام بمبادئ العدل والإنصاف والمساواة والكرامة واحترام السيادة الوطنية. وتم تبنّي نهج استباقي لعبت الصين خلاله دوراً حاسماً في التفاوض ووضع اللمسات الأخيرة، على غرار اتفاقية باريس للتغير المناخي. وقادت حملة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

خلال حديثه، قدم الأمين العام شي الرؤية الصينية للأمن المشترك والتعاون عبر مبادرة الأمن العالمية. وهي بحد ذاتها مبادرة مبتكرة تقترح أمناً مشتركاً وشاملاً وتعاونياً ومستداماً للبلدان، وتحتوي على جميع المكونات والأدوات التي قد تساعد العالم على مواجهة التحديات الأمنية الجديدة والحفاظ على السلام الدائم. وتتناول مبادرة الأمن العالمي احتياجات البلدان الضعيفة والأقل نمواً، في وقت تهدد فيه تطلعات الهيمنة أمن العديد من هذه البلدان. لذلك، تم الترحيب بالمبادرة على نطاق واسع، لأنها تدعم المساواة والحلول القائمة على الاحترام من أجل السلام والعدالة المجتمعية.

مما سبق، يمكننا استنتاج خمسة أمور مهمة. أولاً، أحرزت الصين تقدماً كبيراً في مختلف المجالات وهي الآن بصدد تعزيز إنجازاتها. ثانياً، دعمت الصين التعليم والعلوم والتكنولوجيا والمواهب بوصفها أدوات استراتيجية. ثالثاً، ترغب الصين في التعاون من أجل إصلاح النظام العالمي الذي يلبي احتياجات الجميع. رابعاً، تلتزم الصين بمشاركة ازدهارها مع العالم وبناء مجتمع ذي مصير مشترك. أخيراً، ستلعب الصين، التي أصبحت الآن قوة عالمية هائلة، دوراً لا غنى عنه في الشؤون الدولية.

*الرئيس التنفيذي للمعهد الآسيوي لبحوث الحضارة البيئية والتنمية في باكستان

* تشاينا ديلي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2fmpu93u

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي للمعهد الآسيوي لبحوث الحضارة البيئية والتنمية في باكستان

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"