الدار البيضاء: محمد إسماعيل زاهر
إسماعيل عبدالله: ننحاز دائماً للإبداع
انطلقت مساء الثلاثاء، في مدينة الدار البيضاء المغربية، فعاليات الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح العربي، واستضاف مسرح محمد السادس حفل افتتاح المهرجان الذي اشتمل على رسالة اليوم العربي للمسرح الذي يصادف العاشر من يناير من كل عام، والتي كتبها وألقاها المخرج والكاتب العراقي الدكتور جواد الأسدي وانتقد فيها عبر لغة مؤثرة الكثير من الأوضاع المتعلقة بالثقافة، وتطرق إلى ما ينتاب المنطقة العربية من تحولات سياسية واجتماعية.
بدأ حفل الافتتاح بعرض تعبيري راقص، وتضمن كلمات لكل من محمد مهدي بنسعيد وزير الثقافة والشباب والتواصل في المغرب، وإسماعيل عبدالله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، والدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو»، والدكتور محمد ولد اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، وشهد الحفل كذلك تكريم 10 من أبرز فناني المسرح المغربي.
وتطرق الأسدي بعد ذلك إلى العديد من قضايا الراهن الملحة، متنقلاً بين تراجع التنوير وانتشار النزعات الطائفية والعنف، وقال:«صباح الخير على سنوات الحنين والجوع المر في بلاد الملاحم وعلماء الطبيعة ومن دقوا ورسخوا مسمار الكتابة ودونوا الأساطير وبصمة التنوير، والجمهور العريق المتدافع أمام شباك التذاكر في المسارح الحداثية كتابة وإخراجاً حتى هطول السخام في ذلك اليوم الأرعن. وانزياح الحياة الحرة والتأريخ الجمالي عن سكك حديد التنوير، وسقوط البلدان في عاصفة العدم وانسداد الأبواب المدنية وانطفاء جذوة الثقافة وتسييد جحيم الطوائف التي رسخت قواميس الجوع وكتابة الخراب والذل وسفك الدماء».
وبلهجة حزينة وغاضبة رصد الأسدي حال المسرح والثقافة في عدة أقطار عربية بالقول: «لقد هوت شجرة المعرفة المسرحية وسقطت سقوطاً مدوياً، ليحل محلها ثقافة الغريزة.. هناك انهيار ثقافي حيث لا أثر لدار أوبرا ولا مسرح ولا مكتبات موسيقية أو غاليريات تشكيلية في شوارع المجتمع المدني. الظلمة أدت إلى هجرة أعداد كبيرة من رجالات الثقافة من سينمائيين ومسرحيين وتشكيليين وموسيقيين إلى بلدان غير بلدانهم، تاركين وراءهم يباباً مفزعاً، وفقدان أمل يلوح على شاشة مستقبل بلا روح ولا حرية ابتكار، الأمر الذي أوقع جيلاً شبابياً مبتكراً في هاوية اللاجدوى، يلوكون أحلامهم ومستقبلهم الجمالي في وحشة كبيرة تحت ظلال شجرة العوز والأمل الميت، تتناقلهم الهجرة إلى بحار ترميهم في تيهٍ جحيمي بعيدين عن بلادهم وأهلهم، يلوكون الغربة كعشبة مرة ونزيف حار في تواريخهم وبحوثهم وقتالهم من أجل استكمال مشاريعهم الإبداعية، واقع شهد بزوغ ميليشيات مدربة على سرقة حياة التنوير، واستبدالها بمناخ مأتمي، ظلامي، يتخبط في أزقته الجيل الجديد، كخطيئة مقدسة ومعدمة، لجمهور عربي صار بلا أردية جمالية وبلا خيال، ساد التردي في سويات التلقي واللهفة للمسرح الحقيقي، وتأسست فجوة تاريخية بين الرغبة في النهوض الجمالي في أعمال عدد من المبدعين العرب، واتساع التفاوت المعرفي في أولويات الجمهور، حتى أصبحنا بلا أرضيات فلسفية وجمالية، تساعد الناس على إعادة كتابة موروثهم العظيم»
وانتقل الأسدي إلى رصد أهمية الممثل في المسرح، وقال: «صباح الخير على الممثل، روح المسرح وسر أسراره، وهو يعيد كتابة صوته وجسده بكثافة تعبيرية وإشارية مبتكرة بعيداً عن متحف السوق ومجانية التمثيل السوقي، محلقاً بروح إنسانية رفيعة من اللعب الصاخب إلى معابد جلال أسئلة الروح الملتاعة الكبرى وحيرتها صعوداً إلى نهار دموع الأحزان»، وتطرق إلى الإخراج: «صباح الخير على الإخراج والمخرجين وهم يطبخون شكسبير وجان جينيه وبيكيت ومارلو وبولغاكوف، على نار بصرية مبتكرة هادئة في موقد ناري لين وطري، حيث يضاء العقل وتسمو الروح».
