عادي
خلال محاضرة في مجلس محمد بن زايد بقصر البطين شهدها حامد بن زايد

ماريانا مازوكاتو: الإمارات رائدة في تعزيز اقتصادها وفي التفكير الابتكاري والاستباقي

19:40 مساء
قراءة 8 دقائق
1
1
1
  • تشديد القيادة على التعليم للجميع أمر مهم يعود بالفائدة على المجتمع
  • الاجتماعات السنوية الحكومية عمل رائع في الإمارات دولة الرفاهية
  • الإمارات من أبرز دول العالم في استقطاب المواهب وتوفير الوظائف
  • متحف المستقبل نموذج يساعد على التخيل ينسجم مع توجهات الدولة
  • توجيه الاقتصاد بشكل ذكي لتعزيز الابتكار يحل الكثير من المشكلات
  • الاستثمار في اللقاحات والطاقة المتجددة والتكنولوجيا صفقة خضراء

أبوظبي: سلام أبوشهاب
استضاف مجلس محمد بن زايد، مساء أمس الأول الخميس، محاضرة بعنوان «نهج عالمي طموح لتوجيه النمو الاقتصادي.. كيف يمكن للإمارات الاستفادة منه؟»، شهدها سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وألقتها البروفيسورة ماريانا مازوكاتو، أستاذة اقتصادات الابتكار والقيمة العامة في جامعة لندن، والمدير المؤسس لمعهد الجامعة للابتكار والأغراض العامة، في قصر البطين في أبوظبي.
حضر المحاضرة سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، وعدد من الشيوخ، والوزراء وكبار المسؤولين، وأدار المحاضرة محمد يوسف الشرهان نائب مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات.
وأعربت البروفيسورة عن سعادتها بوجودها في المجلس والتحدث عن الاقتصاد، مشيدة بالدور الذي تقوم به الإمارات في تعزيز اقتصادها، وفي التفكير الابتكاري والاستباقي في العديد من الملفات الحيوية والهامة، مشيرة بذلك إلى غزو الفضاء، و«مسبار الأمل» والاجتماعات السنوية الحكومية التي تمثل نقاشاً مفتوحاً للعمل في القطاع الحكومي، ومناقشة مختلف الموضوعات والخروج بقرارات مهمة، وهذا عمل رائع في الإمارات دولة الرفاهية.
وقالت إن القيادة في الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تشدد على التعليم للجميع وهذا أمر مهم يعود بالفائدة على المجتمع.
دعم الابتكار
وأكدت أن الإمارات رائدة في إعادة تنظيم العمل والبناء على الإيجابيات والوصول للهدف المرغوب، ودعم الابتكار والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ولديها كل الإمكانات للاستفادة من توجيه النمو الاقتصادي، وتقود المنطقة في مجالات عدة، منها الفضاء والاقتصاد الذكي.
وأضافت أن الإمارات من أبرز دول العالم في التفكير في الإنتاجية وفي استقطاب المواهب وتوفير الوظائف، وفي توجيه النمو الاقتصادي والاقتصاد المستدام وجذب المستثمرين، وبالتالي فهي مقصد العالم.
وأكدت أهمية استضافة الإمارات «كوب 28» العام المقبل، مشيرة إلى الدور الحيوي الذي تقوم به الإمارات في الحرص على أدوات جديدة لمواجهة التحديات، منها الاستثمار في الطاقة المتجددة وفي الحياد الكربوني، وفي مواجهة تغير المناخ، ولديها فرص في إعادة تصميم العقد الاجتماعي العالمي بين الحكومات والقطاع الخاص.
وأشادت ماريانا بمتحف المستقبل في دبي، مشيرة إلى أنها تعرفت إلى مختلف أقسامه خلال زيارته، وأنه نموذج رائع يساعد على تخيل المستقبل، ويساعد القطاعات كافة، على ذلك بما ينسجم مع توجهات الإمارات.
التفكير المبتكر
