النفط والتضخم

21:31 مساء
قراءة 4 دقائق

جيمي ماكغيفر*
مع بداية السنة الجديدة، انخفض السعر القياسي العالمي للنفط عن مستواه قبل عام، للمرة الأولى، منذ ما يقرب من عامين، وهي علامة مهمة تزيد من التدقيق في الموقف المتشدد المستمر لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن التضخم. ويأتي التراجع السنوي في خام «برنت» إلى حدود 80 دولاراً للبرميل، في أعقاب تحولات أسعار مماثلة مؤخراً، في الطاقة والسلع، مثل الغاز الطبيعي والنحاس والقمح، بعد بلوغه ذروة 14 عاماً، عند 130 دولاراً في مارس/ آذار الماضي، وكان أعلى من 100 دولار للبرميل في يوليو/ تموز. وعلى خلفية تباطؤ النشاط الاقتصادي والطلب، تشير التأثيرات الأساسية بقوة، إلى أن التضخم الأوسع قد بلغ ذروته وفي طريقه للانخفاض السريع في الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، يُظهر الاحتياطي الفيدرالي إشارات قليلة لفك الخناق. في وقت يهتم فيه صناع السياسة بما يرون أنه تضخم ثابت في الخدمات، وسوق عمل ضيقة أكثر من اهتمامهم بالمخاطر المتزايدة للركود.
قد يكون من الصعب المضي قدماً لفترة أطول بالنهج نفسه في حال استمر الانكماش في المجالات الرئيسية، مثل الطاقة والسلع، وتراجع تضخم أسعار المستهلكين الأوسع إلى نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
ويعتقد غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في «EY-Parthenon»، أن هذه الديناميكيات المضادة للتضخم سوف تزداد، لدرجة أن تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة قد ينخفض إلى أقل من 2% بحلول نهاية العام.
وقال داكو: «ستستمر نبرة صانعي السياسة المتشددة، لكن سيصبح من الصعب استنباط رواية ما. إنه انعكاس لحقيقة أن أدوات بنك الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم فظة للغاية»، في إشارة إلى سعر الفائدة المرتفع على الأموال الفيدرالية.
وأظهر محضر اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والذي نُشر مطلع العام الجديد، أن صانعي السياسة يريدون «المرونة والاختيارية» في تحركات التشديد المستقبلية. لكنهم شددوا في المقابل على أن هذا لا يعني أن حجم التزامهم بمكافحة التضخم آخذ في الانكماش، وقد أظهر المحضر بالفعل عدم وجود سياسي واحد يتوقع خفض أسعار الفائدة هذا العام. وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يتغير الكثير في غضون الأشهر المقبلة.
ومن الجدير بالذكر أنه في ديسمبر/ كانون الأول 2021، أشارت توقعات مخطط النقاط المتوسطة، أو ما يُعرف بـ«دوت بلوت»، إلى معدل أموال فيدرالية بنسبة 0.9% في نهاية عام 2022، و1.6% في نهاية 2023. وتُعرف «دوت بلوت» بأنها سعر فائدة رئيسي قصير الأجل يمكن أن يؤثر في عوائد المدخرات ومعدلات قروض المستهلك.
في السياق ذاته، أكدت الحرب في أوكرانيا، واختناقات العرض العالمية مقولة أن التضخم كان بعيداً عن كونه عابراً، وأنهت أسعار الفائدة الأمريكية العام الماضي، على ارتفاع فاق الـ 4%. ووفقاً للعديد من صُناع السياسات ومؤشرات السوق الحالية، من المتوقع أن تصل الأسعار إلى 5% على الأقل، هذا العام.
وانخفض معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في الولايات المتحدة للشهر السادس توالياً، إلى 6.5% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من ذروة 40 عاماً عند 9.1% في يونيو/ حزيران، ويتوقع معظم الاقتصاديين مزيداً من الانخفاض بمساعدة ديناميكيات أسعار النفط التي ستحدد سرعة وحجم هذا الهبوط.
وهنا يقدر داكو من «EY-Parthenon» أن كل تحرك 10 دولارات للنفط يعادل نحو 0.2 نقطة مئوية للتضخم السنوي، ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه بسبب التأثيرات الأساسية في أسعار الطاقة والسلع الأساسية الأخرى، لكن بدرجات متفاوتة.
لقد تحول التغيير السنوي في العقود الآجلة المتداولة لنفط غرب تكساس الوسيط في الولايات المتحدة إلى سلبي بشكل متقطع منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، وفعلت عقود الغاز الطبيعي الشيء نفسه، وبشكل عابر فقط، لكن من دون أن يتأثر أعلى سعر في 14 عاماً حتى أغسطس/ آب، أما النحاس فكان سلبياً منذ إبريل/ نيسان.
ووفقاً لمركز «بيو» للأبحاث، ظلت تكاليف السلع والطاقة محتفظة بوزن ملحوظ في مؤشر أسعار المستهلك، حيث بلغت سلع النقل، باستثناء وقود السيارات نحو 8% والطاقة 7.5% من المعدل العام.
ويقول داني بلانشفلاور، أستاذ الاقتصاد في كلية دارتموث والخبير السابق في بنك إنجلترا، إن أكثر حجج التأثير الأساسي إقناعاً تأتي من أرقام التضخم الرسمية نفسها. وبحسب مكتب إحصاءات العمل، بلغ متوسط المعدل الشهري غير الموسمي لتضخم أسعار المستهلكين في النصف الأول من العام الماضي 1%. وفي الأشهر الخمسة التالية، انهار ذلك إلى 0.1% في المتوسط.
فإذا كان المعدل السنوي للتضخم هو بشكل عام مجموع 12 معدلاً شهرياً، فإن الارتفاعات الجامحة تاريخياً في النصف الأول من العام الماضي على وشك التراجع عن الحسابات القادمة. وأضاف بلانشفلاور: «التأثيرات الأساسية تتراجع الآن. ومن الطبيعي الاعتقاد بأنه، على أساس التأثيرات الأساسية وحدها، سيكون التضخم أقل من 2% بحلول يونيو/ حزيران المقبل»، مشيراً إلى أن فترات التضخم المرتفع غالباً ما يتبعها انخفاض، إن لم يكن انكماشاً مباشراً.
* كاتب في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5nphj9sb

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"