الديمقراطيات الهادئة

01:28 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

كشفت نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة في جمهورية التشيك عن تأهل مرشحين اثنين لخوض الجولة الثانية من السباق والمقررة يومي 27 و28 من يناير/ كانون الثاني الجاري، لتحديد الفائز بالمقعد الرئاسي. والمرشحان الفائزان بالجولة الأولى هما اندريه بابيش، رئيس الوزراء السابق وخامس أكثر الرجال ثراء في تشيكيا، وبيتر بافيل، الجنرال المتقاعد ذو السجل الحافل في مهمات حلف الأطلسي وخلال رئاسته للجنة العسكرية للحلف.

والسباق بين الرجلين سيكون سجالاً، مع فرص متقاربة أوضحتها نتائج الجولة الأولى التي حقق فيها الجنرال تقدماً ضئيلاً ضد الملياردير ورجل السلطة التنفيذية السابق. والمهم في الأمر أن فوز أياً من المرشحين لن يتسبب في اهتزازات كبيرة في السياسة الدولية، فجمهورية التشيك هي واحدة من الديمقراطيات الأوروبية الهادئة التي لا تشهد انقسامات داخلية عميقة لافتة للنظر، ولا تكاد تسمع لها حساً في قضايا السياسة والنزاعات الدولية. على عكس بعض الدول الغربية الأخرى التي تعيش غلياناً داخلياً يتدفق على محيطها وفي داخله وعادة ما تكون طرفاً في النزاعات والحروب الجارية أو تشارك فيها بنشاط وتؤجج نيرانها.

كانت تشيكوسلوفاكيا في قلب السياسة الدولية في ستينات القرن الماضي عندما اجتاحتها الدبابات السوفييتية لتجهض الحركة الإصلاحية للرئيس ألكسندر دوبتشيك، فيما عُرف حينها ب«ربيع براغ». لكن هذا البلد اختفى من شاشات السياسة الدولية بعيد تفكك جمهورية تشيكوسلوفاكيا إلى دولتي سلوفاكيا وتشيكيا. وبرزت جمهورية التشيك بعدها على شكل الدولة التي تركز اهتماماتها على مجالات الفنون والثقافة والسياحة، ودولة الرفاهية التي تتمتع باقتصاد سوق اجتماعي متقدم وعالي الدخل.

الجديد في هذه الانتخابات هو تباين وجهات النظر والمواقف بين المرشحين لمنصب الرئيس التشيكي، فبينما يقف الجنرال السابق إلى جانب أوكرانيا والسياسة المؤيدة للغرب، فإن رئيس الوزراء السابق بابيش مع تقديم المساعدة للشعب التشيكي أولاً؛ وذلك لأنه لا يحمل مشاعر ودية تجاه الاتحاد الأوروبي، ويتبنى أجندة مناهضة للهجرة.

ومع ذلك، فإن هذه التباينات لا تكتسب أهمية كبيرة، فعلى الرغم من أن الرئيس يشارك في اختبار مجلس الوزراء، وتعيين محافظي البنك المركزي وقضاة المحكمة، فإن صلاحياته تظل محدودة ومنصبه شرفي، مع سلطة تنفيذية رئيسية تحتفظ بها الحكومة حسب النظام البرلماني.

وأجرى بابيش بعد أيام من انتهاء الجولة الأولى، محاولة لإطاحة الحكومة القائمة عبر اقتراح تصويت على سحب الثقة في البرلمان، لكن الاقتراح سقط بأغلبية 102 صوت مقابل 81 من نواب البرلمان البالغ عددهم 200 نائب. ووصف مجلس الوزراء اقتراح حجب الثقة بأنه حيلة دعائية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية.

وأعلنت المرشحة الرئاسية السابقة دانوش نيرودوفا التي حلت في المركز الثالث في انتخابات الجولة الأولى، أنها ستدعم الجنرال بافيل في سباق المرحلة الثانية، وتضع كافة مساحاتها الإعلانية لمصلحته، فيما وصفت رئيس الوزراء السابق بأنه «عنوان الشر، وأنه لا يجب أن يصل إلى السلطة».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2dyxut72

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"