وتطرقت إلى التفكير المبتكر القائم على المهام، قائلة إن العالم يواجه أزمات متعددة مرتبطة ببعضها بعضاً: مالية وصحية ومناخية، وفي الوقت نفسه تواجه العديد من البلدان تحديات اقتصادية طويلة الأجل، مثل تراجع الإنتاجية وانخفاض النمو، ويسمح «التفكير القائم على المهام» للبلدان بمعالجة مشكلات المناخ والفجوة الرقمية والصحة، بما يمكّن من تحفيز الاستثمار والابتكار في مختلف القطاعات، وبالتالي دفع عجلة النمو على المدى الطويل، ومن خلال تعزيز أشكال جديدة من التعاون بين الجهات الفاعلة في القطاعين، العام والخاص، ويمكن للسياسات القائمة على المهام أن تخلق تأثيراً مضاعفاً في جميع نواحي الاقتصاد، وبالتالي العالم بحاجة إلى تغير الأمور الفكرية، والى الربط بين العلوم والصناعة.
وأوضحت أن ارتكاب الأخطاء في تقديم الخدمات العامة يجب أن يكون مدعاة للنجاح، يبدأ بالاعتراف بصعوبة الأمر، ومن ثم التصميم على النجاح، كما حصل في «ناسا» عندما فشلت إحدى رحلات أبولو، لتعيد تنظيم برامجها، وتنجح من جديد لأنها لم تفكر في الربح، مؤكدة أن توجيه الاقتصاد بشكل ذكي لتعزيز الابتكار يحل الكثير من المشكلات، فعلي سبيل المثال الهبوط على القمر كان نتيجة تغيير في سياسات العمل.
مزيد من الأوبئة
وقالت هناك نقص في التوجيه في ما يتصل بالنمو المالي، مشيرة إلى أن العالم أنفق نحو 6 تريليونات دولار من اجل شراء خيارات الأسهم، وقدم بذلك نوعاً من النمو، ولكن هناك نمو مرتبط بالتغير المناخي يجب الاستثمار فيه إذا كنا مهتمين باقتصاد مستدام، وعلينا في هذا الجانب إعداد القطاع الخاص.
وأشارت إلى أنه في أمريكا يتم إنفاق 40 مليار دولار لإنتاج عقار واحد بعد سنوات طويلة من البحث والدراسات، ما يعود بالنفع على البشرية، وبالتالي فإن العمل بذكاء والتفكير الجماعي والاستثمار في اللقاحات والطاقة المتجددة والتكنولوجيا تعتبر صفقة خضراء.
وأضافت إذا أردنا العمل معاً من اجل المصلحة العامة، نحن بحاجة عالمياً إلى التمازج والتعاون، مشيرة إلى أن جائحة «كوفيد 19» لم تنته عالمياً، والعلماء يتوقعون ظهور مزيد من الأوبئة بعضها مرتبط بذوبان الجليد، الأمر الذي يتطلب الاستثمار بشكل أكبر في مواجهة التغيّر المناخي لمواجهة الكثير من التحديات.
وأوضحت أن العالم لم يكن مستعداً للجائحة وشاهدنا حالات الفشل العالمي في توصيل المعدات للعاملين في الخطوط الأمامية عالمياً، مشيدة بجهود الإمارات في هذا المجال وإيصال مساعداتها الطبية إلى مختلف دول العالم، مشيرة إلى أن جهود العالم خلال الجائحة تركزت على الواقع الصحي، كما أظهرت الجائحة حالات العجز عالمياً في قطاعات أخرى، منها صعوبة حصول الأطفال على التعليم، وضعف شبكات الاتصال.
وقالت إن التغير المناخي يؤثر فينا كثيراً، وهناك إجراءات لا بد أن تتخذ، وطريقة عملنا لمواجهة هذه التحديات تتطلب منا عمل تصميم استباقي لجميع السيناريوهات المتوقعة، بما فيها حالات الفشل المتوقعة، مؤكدة أن التحرك عند الفشل طريقة سلبية، ويجب علينا الاهتمام بالعمل الاستباقي، وعلينا التخلي عن نظام المصلحة المشتركة وضرورة الاهتمام بمشاركة الفرد والمصلحة العامة، والتركيز على الشركات التي لديها هدف لدورها الحيوي في رأب الفجوات.
تحديد التحديات
