انتخابات تونس وما بعدها

00:52 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كان من المتوقع أن تؤدي الانتخابات البرلمانية التونسية التي جرت يوم السبت الماضي إلى عهد جديد، ينفض تداعيات السنوات العشر الماضية، ويعطي أملاً للتونسيين بأن القادم سيكون أفضل، بعد سنوات من هيمنة حركة «النهضة» والأحزاب الأخرى التي شاركتها السلطة، وأدت إلى ما أدت إليه من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وأن تكون التجربة الحزبية الفاشلة، درساً للتونسيين، بتجربة جديدة خارج الاصطفافات الحزبية، بما قد يؤدي إلى إنقاذ تونس مما تعانيه من أزمات خانقة.

إن مشاركة نحو 8.8 في المئة من الناخبين من أصل زهاء نحو 9 ملايين ناخب، هو مؤشر سلبي، لما تعنيه من إقبال محدود على صناديق الاقتراع، كما تقدم صورة لا تليق بالتجربة الديمقراطية التي أرادها الشعب التونسي من خلال ثورة يناير 2011، وما حملته من شعارات (العدالة والحرية والمساواة).

كذلك فإن الانصراف عن المشاركة بالانتخابات، يعطي الأحزاب السياسية المبرر لمعارضتها الانتخابات من الأساس، وخصوصاً حركة «النهضة» التي دأبت على التشكيك بكل الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، والتي استهدفت قصقصة أجنحتها، وإحالة معظم قادتها إلى التحقيق، بتهم الفساد، والمشاركة في الإرهاب، وإقامة علاقات خارجية مشبوهة، ومنع معظم هؤلاء من مغادرة البلاد.

صحيح أن البرلمان الجديد ستكون له صلاحيات محدودة، بموجب الدستور الجديد الذي تم إقراره في 25 يوليو/تموز الماضي، وصحيح أيضاً أن الرئيس سعيّد باتت لديه صلاحيات واسعة، لكن الصحيح أيضاً أن تونس تحتاج إلى فترة من الهدوء والخروج من الاصطفافات السياسية الحزبية، تصحيحاً لمسار الثورة، ولإنقاذ تونس من الانهيار الشامل.

لا شك أن الرئيس سعيّد الذي انتخب عام 2019 لمدة خمس سنوات، من خارج الطاقم السياسي المعهود، لم يتمكن من تحقيق إنجازات مهمة على صعيد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ولم تتمكن حكومته من تلبية المطالب الشعبية المُلحة مثل التخفيف من وطأة الحياة المعيشية، والبطالة، وازدياد التضخم، وانهيار قيمة العملة، وكلها أسباب جعلت الناخبين يديرون ظهورهم لصناديق الاقتراع، كما أدت بالاتحاد العام للشغل، وهو أكبر النقابات العمالية التونسية إلى وصف الانتخابات بأنها «بلا لون أو طعم»، وجاءت «وليدة دستور لم يكن تشاركياً ولا محل إجماع أوموافقة الأغلبية، واحتوى على ثغرات وخلل»، على حد قول أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي.

الرئيس التونسي من جهته، اتهم الأحزاب السياسية المعارضة «بإفراغ خزائن الدولة، والسعي وراء السلطة، وعدم المبالاة بمطالب التونسيين».

يذكر أن الديون الخارجية التونسية تصل إلى 100 في المئة من الناتج المحلي، في حين أن البطالة تتجاوز ال16 في المئة، وبلغ التضخم 9.1 في المئة، وقد تعهدت الحكومة بإنجاز إصلاحات تشمل الرفع التدريجي للدعم الحكومي عن المنتجات الغذائية الأساسية، وفي مجال الطاقة، وإعادة هيكلة العديد من الشركات العامة، وهي خطوات تلقى معارضة شعبية ونقابية واسعة.

هل تضع الانتخابات حداً للمحنة التونسية؟ سؤال برسم ما تحمله الأيام المقبلة من تطورات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p92etpz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"