عادي

فن حوار البصر

22:39 مساء
قراءة 6 دقائق
1

الشارقة: علاء الدين محمود

أعمال إبداعية تنافس بعضها بعضاً في بحثها عن الجمال، وتنقيبها في المعنى، تلك التي قدمها الفنانون في «المعرض العام»، ضمن فعاليات ملتقى الشارقة للخط في نسخته العاشرة، ويعتبر المعرض العام، أكبر معارض الملتقى، وفيه تجتمع خبرات ورؤى أصيلة ومعاصرة تحفل بإبداعات بصرية متنوعة، ويحتضن خلال هذه الدورة تجارب فنية دولية متفردة في طرحها الإبداعي الذي صنع حوارية مع ثيمة «ارتقاء»، لتشكل، الأعمال المشاركة، بالتالي، حالة فنية خاصة تنظر في الوجود والكون، وتمارس فعل التأمل.

الفنان الليبي، أحمد الأمين زيادي، قدم عدداً من الأعمال مستوحاة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وحكم ومقولات لكبار أصحاب التجارب الروحية، مثل: ابن عطا الله السكندري، ومحيي الدين بن عربي، وكذلك الأدعية والابتهالات إلى الله، وكل ما يخدم توجهه المنضبط في الخط، إذ تتميز أعماله بالالتزام المدرسي الأصيل للخط العربي، فهي منضبطة بالقواعد والضوابط الصارمة التي حفظت للخط العربي روحه التي تميزه عن غيره من خطوط اللغات الأخرى وباقي الفنون البصرية.

من الأعمال التي شارك بها زيادي، لوحة تحمل آية قرآنية هي «وإنك لعلى خلق عظيم»، من سورة القلم، حبر على ورق، وتنتمي إلى أسلوبيته الأصيلة، ففي كل اللوحات التي شارك بها يلاحظ الناظر اختيار الفنان للعبارة بدقة شديدة لما تحمله من معان عميقة، حيث إن العبارة هي أولى مراحل التعبير البصري في اللوحة الخطية، ومنها ينطلق زيادي ليوصل بها رسالة إلى المتلقي.

الفنان السوري أيمن غزال، قدم عدداً من الأعمال التي تحمل ممارسة خطية غاية في الجمال، وتحيل المشاهد إلى عوالم روحية بديعة وأكوان من الأنوار، ولحظات من التأمل، وهي كذلك لوحات عامرة بالحكمة والمعنى، ومنها لوحة تحمل الآية القرآنية الكريمة، «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً»، وتعكس اللوحة طريقة غزال وأسلوبه الخطي المحافظ على القديم والمنفتح على الحديث، في الوقت نفسه.

وغزال يعمل كمدرس للخط ضمن برنامج دائرة الثقافة في الشارقة، في برنامج كتاتيب، وشارك في ملتقيات الخط العربي في الشارقة، وملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف، وعدد من المهرجانات والملتقيات الخطية المهمة، وحاز على جوائز عدة في خط النسخ.

أنوار

قدم الفنان السعودي، جمال بن عيسى الكباسي، الذي يعتبر من كبار الخطاطين في العالم العربي، أعمالاً مميزة، اتسمت بالروحانية العالية، حيث يقود الناظر من خلال لوحاته إلى عوالم جمالية عامرة بالأنوار، ويظهر ذلك في لوحته «وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً»، من سورة الإنسان، ووظف الفنان في اللوحة الحبر الأسود على ورق مقهر، إضافة إلى زخرفة بماء الذهب.

ومثّل الكباسي المملكة العربية السعودية في الكثير من المعارض الدولية، وهو من المكرمين الرواد في مجال الخط في السعودية، ويعتبر من المحدثين للخط الكوفي في عصره، حيث نسب إليه العديد من الخطاطين البارزين استحداثه إبداعاً غير مسبوق في تطوير الخط الكوفي، وحاز على العديد من الجوائز في مناسبات خطية عدة.

الفنان الكويتي، علي عبد الرحمن البداح، شارك بعدة أعمال، تكشف عن جماليات بمستوى رفيع، وتغوص في عوالم الفضيلة والأخلاق والقيم الإسلامية الرفيعة التي تحض على العبادة والزهد، ومنها لوحة تحمل الآية القرآنية: «قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة»، وهي عبارة عن ألوان مائية، وإكريليك، ذهب.

والبداح هو مشرف الخط العربي والزخرفة بجامعة الكويت، وحصل على العديد من الجوائز في فن الخط على المستويين، المحلي والدولي، ويعتبر أول كويتي يحصل على جائزة دولية في فن الخط، في المسابقتين الدوليتين الثالثة والرابعة للخط في تركيا، كما شارك في العديد من المعارض والمناسبات الخطية العربية والخليجية.

الفنان الإماراتي محمد مندي، قدم أعمالاً خطية رفيعة المستوى، وتنتمي إلى نوعية الأعمال ذات البعد الجمالي الروحي، المحرضة على التأمل في الوجود، ومخلوقات الله تعالى، ومن أجمل اللوحات التي شارك بها، تلك التي تحمل اسم الجلالة «الله»، ووظف فيها الورق المقهر باستخدام التذهيب.