وقال إسماعيل عبدالله: «يستظل المهرجان بدوحتين ساميتين، بدعم ورعاية الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، والذي يتابع تفاصيل المهرجان، مرشداً ومسانداً لمسرح يكون مدرسة للأخلاق».
وتوجه عبدالله إلى حضور الافتتاح من مؤلفين وكتاب ومخرجين بالقول: «هذه هيئتكم، الهيئة العربية للمسرح، التي لا تخلف لكم وعداً، والتي أرادها مؤسسها، صاحب السمو حاكم الشارقة أن تكون بيتكم، فكانت وستبقى كذلك، تزهو بأنكم صوتها وصورتها، من هنا سنمضي إلى الأمام بفضل أفكاركم وتجاربكم، ونحن ننحاز دائماً للإبداع»، وشكر عبدالله وزارة الثقافة والشباب والتواصل المغربية على مشاركتها الهيئة في تنظيم المهرجان ليخرج على الوجه الأمثل.
ولفت عبدالله إلى أن هذه الدورة ستشهد إصدار 12 كتاباً تتناول المسرح المغربي بأقلام باحثين وأكاديميين، وأعلن عن قرب صدور خزانة المسرح المغربي التي توثق لمفاصل تاريخية في مسيرة «أبو الفنون» في ذلك البلد العربي.
الدكتور محمد ولد اعمر تناول أهمية المسرح في دعم مختلف القضايا، وتقدم بالشكر إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، لدعمه ورعايته المستمرة للمسرح. أما سالم بن محمد المالك فركز في كلمته على أهمية الفن في التنمية، والنهوض بالبشر وإشاعة حالة من الحراك الثقافي في المجتمع.
وشهد حفل الافتتاح تكريم عشرة من فناني المسرح المغربي، وهم: عبدالإله عاجل، عبدالرزاق البدوي، فاطمة الشرادي، محمد البلهيسي، محمد التسولي، محمد الجم، مصطفى دسوقين، مصطفى جمال الدين، مليكة العمري ونزهة الركراكي.
والعرض يتناول قصة شاب وأخته فرقهما الشتات الفلسطيني عن أمهما، ويحلمان بالعودة يوماً ما إلى ملاقاتها خاصة عقب فقدانهما والدهما معيل الأسرة. اعتمد العرض على الغناء ووظف مختلف عناصر السينوغرافيا بطريقة لافتة، واستطاع جذب انتباه المشاهدين عبر الأغاني، ونجح في مسرحة رواية كنفاني، من خلال شاشة عرض وضعت في خلفية الخشبة تتناول لحظات مؤثرة في التاريخ الفلسطيني، كما وظف المخرج صوت الراوي أحياناً وكسر الحائط الرابع بين الممثلين والجمهور في أحيان أخرى حتى يستطيع أن يعبر عن أحداث وروح الرواية مسرحياً.
