نونيا مازالت تحلم

22:30 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

الحدث لافت، وإن لم يكن غريباً، انتظرته النجمة لبلبة مع والدتها كل عام خلال مسيرتها الفنية، ولكنه تأخر ولم يأت إلا اليوم، وبعد غياب والدتها ب12 عاماً، تلك الأم التي شجعت صغيرتها «نونيا» على دخول الفن وهي طفلة في الخامسة من عمرها، وساعدتها لإبراز موهبتها وصقلها جيداً، وكانت على يقين بأن «صغيرتها» ستتكرم في مهرجان القاهرة السينمائي، لأنها تستحق.

تكريم لبلبة جاء مضاعفاً، فمع نيلها جائزة «الهرم الذهبي» لإنجاز العمر، التي تسلمتها من رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته ال ٤٤، النجم حسين فهمي، تم الاحتفال بعيد مولدها (٧٧ عاماً) الذي صادف في يوم الافتتاح والتكريم نفسه، وسط هذه الكوكبة من أهل الفن.

المسيرة الطويلة التي مشتها نونيا منذ أن قدمت الاستعراضات الغنائية والراقصة في الأفلام السينمائية وهي طفلة، وحتى آخر مشاركاتها في الدراما التلفزيونية «دايماً عامر» في رمضان الماضي، حافظت فيها على خط واحد، خط احترام الفن، واحترام الجمهور، والالتزام والأخلاق، أخلاق أهل زمان الذين يقدرون ويتعاملون وفق المبادئ والذوق والأصول وحسن التعامل. لم يحصل أن تفوهت بما يمس أو يجرح أي من زملائها، لم تدخل في معارك كلامية، ولا في أزمات تجعلها مادة دسمة للنميمة في الوسط الفني، وخارجه؛ لم تنشغل بالسعي خلف التطور من باب «السوشيال ميديا»، و«الترند»، ولفت الأنظار بكلام غير لائق، أو تصرف يلفت الأنظار إليها، أو ملابس غير لائقة؛ حافظت على خطها وطوّرت من أدائها، والأجمل أن نونيا ما زالت تحلم. كبير وغني أرشيف هذه الفنانة الرقيقة، والأهم أنها ما زالت تحلم وبتواضع، بمخرج يكتشف فيها طاقات لم تظهر بعد، كما قالت إثر تكريمها، تحلم بدور مختلف تقدم فيه جزءاً ربما ما زال نائماً في ركن موهبتها. تتمنى أن تعمل أكثر وتجتهد أكثر؛ هي كتلة من الحيوية وخفة الظل والرقة، في مشيتها ما زالت تحتفظ بخطوات راقصة الباليه، هي «الباليرينا» التي لن تستسلم للعمر، ولن تتخلى عن روح الشباب فيها وملامح وابتسامة الطفولة على وجهها. ٧٧ عاماً منها ٧٢ عاشتها لبلبة وسط أهل الفن، معهم كبرت، ومعهم فرحت وتألمت، لذلك صارت كالسمكة التي لا يمكنها العيش بعيداً عن هذا الوسط، وهذه المهنة؛ وكم جميل وراق كلام هذه النجمة عن مسيرتها عند استلام جائزة التكريم، شاكرة كل من عملت معهم، من ممثلين ومخرجين وكتّاب وفنيين وعمال. قد يأتي التكريم متأخراً أحياناً، لكن المهم أنه يأتي لمن يستحق بلا مجاملات، ومهم أيضاً أن يأتي والفنان ما زال على قيد الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5dw2n8fc

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"