ويعتبر مندي صاحب مسيرة إبداعية حافلة، حيث تتلمذ على يده مئات الشباب من الفنانين والخطاطين، وهو صاحب توجهات فنية تعلي من قيمة المحبة والجمال، حصل على دبلوم الأوائل من مصر في الخط العربي، وتتلمذ على يد الخطاط الشهير سيد إبراهيم، وحصل على إجازة في خط الثلث والنسخ، والجلي الديواني والديواني من الخطاط حسن الجلبي في إسطنبول، وخلال مسيرته الفنية أقام أكثر من ثمانية معارض شخصية، والعديد من الورش وكثيراً من المشاركات الخطية حول العالم.

شمس

الفنان السوري هيثم سلمو، شارك هو الآخر بعدد من الأعمال التي تؤكد براعته، حيث إن لوحاته التي يستلهم مواضيعها من منابع عدة، تحمل المشاهد إلى عوالم في غاية الروعة والجمال، ومنها لوحة تحمل نصاً نثرياً يحيل إلى أقوال أصحاب التجارب الصوفية، هو «نور لكل الوجود وليست لكل الوجود تباح، هي الشمس»، إذ تركز اللوحة على الشمس بوصفها من مخلوقات الله تعالى التي تشير إلى قدرته وبديع خلقه، والعمل يحض على التأمل في الكون، والوجود، والمخلوقات.

ويعتبر سلمو، صاحب مسيرة فنية عامرة، فقد حصل على إجازة الخط من حسن الجلبي، وهو يعمل مدرساً في مركز الفنون التشكيلية والتطبيقية بحلب، وحصل على ثلاث جوائز دولية في فن الخط العربي في المسابقة التي تنظمها منظمة التعاون الإسلامي إرسيكا، وله مشاركات أخرى أهمها كتابة أجزاء من المصحف في ملتقى رمضان للقرآن الكريم في دبي، وشارك في العديد من دورات ملتقى الشارقة للخط.

فيما قدم الفنان العراقي أكرم جرجس، مشاركة متفردة من خلال العديد من اللوحات التي تستلهم نصوصها من القرآن الكريم والأحاديث والحكم والأمثال التي تحض على مكارم الأخلاق والتوجه إلى الله تعالى، ومن أجمل اللوحات التي شارك بها تلك التي تحمل الآية الكريمة «ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون».

ويعد جرجس من الفنانين أصحاب الشغف الكبير بالخط العربي الذي تخصص فيه فكان من المبرزين أكاديمياً، حيث نال درجتي الماجستير والدكتوراه من كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد، وهو عضو نقابة الفنانين العراقيين، وجمعية التشكيليين في العراق، كما أنه عضو في الجمعية المصرية العامة للخط العربي.

بدوره يتميز الفنان البحريني علي شهاب، بالإتقان الشديد في مجال الخط العربي، ويظهر ذلك في العديد من الأعمال التي شارك بها في الملتقى، وتغوص لوحاته في عوالم ذكر الله تعالى، وتستكشف جماليات الكون العظيم، ومن اللوحات التي شارك بها، تلك التي تحمل الآية القرآنية «ولذكر الله أكبر».

وشهاب من مواليد 1983، وتخرج في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة برادفورد في بريطانيا، وحاصل على شهادة بمرتبة الامتياز من مجمع خطاطي إيران في خط «النستعليق»، وهو عضو مؤسس في جمعية ملتقى الخطاطين في البحرين للفن المعاصر، وشارك في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية، وحاز على الكثير من الجوائز.

روعة الألوان

وحملت أعمال الفنانة الأردنية مروة منذر حمد، الكثير من الصور والممارسات الجمالية اللونية الباهرة، حيث قدمت لوحات استقت مواضيعها واستلهمت أفكارها من الآيات القرآنية والحكم والأقوال المأثورة مثل لوحتها التي تحمل نصاً يقول: «ما ضرك جهل الأرض بك ان كنت معروفاً في السماء»، وهي حبر على ورق مقهر، باستخدام زخرفة ناعمة، والنص يذهب بالمشاهد إلى فضاءات روحانية وإيمانية، ويلاحظ الناظر في اللوحة تداخل الذهب بالألوان لتكون النتيجة عملاً فنياً متكاملاً في غاية الروعة.

وتعتبر مروة من الفنانات اللواتي تعلقن بالإبداع الخطي منذ الطفولة، وظلت تطور نفسها وتتلقى أسرار هذا الفن الأصيل، إضافة إلى براعتها في فنون الزخرفة والتذهيب، حيث وضعت على عاتقها أن يكون الخط هو الفن الذي تهب له مسيرتها العملية والجمالية، وتنوعت أعمالها التي شاركت بها في الملتقى، في خطوط عدة، كالديواني والجلي الديواني والكوفي.

وتتفرد مروة كذلك، بكتابة الشعر، فهي تنجز بعض أعمالها الخطية من قصائدها، ولها العديد من المشاركات في مناسبات مختلفة.
تحليق

الفنان التركي يلماز توران، شارك في ملتقى الخط عبر أعمال فنية تنتمي إلى عالم الروحانيات والجمال الصافي والحب الخالص الذي يحلق في فضاءات صوفية بديعة، ومن لوحاته المتفردة التي شارك بها، تلك التي تحمل نصاً بعنوان «حب إلهي»، وأنجزها باستخدام حبر على ورق يدوي الصنع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y35whv3j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"