عادي
يعزز مكانة الفن الإماراتي

المسرح الصحراوي.. دراما منسوجة من عباءة التراث العربي

23:35 مساء
قراءة 5 دقائق
8

الشارقة: عثمان حسن

أشاد عدد من المسرحيين الإماراتيين بتظاهرة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي الذي انطلقت دورته الأولى في ديسمبر 2015 بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأكدوا أن هذا المهرجان الذي تنظمه إدارة المسرح في «ثقافية الشارقة» شكل إضافة جديدة لمسيرة «أبوالفنون» لتعزيز مكانة الفن الإماراتي، في ضوء فضاء جديد يحفل بالبيئات الصحراوية العربية، ويهجس بهمومها وتطلعاتها، ويبرز قيمها وعاداتها وتقاليدها الراسخة.

تمنى المسرحيون أن تتسع دائرة المشاركات في هذا المهرجان على المستوى الخليجي والعربي، وأن يبنى على نجاح دوراته السابقة ليضاء على تفاصيل هذه البيئات العربية التراثية – البدوية على اختلاف تنوعها وما تطرحه من قيم فكرية وجمالية.

وصف الفنان الإماراتي عبدالله صالح المهرجان بالمسرح الجميل، كما أكد أهميته لكونه يسلط الضوء على قيم مرتبطة بالعادات والتقاليد في البيئات الصحراوية العربية، لكنه في الوقت ذاته تمنى لو يتم توسيع المشاركة الإماراتية في هذا المهرجان، وألا يكتفى بعرض واحد، وأن يحرص القائمون على إدارة وتنظيم المهرجان على تقديم أكثر من عرض يغطي ذلك الفضاء المتنوع في الصحراء الإماراتية، ويجسد المكانة التي تحظى بها الصحراء في وجدان أبناء الإمارات، هذه البيئات التي أكد صالح أنها كانت ولا تزال تشكل مصدر إلهام للإماراتيين بما فيها من قيم النخوة والحب والحكمة والتي شكلت على الدوام منظومة متكاملة ضربت أمثلة ناصعة في التعايش المشترك.

ولفت صالح إلى معمار وفضاءات المهرجان الصحراوي قائلاً: «لا شك في أن الشارقة قد نجحت في تنظيم هذا المهرجان الذي فضلاً عن العروض العربية المشاركة فيه، وما ينظم خلاله من ندوات نقدية وملتقيات فكرية، وأيضاً ما يعمر فضاء ساحاته الشاسعة في الصحراء من فعاليات وحفلات فذلك كله يعزز من أواصر الألفة التي نحتاج اليها، وهو من دون شك من الأفكار النيرة في مسيرة المسرح الإماراتي».

لون جديد

بدوره قال الفنان عبدالله راشد: «نحن في الوطن العربي محظوظون وخصوصاً في الإمارات، أن يكون لدينا حاكم ومثقف كبير، ننعم من وحي فكره النير والثاقب، فصاحب السمو حاكم الشارقة هو ذلك الرجل العارف الذي يقدم لنا كمسرحيين مفاجآت تحرك الساكن والراكد، وها نحن اليوم نعيش أجواء تجربة فنية متفردة في الوطن العربي من خلال هذا المهرجان، هي بحق تجربة مغايرة وغير مألوفة من أشكال الفن المسرحي». وتابع راشد: «لقد اكتسب المسرح الصحراوي على مدار دوراته المتعاقبة خبرات متراكمة خلقت وعياً فنياً جديداً، كما أبدعت منشطاً فنياً مختلفاً ومتنوعاً في التعاطي مع «أبوالفنون» حيث الأفق المفتوح في المساحة الشاسعة لهذا الفضاء المسرحي، بما يطرحه من أفكار خلاقة وخصبة على صعيد الاشتغال الفني، ولقد فاجأنا هذا المهرجان بكتاب جدد، قدموا نصوصاً منسوجة من عباءة التراث الإماراتي، تحكي عن قصص من صميم هذا التراث وما فيه من أساطير وحكايات، ربما معظمنا لم يسمع بها من قبل».

وأضاف: «ما هو مثير أيضاً في المسرح الصحراوي، هو تلك الإبداعات الفنية على مستوى الإخراج المسرحي، فقد برز مخرجون قدموا معالجات جديدة لهذه النصوص ممن تعاطوا مع رحابة الصحراء، وما فيها من قيم، ولقد كان تعامل هذه الإبداعات الإخراجية قريباً من فكرة المسرح الدائري، وقد شاهدنا كيف تلامس أقدام الممثلين تراب الصحراء، هي ملامسة للروح والأصالة العربية، ناهيك عما شاهدناه من إبداعات فنية أدهشت المتفرجين من طواقم التصوير ومهندسي الإضاءة الذين تعاطوا بحرفية مع هذا الفضاء المفتوح، وكل ذلك شكل لوناً جديداً ومجالاً من مجالات التميز الفني أمام المتفرجين».

فضاء إنساني

الفنان وليد عمران أكد أن المسرح الصحراوي هو الأول من نوعه على مستوى الوطن العربي والعالم وقال: «هو بكل تأكيد ظاهرة فنية فريدة وقيمة تضاف إلى رصيد المسرح الإماراتي بوجه عام، فما يطرحه هذا المسرح الجديد من عادات وتقاليد خاصة ببيئة الصحراء يشكل قيمة مضافة».

