العالم متمسك بدولاراته

21:19 مساء
قراءة 3 دقائق

جيمي ماكغيفر*

على الرغم من كل الضجيج حول فطم العالم نفسه عن الدولار الأمريكي، تُظهر الأرقام أن البنوك المركزية ومؤسسات القطاع الخاص على حد سواء تواصل زيادة حيازاتها من السندات المقومة بالدولار.

وعلى الرغم من التقارير العديدة الأخيرة حول تنويع الاحتياطيات، وإعادة التنظيم «الجغرافي الاقتصادي»، فضلاً عن تحرك الصين لتدويل استخدام اليوان، لا يوجد دليل على أن العالم استهل السنة الجديدة بعمليات بيع مكثفة للأصول «الدولارية». في الواقع ما زال القطاع الرسمي يشتريها، والخاص كذلك، وفقاً لتحليل خزائن البنوك المركزية العالمية.

كما أظهرت البيانات المعدلة من الاقتصاديين في مجلس الاحتياطي الفيدرالي كارول بيرتاوت وروث جودسون أن البنوك المركزية في الخارج ومؤسسات القطاع الخاص كانت مشترياً صافياً لسندات الخزانة الأمريكية في الشهرين الأولين من هذا العام. وكان القطاع الخاص في الخارج أيضاً من بين المشترين الأقوياء لديون الوكالات الأمريكية، مما زاد من التشكيك في الرواية السائدة في بعض أوساط السوق بأن وضع الدولار كعملة بارزة في العالم آخذ في التآكل السريع.

وبحسب تقديرات بيرتاوت وجودسون، بلغ إجمالي تدفقات البنوك المركزية الأجنبية على سندات الخزانة الأمريكية في فبراير/ شباط 47.6 مليار دولار، على الرغم من أن القيمة الاسمية للمخزون انخفضت بمقدار 20 مليار دولار إلى 3.44 تريليون دولار.

وقد تم في الغالب حل هذه المشكلة من خلال انخفاض أسعار سندات الخزانة في فبراير. حيث انخفض مؤشر الخزانة الإجمالي «ICE BofA»، وهو وكيل للسعر الواسع للديون السيادية الأمريكية عبر نطاق الاستحقاق، بنسبة 2.4% في تلك الفترة. ومع أخذ أرقام يناير/ كانون الثاني في الاعتبار، بما في ذلك تدفقات القطاع الخاص، نجد أن الحيازات العالمية من سندات الخزانة ارتفعت بقيمة صافية قدرها 28.9 مليار دولار في الشهرين الأولين من العام، وبلغ صافي مشتريات ديون الوكالات 22.4 مليار دولار، وذلك وفقاً لبيانات بيرتاوت وجودسون.

بدوره يعتقد ستيفن إنغلاندر، رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد»، أن البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم ستزيد من تعرضها لعملات أخرى غير الدولار. لكنها ستكون عملية بطيئة و«هزيلة» حتى لو استمرت طويلاً.

يقول إنغلاندر، وهو الخبير باتجاهات احتياطيات العملات الأجنبية العالمية: «ستصاب بخيبة أمل إذا اعتقدت أن إلغاء»الدولرة «يعني توقف شراء الدولار. فالشراء لا يزال موجوداً، والجدال فقط عند نقطة السعر الأرخص». مضيفاً، بأنه حتى أكبر المتشككين بالعملة الأمريكية لا يرون تخارجاً كارثياً على الأصول المقومة بالدولار، فمن الصعب التعامل مع هذا الأمر بجدية نظراً لقلة البدائل.

منذ سنوات عديدة، والتقارير المرتبطة بزوال الدولار تبالغ إلى حد كبير بهذه الرواية، لكن النقاش أخذ منعطفاً جديداً هذا الشهر بعد مذكرة بحثية من ستيفن جين، رئيس «يورايزن كابيتال»، وخبير تدفقات رأس المال العالمي.

يجادل جين بأن الدولار عانى «انهياراً مذهلاً» في حصته السوقية كعملة احتياطية العام الماضي، والسبب على الأرجح كان استخدامه القوي في العقوبات الدولية المفروضة من أقوى دولة في العالم.

وأوضح جين أن حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية الرسمية تراجعت إلى 47% عام 2022، بانخفاض عن 55% في العام الأسبق، وعن 73% في عام 2001. كما أن فقدان الدولار لحصته السوقية العام الماضي كان أسرع بعشر مرات من التآكل المطرد على مدى العقدين الماضيين.

عموماً، تعتبر بيانات صندوق النقد الدولي حول احتياطيات العملات الأجنبية معياراً عالمياً. وقد أظهرت تلك البيانات أن حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية في نهاية العام الماضي بلغت 58.4%، وهو أدنى مستوى منذ إطلاق اليورو عام 1999.

ولا يزال من الممكن أن ترتفع المشتريات الدولية للأصول الدولارية، حتى مع تقلص حصة العملة من إجمالي الاحتياطيات ببطء، وهو ما يبدو أنه يحدث. ومع ذلك، أظهرت أرقام بيرتاوت وجودسون أن تدفقات البنوك المركزية الأجنبية على سندات الخزانة ارتفعت العام الماضي بمقدار 4.7 مليار دولار، وبلغ صافي المشتريات المعدلة حسب التقييم لسندات الوكالات الأمريكية 97.3 مليار دولار، غالبيتها العظمى من الصين.

* كاتب في (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/unuftnwk

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"