مكانك سر..

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

مساء ذات يوم، بينما كان أحدهم يمشي في شوارع أحد الأحياء السكنية، فوقعت عينه على رجل يحاول بصعوبة بالغة التعامل مع غسالة ملابس ثقيلة عند باب منزله، فتطوع من فوره، لأنه يحب فعل الخير، لتقديم المساعدة، وشرع الاثنان في العمل الشاق بغية التعامل مع تلك الآلة التي يصعب تحريكها.
بعد جهود عقيمة استمرت لدقائق معدودات، توقف الرجلان عن محاولاتهما المتكررة البائسة، ونظر كل منهما صوب الآخر، في الوقت الذي كانا فيه على حافة الإنهاك التام. وأخيراً، بعد أن التقطا أنفاسهما، قال الرجل الأول لصاحب المنزل: «لن نتمكن من إدخال الغسالة إلى داخل البيت». فرد عليه صاحب البيت بالقول: «إدخالها إلى أين؟ أنا أحاول إخراجها بعيداً عن المنزل».
ونفس الحكاية السابقة تتكرر بصور وأشكال متعددة في بعض الجهات والإدارات؛ حيث ترى موظفين يعملون في المكان نفسه، غير أن كل واحد فيهم يسبح في اتجاه مختلف، ما يؤدي إلى تعطيل سير العمل، وعرقلة التقدم نحو الأهداف المرسومة.
أما أهم أسباب هذا الاضطراب والضياع، فهو غياب المسؤول أو صاحب العمل، ذلك الربان الذي يوحد الجهود، ويوجه الدفة نحو الوجهة المنشودة،
لتغيب بغيابه الرؤية وتضيع الرسالة، وتختفي الأهداف، فلا يدري أحد دوره ولا وجهته.
صحيح أن جهد الفرد أمر لازم، لكن لابد أن يكون ضمن إطار التعاون المشترك والعمل من خلال فرق عمل تتوزع عليهم الأدوار وبإشراف شخص مسؤول يراقب ويتدخل في الوقت المناسب لتصحيح الطريق والتأكد بأن الاتجاه دائماً صوب الأهداف المرسومة.
ولو نظرنا إلى كبرى الشركات، مثل: «أبل»، و«سامسونج»، «جوجل»، فسنلاحظ بشكل واضح كمية الأفكار المبتكرة التي لم تكن لترى النور لولا تعاضد الموظفين. فمهما كان الإنسان مبتكراً، تظل أفكاره محدودة، مقارنة بفريق متعدد الأعضاء.
كما أنه لا يمكن لأكثر الأشخاص كفاءة أو خبرة، امتلاك كل المهارات اللازمة لأداء جميع الوظائف، بينما يمكن العثور على كفاءات ومهارات متنوعة تغطي كل احتياجات جهة العمل، حين تضع الآمال على فريق متكامل لا فرد بعينه.
في النهاية، اليد الواحدة لا تصفق، والأهداف تحتاج إلى تضافر الجهود، وتكاتف السواعد، وكما أن نجاح أي شركة أو مشروع ليس نتاج جهد فرد واحد، فإن الجهد الجماعي لا يؤتي ثماره اليانعة، حتى يصب في مسار موحد وطريق مشترك يرسم معالم النجاح فيه قائد حاضراً بنفسه دوماً حتى يقودهم، ويوزع الأدوار، ويضمن تعاونهم ويختصر المسافات وصولاً إلى الغايات المأمولة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nh4e9uf4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"