عادي
عرض مؤثث بالموسيقى والرقص والغناء

«بيت الدمى».. المسرح مرآة الحياة

23:29 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن
ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل، عرضت جمعية دبي للفنون الشعبية مسرحية «بيت الدمى» من تأليف الكاتب علي جمال، وإخراج الفنان عبدالله صالح.

والعمل من بطولة مجموعة من الفنانين، هم: فؤاد القحطاني بدور (التاجر مدير الفرقة)، ورنيم محمد (شعاع)، وجاسم يعقوب (بندر)، وعبدالعزيز أنور (السمسار) وعبد العزيز حبيب (نهار)، وميرة علي بدور (نعناعة).

شعاع ونهار هما شقيقان توارثا مسرحا للدمى عن والدهما، وكان يعمل معهما بندر ونعناعة، حيث شكلوا جميعا فرقة مسرحية تواظب على عرض المسرحيات التي تجلب لهم السعادة، ومن خلال هذا البيت وهذه الفرقة، يشعر الشقيقان وشريكاهما بالرضا والسعادة، خاصة البنت شعاع التي بهذا العمل تشعر بأنها تحقق حلم والدها المتوفى، ومن خلاله تحافظ على الإرث الفني، وفي العمل إشارات لافتة ل«أبو الفنون»، هذا الفن العريق الذي هو مرآة النبل والوعي والتحضر وضرورة الحفاظ على القيم، وما تركه لنا الجيل السابق من إرث يتوجب الاستفادة منه والتطلع إلى المستقبل المشرق رغم العثرات والصعاب التي تعترض الطريق.

وبعد وفاة والد شعاع ونهار، وهو مؤسس الفرقة المسرحية، يدبّ الخلاف بين أعضاء الفرقة، فالأخ نهار صار يتطلع إلى تحقيق رغباته المادية خارج هذا الإطار الذي لا يجلب له أية منفعة مادية، فيما تتشبث شعاع بمسرحها الذي تريد تنشيطه ومواصلة تقديم العروض من خلاله، ويتفاقم الخلاف بين شعاع ونهار، ويقرر نهار بيع المسرح، لكنه يواجه بعقبة كبيرة، وهي عدم موافقة شقيقته شعاع، وبعد إلحاح وضغط نهار على شقيقته، توافق على البيع شرط أن تحتفظ بدمى ومقتنيات المسرح، التي ترى فيها مجد تلك الأيام الخوالي، وأكثر من ذلك، فهي تذكّرها بالوفاء والحنين لتلك الذكريات الجميلة التي لا تنسى، ومن جهة نهار فالدمى ليست أكثر من خردوات بالية، لا نفع من ورائها، في إشارة إلى قيم الاستهلاك والضياع الذي يعيشه شباب هذه الأيام.

تتواصل الحكاية، ويتفرق أعضاء الفرقة كل في شأنه، يختار بعضهم الركون إلى التجارة، خاصة بندر، لكنه يفشل في تحقيق ما يريد، ولأن الإرادة تصنع المعجزات، ورغم ما تعانيه من ألم وبؤس نتيجة بيع المسرح، تواصل شعاع عروضها في عربتها الخاصة، باستخدام الدمى من مكان لآخر، من جهة أخرى يتعرض شقيقها للاحتيال من قبل السمسار الذي يستغل جهله بالتجارة، وبمرور الأيام ينال جزاء تفريطه بالمسرح، فقد خسر أمواله التي أخذها من السمسار جراء مكيدة دبرها السمسار نفسه، وهنا، يبدأ بالتحسر على ما فقده بعيداً عن شقيقته ورفاق دربه، وها هو يشعر بالندم الشديد، فيعود إلى الفرقة التي تعاود عروضها.