وعن آلية عمل التفكير القائم على المهام، أكدت أن السياسات القائمة على المهام تعمل على تحديد التحديات الكبرى وتقسيمها إلى أهداف واضحة وقابلة للتطبيق، ويمكن اعتبار أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة سنة 2015 بمثابة مخطط عام وشامل للتحديات الكبرى الأكثر إلحاحاً في العالم، وفي حين أن أهداف التنمية المستدامة مفيدة من أجل توجيه تركيزنا وتحديد أولوياتنا إلا أنها واسعة جداً بشكل يجعلها غير قابلة للتنفيذ، لذا كي نستطيع التغلب على هذه التحديات يجب تقسيمها إلى خطوات عملية (مهام منفصلة)، يمكن تعريفها على أنها أهداف ملموسة كل منها يعد تحدياً يقوم على أطر ومحفزات للابتكار، وهذه المهام هي مشكلات محددة كمياً، يمكن للقطاعات المختلفة معالجتها لمواجهة أحد التحديات، مثل تقليل انبعاثات الكربون بنسبة معينة خلال فترة زمنية محددة، كما يمكن تحويل الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة بشأن المناخ إلى مهمة حول المدن الخالية من الكربون والتي تتطلب أشكالاً جديدة من التنقل، وأنواعاً جديدة من مواد البناء، وأنواعاً جديدة من التغذية في المدارس.
دور الحكومات
وأكدت البروفيسورة ماريانا أنه يجب على الحكومات تسخير كامل قدراتها، حيث تجمع بين المؤسسات العامة والخاصة والمجتمعية، من أجل اختيار مهمة معينة، وتتخذ المهام أشكالاً وأحجاماً مختلفة، مشيرة إلى ستة معايير رئيسية يجب أن تتوافر فيها معايير محددة:
المعيار الأول: أن تكون جريئة وملهمة وذات صلة اجتماعية وثيقة، وأن تكون المهام قابلة لمشاركة الجمهور فيها، بمعنى أن تحدد المهام فرصاً محفزة على الابتكار الجريء، وفي الوقت نفسه تكون مرتبطة بالمناقشات الجارية في المجتمع حول التحديات الرئيسية.
والمعيار الثاني: أن تكون واضحة الاتجاه بحيث تكون المهام هادفة وقابلة للقياس ومقيدة بزمن معين، ويجب أن تكون المهام مؤطرة بشكل واضح تماماً، أي أنها تتطلب هدفاً محدداً وإطاراً زمنياً واضحاً يتم خلاله تنفيذ العمل المطلوب، حيث إنه لن يكون من الممكن تحديد النجاح (أو الفشل) أو قياس التقدم نحو النتيجة المطلوبة من دون وجود أهداف محددة وتوقيت واضح.
أما المعيار الثالث: فهو أن تتضمن عمليات بحث وابتكار طموحة لكنها واقعية، ويجب تحديد أهداف المهمة بطريقة طموحة، وتركز على أنشطة البحث والابتكار على امتداد سلسلة الابتكار بأكملها، بما في ذلك تأثيرات الملاحظات الراجعة بين البحث الأساسي والتطبيقي.
والمعيار الرابع: ابتكار متعدد التخصصات وشامل للعديد من القطاعات والجهات الفاعلة، بحيث يجب تأطير المهام بطريقة تحفز النشاط في جميع التخصصات العلمية وعبر العديد من القطاعات الصناعية ومختلف الجهات الفاعلة، وتتطلب المهام بشكل حيوي أن تعمل الإدارات أو الوزارات الحكومية المختلفة معاً، ولهذا السبب من المفيد أن تعدّ المهام أعلى مستوى من الوزارات.
أما المعيار الخامس: فهو ذات حلول متعددة تنفذ من القاعدة إلى القمة، ولا ينبغي أن تكون المهام قابلة للتحقيق من خلال مسار تطوير واحد، أو عن طريق تقنية واحدة، بل يجب أن يعتمد مسارها على نهج حلول متعددة يجري تنفيذها من القاعدة إلى القمة، لتعزيز عمليات التجريب والاكتشاف الذاتي التي تغذي التعلم والابتكار.
وأوضحت أن المعيار السادس: أن تكون المهام قابلية المشاركة، حيث لابدّ أن ينظر إلى المهام على أنها مشروعة وذات أهمية مجتمعية عالية، ولا يمكن أن تلهم المهمة الناس إلا إذا شعروا بأنهم جزء منها، لذا فإن المشاركة العامة الهادفة في عملية اختيار المهام ضرورية، حتى لو تم اختيارها في نهاية المطاف على المستوى السياسي.
وأكدت انه بمجرد أن تختار الحكومات المهام، يمكنها استخدام خرائط المهام للمساعدة في تنسيق السياسات والأنشطة، على سبيل المثال، يمكن لمهمة السياحة الخضراء تعزيز الجهود الحالية في منطقة ما وتعبئة مزيد من القطاعات وأصحاب المصلحة.