إسماعيل عبدالله: ننحاز دائماً للإبداع
انطلقت مساء الثلاثاء، في مدينة الدار البيضاء المغربية، فعاليات الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح العربي، واستضاف مسرح محمد السادس حفل افتتاح المهرجان الذي اشتمل على رسالة اليوم العربي للمسرح الذي يصادف العاشر من يناير من كل عام، والتي كتبها وألقاها المخرج والكاتب العراقي الدكتور جواد الأسدي وانتقد فيها عبر لغة مؤثرة الكثير من الأوضاع المتعلقة بالثقافة، وتطرق إلى ما ينتاب المنطقة العربية من تحولات سياسية واجتماعية.
بدأ حفل الافتتاح بعرض تعبيري راقص، وتضمن كلمات لكل من محمد مهدي بنسعيد وزير الثقافة والشباب والتواصل في المغرب، وإسماعيل عبدالله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، والدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو»، والدكتور محمد ولد اعمر المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، وشهد الحفل كذلك تكريم 10 من أبرز فناني المسرح المغربي.
- على خطى هاملت
وتطرق الأسدي بعد ذلك إلى العديد من قضايا الراهن الملحة، متنقلاً بين تراجع التنوير وانتشار النزعات الطائفية والعنف، وقال:«صباح الخير على سنوات الحنين والجوع المر في بلاد الملاحم وعلماء الطبيعة ومن دقوا ورسخوا مسمار الكتابة ودونوا الأساطير وبصمة التنوير، والجمهور العريق المتدافع أمام شباك التذاكر في المسارح الحداثية كتابة وإخراجاً حتى هطول السخام في ذلك اليوم الأرعن. وانزياح الحياة الحرة والتأريخ الجمالي عن سكك حديد التنوير، وسقوط البلدان في عاصفة العدم وانسداد الأبواب المدنية وانطفاء جذوة الثقافة وتسييد جحيم الطوائف التي رسخت قواميس الجوع وكتابة الخراب والذل وسفك الدماء».
وبلهجة حزينة وغاضبة رصد الأسدي حال المسرح والثقافة في عدة أقطار عربية بالقول: «لقد هوت شجرة المعرفة المسرحية وسقطت سقوطاً مدوياً، ليحل محلها ثقافة الغريزة.. هناك انهيار ثقافي حيث لا أثر لدار أوبرا ولا مسرح ولا مكتبات موسيقية أو غاليريات تشكيلية في شوارع المجتمع المدني. الظلمة أدت إلى هجرة أعداد كبيرة من رجالات الثقافة من سينمائيين ومسرحيين وتشكيليين وموسيقيين إلى بلدان غير بلدانهم، تاركين وراءهم يباباً مفزعاً، وفقدان أمل يلوح على شاشة مستقبل بلا روح ولا حرية ابتكار، الأمر الذي أوقع جيلاً شبابياً مبتكراً في هاوية اللاجدوى، يلوكون أحلامهم ومستقبلهم الجمالي في وحشة كبيرة تحت ظلال شجرة العوز والأمل الميت، تتناقلهم الهجرة إلى بحار ترميهم في تيهٍ جحيمي بعيدين عن بلادهم وأهلهم، يلوكون الغربة كعشبة مرة ونزيف حار في تواريخهم وبحوثهم وقتالهم من أجل استكمال مشاريعهم الإبداعية، واقع شهد بزوغ ميليشيات مدربة على سرقة حياة التنوير، واستبدالها بمناخ مأتمي، ظلامي، يتخبط في أزقته الجيل الجديد، كخطيئة مقدسة ومعدمة، لجمهور عربي صار بلا أردية جمالية وبلا خيال، ساد التردي في سويات التلقي واللهفة للمسرح الحقيقي، وتأسست فجوة تاريخية بين الرغبة في النهوض الجمالي في أعمال عدد من المبدعين العرب، واتساع التفاوت المعرفي في أولويات الجمهور، حتى أصبحنا بلا أرضيات فلسفية وجمالية، تساعد الناس على إعادة كتابة موروثهم العظيم»
وانتقل الأسدي إلى رصد أهمية الممثل في المسرح، وقال: «صباح الخير على الممثل، روح المسرح وسر أسراره، وهو يعيد كتابة صوته وجسده بكثافة تعبيرية وإشارية مبتكرة بعيداً عن متحف السوق ومجانية التمثيل السوقي، محلقاً بروح إنسانية رفيعة من اللعب الصاخب إلى معابد جلال أسئلة الروح الملتاعة الكبرى وحيرتها صعوداً إلى نهار دموع الأحزان»، وتطرق إلى الإخراج: «صباح الخير على الإخراج والمخرجين وهم يطبخون شكسبير وجان جينيه وبيكيت ومارلو وبولغاكوف، على نار بصرية مبتكرة هادئة في موقد ناري لين وطري، حيث يضاء العقل وتسمو الروح».