مشاهد

استندت مسرحية «بيت الدمى» إلى جهد سينوغرافي تم توظيقه ليضيء على أهداف العرض، خاصة تلك المشهديات الراقصة التي ترافقت مع الفقرات المغناة والملحنة، كما كان لتلك الألوان وإسقاطات الضوء واستثمار خيال الظل دورها في الثراء المشهدي الذي قدمه العرض. ومن النصوص التي رددها كورس العرض ما جاء على لسان «شعاع»: وين ما أنظر أشوفه/ في هالفضا تسكن طيوفه/ من مثل لطفه وروفه/ وهو اللي يسأل دوم عنا.. وأيضاً: حلم أبوي حلم حلم السنين / بسمة أمل في كل عين/ فرحة وحب وشوق وحنين/ وحب سكن فكري وذاتي.

واشتملت أغنية المجموعة على:

بيت الدمى بيت نما

يجلب لنا يجلب لنا

كل السعادة والهناء

هو فرحنا هو سعدنا

بيت بناه أبي لنا كلنا.

شجاعة

حفِل نص العرض بحكايات مساندة للفكرة الرئيسية، تبرز قيم الشجاعة والوفاء والعطف ومنها: «في يوم من الأيام كان هناك أب رأى ابنه حزيناً فسأله لماذا أنت حزين يا بني؟ هل خسر فريقك في مباراة كرة القدم؟ أجاب الابن: لا يا أبي لم يخسر المباراة، وأنا لم أحضر المباراة أيضاً، لأن أصدقائي تركوني وتخلّوا عني، ولم يعودوا أصدقائي أيضاً، فهم قد خيروني أن أختار بينهم وبين زاهر لكي أشاركهم في المباراة، ويسأله الأب ومن زاهر هذا؟ يجيب الابن: هو فتى طيب وبسيط، ولكنه قصير القامة قليلاً، وغالباً ما كانوا يسخرون منه بسبب قصر قامته، وقد حاولت مراراً أن أمنعهم من السخرية منه، فتشاجروا معي وخيّروني إما أن أختارهم، وإما اختار زاهر. فاخترت صديقي زاهر، وبعد أن يدخل الابن في دوامة من البكاء، يسأل والده: هل من أمل أن ألعب مجدداً؟ فيجيبه الأب: يبقى الأمل موجوداً، ولا بد أن يشعر أصدقاؤك بخطأهم ويعتذروا منك، فاعتراف الإنسان بخطئه من صفات الشجاعة، وبالفعل، ما هي سوى ساعات قليلة حتى جاء أصدقاؤه واعتذروا منه، وقد لعبوا مباراة جميلة تغلبوا فيها على الفريق الخصم وصفق لهم الجمهور.

قام الكاتب علي جمال كذلك بتصميم الديكور، وعبدالله صالح بتأليف وتلحين الأغاني، وصمم ونفذ الإضاءة إبراهيم حيدر، أما عبدالله المهيري فساعد في إخراج العرض، وتولى عبدالله بن لندن هندسة الصوت، فيما صممت الأزياء مريم عبدالله الرميثي، وتنفيذ الأزياء باهر عماد، وقامت بتوزيع وتنفيذ الأغاني ميرزا المازمي، أما الهنوف محمد فتولت مهمة الإشراف العام على المسرحية.

الحنين

من الحكايات التي تضمنها العرض قصة المهر الصغير الذي كان يشعر بالطمأنينة والسعادة في مزرعة جميلة مع والدته، وفي يوم من الأيام شعر المهر بالملل، وفكّر أن يترك المزرعة ويرحل ويستكشف العالم، فتنصحه الأم، بأن قراره هذا غير صائب، وسوف يتسبب بخسارته لوطنه وأحبّائه.

لكن المهر يصر على تنفيذ قراره، وصار يدور هائماً في البراري، وكلما وجد أرضاً فيها حيوانات، لن تسمح له بالبقاء، فصار يشعر بالبرد والجوع والعطش، فندم على ما فعل، وقرر العودة، مستعيداً مشاعر الحب والأمان في أحضان أحبّائه وأقربائه وأصدقائه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/52fhrz7z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"