وتحدث عمران عن تفاصيل هذه الفرادة بتأكيده أن العروض المسرحية التي يتضمنها هذا المهرجان الكبير قد أضاءت على حياة البدوي في الصحراء بكل تفاصيلها، من احترامه للقيم والمبادئ وحفاظه على أصالة العادات والتقاليد، موضحاً أن هذه العروض قدمت أشكالاً متنوعة من الفضاء الإنساني في البيئة البدوية وما فيها من رقي وثقافة بما تعكسه من مآثر الكرم والشهامة والشجاعة والتعاطف.

الفنان جمعة علي تحدث عن بدايات إرهاصات هذا المسرح الجديد، الذي وجه صاحب السمو حاكم الشارقة بضرورة وجوده كمسرح بلون وطعم ونكهة مختلفة، واستذكر بهذه المناسبة ما سبق تداوله من حديث مع الفنان أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح في «ثقافية الشارقة» حين بادره بورحيمة بمشروع جديد اسمه «مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي» ولم يخف جمعة اندهاشه من الفكرة الجديدة، وقد ساورته الشكوك حول جدوى نجاح هذا المسرح من عدمه، لكنه استدرك بقوله: «لم يخب ظني يوماً في المبدع أحمد بورحيمة وصواب رؤيته، فقد نجح المسرح الصحراوي منذ انطلاقة دورته الأولى، التي ترافقت بعروض متنوعة من بلدان عربية شتى، وما هو مدهش حقاً تلك الإضاءات التي كانت تلي العروض وتقدم ملمحاً ثقافياً وفكرياً عن حياة البدوي في الصحراء».

ويتابع جمعة علي بقوله: «لقد راكم المهرجان خلال دوراته المتعاقبة الكثير من الأفكار التي يمكن البناء عليها، وكل دورة جديدة في هذا المهرجان هي بمثابة انتقالة جديدة في الفن المسرحي من حيث الشكل والمضمون». كما نوه جمعة علي بالفضاء المسرحي الذي يرافق هذا المهرجان من حيث الأنشطة والفعاليات والاحتفالات التي تجاور الخيم المنصوبة في الصحراء، ولكل عرض مسرحي يمثل بيئة صحراوية عربية أجواؤه الاحتفالية الخاصة، والتي تشكل بدورها مسرحاً حياً مفتوحاً أمام الجمهور المتعطش للمعرفة والفن المسرحي.

وختم جمعة علي بالثناء على دعم صاحب السمو حاكم الشارقة، ذلك الحاكم المثقف والمسرحي الذي يقف وراء النجاحات المتوالية في مسيرة المسرح الإماراتي.

نجاح

كانت ولادة مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في عام 2015 بمثابة فكرة مفاجئة لكثير من المسرحيين والمتابعين، الذين تساءل بعضهم عن إمكانيات نجاح هذه التظاهرة في ظل وجود مهرجانات مسرحية كثيرة في الشارقة، وكانت المفاجأة نجاح هذا المهرجان منذ دورته الأولى، بما عرضه من مسرحيات في فضاء شاسع يعكس تنوع البيئات الصحراوية العربية والخليجية، حيث سعى المهرجان إلى استكشاف مضامين هذه البيئات من خلال أشكال التعبير الأدائي والسردي التي تعمر الصحراء وفن المسرح، وقد نجحت الشارقة في إثراء المسرح الصحراوي وعمقت من دور الفرجة المسرحية، بما طرحته من أسئلة جديدة ومتجددة، وما عرضته من انشغالات تعبر عن تطلعات الإنسان العربي، من خلال حلول إبداعية مدهشة شكلاً مضموناً.

اتجاه جديد

الفنان عبدالله مسعود، أثنى على إدارة المسرح في «ثقافية الشارقة»، وعلى هذا الجهد الفني الذي تمثل في المسرح الصحراوي الذي يسافر بالمشاهد بعيداً نحو عوالم التراث والبداوة في البيئات الخليجية والعربية، هذه العوالم التي تعد من المكونات الرئيسية لهذه المجتمعات.

وقال عبدالله مسعود: «أنا سعيد جداً بهذا اللون المسرحي حيث تسعى إدارة المسرح للبحث في ما يقدمه هذا الفضاء الفرجوي من متعة وقيم وهو بحث يتوخى أن يصل إلى عمق هذا المكون البيئي وعاداته وقيمه التي نفتقدها هذه الأيام».

وتابع مسعود: «هو من دون شك، اتجاه مسرحي مختلف ويطرح قضايا بيئات عربية تراثية يجب أن يضاء عليها من خلال المسرح، فلم يسبق أن سمعنا بالمسرح الصحراوي قبل العام 2015، ولقد كانت هذه الفكرة مدهشة حقاً، حيث نجحت الشارقة في كل دورات مهرجانها الصحراوي، وكان هذا النجاح باهراً بشهادة كثير من النقاد المسرحيين، فقد أتاحت فرصة مشاهدة العروض العربية والخليجية المشاركة في المهرجان أن نذهب إلى تلك الأماكن القصية في الجغرافيا العربية الممتدة، وأن نسعد بكنوزها وأصالتها وفضاءاتها المدهشة».

وختم عبدالله مسعود بضرورة توسيع مظلة البلدان العربية المشاركة في المهرجان الصحراوي وتعميم الفائدة من خلال العروض والملتقيات النقدية والفكرية التي تلي هذه العروض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3j9xssf7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"