- أنشودة للأمل
- سلام وتعايش
وقال إسماعيل عبدالله: «يستظل المهرجان بدوحتين ساميتين، بدعم ورعاية الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، والذي يتابع تفاصيل المهرجان، مرشداً ومسانداً لمسرح يكون مدرسة للأخلاق».
وتوجه عبدالله إلى حضور الافتتاح من مؤلفين وكتاب ومخرجين بالقول: «هذه هيئتكم، الهيئة العربية للمسرح، التي لا تخلف لكم وعداً، والتي أرادها مؤسسها، صاحب السمو حاكم الشارقة أن تكون بيتكم، فكانت وستبقى كذلك، تزهو بأنكم صوتها وصورتها، من هنا سنمضي إلى الأمام بفضل أفكاركم وتجاربكم، ونحن ننحاز دائماً للإبداع»، وشكر عبدالله وزارة الثقافة والشباب والتواصل المغربية على مشاركتها الهيئة في تنظيم المهرجان ليخرج على الوجه الأمثل.
ولفت عبدالله إلى أن هذه الدورة ستشهد إصدار 12 كتاباً تتناول المسرح المغربي بأقلام باحثين وأكاديميين، وأعلن عن قرب صدور خزانة المسرح المغربي التي توثق لمفاصل تاريخية في مسيرة «أبو الفنون» في ذلك البلد العربي.
الدكتور محمد ولد اعمر تناول أهمية المسرح في دعم مختلف القضايا، وتقدم بالشكر إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، لدعمه ورعايته المستمرة للمسرح. أما سالم بن محمد المالك فركز في كلمته على أهمية الفن في التنمية، والنهوض بالبشر وإشاعة حالة من الحراك الثقافي في المجتمع.
وشهد حفل الافتتاح تكريم عشرة من فناني المسرح المغربي، وهم: عبدالإله عاجل، عبدالرزاق البدوي، فاطمة الشرادي، محمد البلهيسي، محمد التسولي، محمد الجم، مصطفى دسوقين، مصطفى جمال الدين، مليكة العمري ونزهة الركراكي.
- مسرحة الرواية
والعرض يتناول قصة شاب وأخته فرقهما الشتات الفلسطيني عن أمهما، ويحلمان بالعودة يوماً ما إلى ملاقاتها خاصة عقب فقدانهما والدهما معيل الأسرة. اعتمد العرض على الغناء ووظف مختلف عناصر السينوغرافيا بطريقة لافتة، واستطاع جذب انتباه المشاهدين عبر الأغاني، ونجح في مسرحة رواية كنفاني، من خلال شاشة عرض وضعت في خلفية الخشبة تتناول لحظات مؤثرة في التاريخ الفلسطيني، كما وظف المخرج صوت الراوي أحياناً وكسر الحائط الرابع بين الممثلين والجمهور في أحيان أخرى حتى يستطيع أن يعبر عن أحداث وروح الرواية مسرحياً.