قدرات جديدة
أشارت ماريانا مازوكاتو إلى أن العالم بحاجة إلى المزيد من المواهب والوظائف الإنتاجية، وضرورة اهتمام الحكومات بالقطاع الخاص الذي يعطى 70% من عمليات الاحتكار لتحقيق مزيد من الابتكارات والأرباح، كما أن العالم بحاجة إلى قدرات جديدة وإعادة تصميم الأدوات، في ظل معاناة العديد من بلدان العالم من تحديات اقتصادية، منها انخفاض النمو، ما يتطلب من الحكومات دعم الاقتصاد المرتبط بالإنتاجية، داعية إلى التعلم من أخطاء الماضي بالذات في الدول التي فشلت في استخدام الاقتصاد الموجه في الأزمات.
وأوضحت في معرض ردها إلى أسئلة الحضور أهمية الدور الحيوي لاستثمارات القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال، تنفق شركات الأدوية في أمريكا 40 مليار دولار سنوياً على ابتكار الأدوية الجديدة، وهناك مجالات لتخفيض هامش الأسعار ولكن الحكومة لا تقوم بذلك.


المحاضرة في سطور
البروفيسورة ماريانا مازوكاتو حاصلة على أعلى وسام مدني في إيطاليا، وصنفتها مجلة «نيو ريبابليك» باعتبارها واحدة من أهم ثلاثة مفكرين في مجال الابتكار، كما صنفتها مجلة «وايرد» واحدة من 25 قائداً يرسمون مستقبل الرأسمالية، وألّفت ثلاثة كتب لاقت رواجاً كبيراً، أبرزها كتاب: «اقتصاد المهمات: دليل رائد حول تغير الرأسمالية، وتقدم المشورة لصانعي السياسات في جميع أنحاء العالم بشأن النمو الشامل والمستدام القائم على الابتكار».


أربعة محاور
ركزت المحاضرة على 4 محاور، هي: التحديات العالمية الرئيسية التي تؤثر في العالم: المناخ، والصحة، وتكاليف المعيشة، والتحديات الجيوسياسية، والمحور الثاني، لماذا فشلت السياسات الحالية في إعطاء الحكومات إطاراً استباقياً لمواجهة هذه التحديات، والمحور الثالث إطار العمل القائم على تنفيذ المهام ودوره المحوري في بناء اقتصاد أكثر شمولية واستدامة، والمحور الرابع فعالية هذا النهج العالمي في معالجة التحديات التي تواجهها دولة الإمارات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/a4rbwfww

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"