أوّل منزل..

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

كتب الشاعر والباحث الجزائري عياش يحياوي 1957-2020 بإخلاص ومهنية أكثر من أحد عشر كتاباً محورها الأساسي الثقافة الشعبية، والتراث الشعبي في الإمارات، ومن عناوينه الإماراتية التي - تحظى بالقبول والاحترام في الوسط الثقافي والإعلامي والبحثي الإماراتي على سبيل المثال: العادات القولية في الشعر النبطي بالإمارات، خلوجيات.. مقالات في الشفهي والمكتوب بالإمارات، الناقة في الشعر النبطي بالإمارات، شعراء من الغربية، سلمى جدّة شعراء الإمارات، دراسات في المجتمع والكتابة في الإمارات، وغيرها من عناوين تذهب مباشرة إلى روح المكان الإماراتي وروح الناس والحياة والكائنات، لا بل كتب عياش يحياوي إذا لم تخني الذاكرة عن الأشجار في الإمارات، وكان جزائرياً صحراوياً مسكوناً حتى العظم بحب الصحراء الإماراتية وشعرائها وبدوها الذين يرى نفسه ويرى ذاكرته الجزائرية في وجوههم وفي أرواحهم، كان رحمه الله يرتدي الزيّ الإماراتي، ويحرّك سيارته منذ الصباح ويتوجه إلى حيث يجري بحوثه وقراءاته للمكان ومعه كاميرا وجهاز تسجيل لا يفارقانه كما ينبغي حقاً - لصحفي ميداني استقصائي - يحب عمله، والأهم من حب المهنة حب المكان الذي تتحول فيه المهنة الصحفية إلى رؤية وسفر - وعشق للأرض والناس والأشجار.
زاملت عياش يحياوي وصادقته و«خاويته»، وقبل سنوات تشاركنا في سكن شقة في الشارقة، نصنع طعامنا بأيدينا، ونغسل ثيابنا، وننظف الشقة التي شهدت الكثير من الحكايات والضحك والكتابة، ولو كانت الحيطان تسمع وتتكلّم لبحثت الآن عن صوت عياش في تلك الحيطان.
أحب كتاباً لعياش هو «أوّل منزل» ويتألف من خمسين حواراً أجراها عياش مع شعراء وروائيين ومسرحيين وفنانين إماراتيين انطلاقاً من محور واحد، المنزل الأول الذي ولد فيه الكاتب أو الفنان أو المبدع وشهد طفولته الأولى وشبابه الأول، لكن الحوار يأخذ عادة بالاتساع عن محور المنزل ليستدعي الكاتب حكايات وخرافات وأساطير كانت تحيط بحَيَوات هؤلاء الكتّاب الذين ولد أغلبهم في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، واحتفظت ذاكراتهم بقصص - الإنس والجنّ والواقع والخيال والمعقول واللّامعقول بحيث تصلح هذه السرديات لتكون شكلاً من أشكال تاريخ المكان وتاريخ الإنسان أيضاً وهو يولد تحت شجرة، أو بالقرب من شاطئ - محاطاً بمجتمع فطري - طفولي أنجب العشرات من الشعراء الذين ولدوا في تلك المنازل.. ولسان حالهم يقول:.. كم من منزلٍ في الأرضِ يألفه الفتى..
وحنينه أبداً لأوّلِ منزلِ...
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jssvrt6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"